الطلب المتزايد على الكهرباء مع التخلص من الفحم أكبر تحديين يواجهان قادة قمة المناخ "كوب 27" مصر

مايكل بلومبرغ: البيانات يمكن أن تطلق استثمارات خضراء ضخمة جديدة

توربينات رياح تولد الطاقة النظيفة - المصدر: بلومبرغ
توربينات رياح تولد الطاقة النظيفة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

تنمو الاقتصادات بسرعة كبيرة في مختلف أنحاء العالم النامي، ما ينتج عنه زيادة كبيرة في الطلب على الطاقة. ويُعَدّ التحدي الأساسي الذي يواجه القادة في قمة المناخ "كوب27" مصر هذا الأسبوع هو كيفية تلبية هذا الطلب المتزايد، وتوصيل الكهرباء إلى مليار شخص تقريباً، ممن لا يزالون يفتقرون إليها، فيما يتخلصون تدريجياً في الوقت نفسه من محطات توليد الكهرباء باستخدام الفحم، المسؤولة بالدرجة الأولى عن تغير المناخ، وتسبب المرض والإعياء.

تتطلب مواجهة هذا التحدي مبالغ هائلة من رأس المال العام والخاص الجديد لتمويل مشروعات الطاقة النظيفة. وإذا كنا نأمل في الانتصار بالحرب ضد تغير المناخ، فإن أفضل التقديرات تشير إلى أنه بحلول 2030 -وهو تاريخ قريب للغاية- يجب أن يبلغ الاستثمار العالمي في الطاقة النظيفة 4 أضعاف نظيره في الوقود الأحفوري على الأقل، وأن يحتل صدارة المشهد تدريجياً، مع توجيه كثير من هذه الاستثمارات إلى العالم النامي. لكن حتى الآن لم نقترب من هذا المستوى بأي درجة.

لكنْ هناك سبب يدعو إلى التفاؤل، لأن الشركات والمستثمرين يدركون بشكل متزايد مخاطر التخاذل عن اتخاذ أي إجراء، والفرص التي يوفرها التحول إلى الطاقة النظيفة. على سبيل المثال: من خلال "تحالف جلاسكو المالي لأجل تحقيق صافي الانبعاثات الصفرية" (Glasgow Financial Alliance for Net Zero)، التزم أكثر من 550 شركة في 50 دولة تقريباً خفض الانبعاثات عبر محافظها الاستثمارية إلى صافي الانبعاثات الصفرية. لكنهم غالباً لا يملكون البيانات التي يحتاجون إليها للوفاء بهذه الالتزامات. وغالباً ما تصطدم إرادتهم في الاستثمار داخل الدول النامية بالمخاطر المتصورة، والسياسات البالية، ونقص المشاريع الجاهزة للاستثمار.

شفافية البيانات حل جديد لتغير المناخ

تلك المشكلات قابلة للحل إلى حد كبير، وهذا الأسبوع تسهم كل من "بلومبرغ إل بي" (Bloomberg LP) و"بلومبرغ فلانثروبيز" (Bloomberg Philanthropies) بطرق مختلفة في تنفيذ 3 خطوات يمكن أن تحقق تقدماً مهماً، وتتمحور كلها حول فكرة أساسية لإدارة أي مشكلة تقريباً، وهي: شفافية البيانات.

تتمثل الخطوة الأولى في إطلاق جهد جديد لتوحيد وتعزيز أسواق الكربون الطوعية، التي تعاني من المشكلات، بالتعاون مع عدد من الشركاء، من بينهم مجموعة "ثري كيرنز" (Three Cairns) التابعة للمستثمر الأميركي مارك غالوغلي.

في الوقت الحالي، يمكن للشركات التي ترغب في تعويض استخدامها من الوقود الأحفوري شراء أرصدة الكربون من المنظمات التي تعِد بخفض الانبعاثات من خلال منشآت الطاقة النظيفة الجديدة، أو إعادة التشجير، أو غيرها من المشروعات.

لكن بيع وشراء هذه الاعتمادات يجري التعتيم عليه، كما أن الأسعار ليست موحدة. وغالباً لا تفي المشروعات بوعودها، ولا يمكن للمشترين التأكد من أن ما سيحصلون عليه حقيقي، ولا يمكن محاسبة البائعين.

سوق موثوقة لتعويضات الكربون

يمكن أن يشكل وجود سوق شرعية وموثوقة وفعالة لتعويضات الكربون وسيلة قوية لتوجيه مزيد من رأس المال للمشروعات التي تخفض الانبعاثات أو تمنع حدوثها، ولهذا السبب نجمع معاً مجموعة عالمية من القادة عبر الحكومات والشركات والأوساط الأكاديمية والمنظمات غير الربحية من أجل إطلاق مثل هذه السوق. كما نعتزم توفير عقود موحدة عبر تشكيل هيئة إشرافية تسمى "غلوبال كربون تراست" (Global Carbon Trust)، مع مراقبة الالتزامات، وسيجري الإبلاغ عن الجهات المخالفة، وستكون البيانات متاحة للجمهور.

كل هذا سيساعد في تحقيق مزيد من الشفافية والمساءلة في أسواق الكربون، وجذب رأسمال أكبر للمشروعات التي تُخفض الانبعاثات.

أما المبادرة الرئيسية الثانية، التي ساعدنا في إطلاقها على هامش قمة المناخ "كوب 27"، فستستخدم نفس معايير البناء، التي تركز على الشفافية، والبيانات، والتوحيد القياسي لجذب مزيد من الاستثمار إلى مشروعات البنية التحتية الخضراء. سنساعد في قيادة عملية تنفيذ نظام تمييز مشروعات البنية التحتية، مثل تقييمات "ليد" (LEED) المخصصة للمباني، التي ستسمح للمستثمرين بمعرفة ما إذا كانت تلبي معايير الاستدامة. وسيشمل نظام تمييز المشروعات جميع أنواع البنية التحتية الأساسية، من شبكات نقل الكهرباء، إلى مرافق معالجة مياه الصرف الصحي وإدارتها، وحتى شبكات النقل ومراكز البيانات.

يمكن أن يساعد نظام تمييز المشروعات في تسريع التقدم العالمي بشأن تغير المناخ من خلال دفع مزيد من رأس المال إلى مشروعات البنية التحتية الخضراء. كما سنساعد في تصميم معايير النظام وجمع البيانات حول مشروعات وأصول البنية التحتية المختلفة، بالتعاون مع الشركاء في مؤسسة "بازل" العالمية للبنية التحتية (Global Infrastructure Basel Foundation)، بحيث يمكن للمستثمرين القياس عليها بسهولة.

بوابة معلومات الطاقة النظيفة

أما الخطوة التقدمية الثالثة التي اتخذناها في مؤتمر المناخ "كوب 27" فهي الإعلان عن توصيات لبوابة بيانات جديدة، ستجمع معلومات المناخ التي تحتاج إليها الشركات في مكان واحد، وتجعلها متسقة وقابلة للمقارنة، وذلك بالشراكة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

في الوقت الحالي، لدينا القليل جداً من البيانات حول مقدار الانبعاثات التي تتحملها الشركات كل على حدة، والبيانات المتوفرة عندنا بالفعل غير متاحة للجمهور. ستساعد بوابة البيانات، التي نعمل مع الحكومات ومقدمي خدمات البيانات لإطلاقها على إصلاح ذلك، مع تمكين المستثمرين من اتخاذ قرارات مستنيرة، ومنحهم نفوذاً لدفع الشركات للعمل بشكل أسرع، والسماح للجمهور وصانعي السياسات بمساءلة الشركات عن الوفاء بالوعود التي قطعتها على نفسها.

ستساعد مبادرات شفافية البيانات الثلاث هذه في تسريع الاستثمار الخاص بالطاقة النظيفة، لا سيما في العالم النامي، إذ لا تزال مئات محطات الفحم تعمل هناك. ونعلم أنه يمكن التخلص التدريجي من الفحم عبر توسيع نطاق الوصول إلى الكهرباء المولدة باستخدام الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة. وفي الولايات المتحدة ساعدت حملة نادي سييرا (Sierra Club) التي دعمناها بقوة، وحمَلت شعار "ما بعد الفحم" (Beyond Coal)، في إغلاق 68% من محطات الفحم على مدار العقد الماضي، كما مهدت لإغلاق أكثر من نصف المحطات الأوروبية.

في قمة المناخ "كوب 27"، أعلنا عن خطط لدعم تقدم هذا العمل وتوسيعه ليشمل مزيداً من الدول في مختلف أنحاء أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، كجزء من هذا الجهد، وسنساعد الحكومات والشركات على العمل معاً بشكل وثيق لتغيير السياسات التي تفضل الوقود الأحفوري، وتحديد مشروعات الطاقة النظيفة المحتملة، وجعلها جذابة للمستثمرين.

ختاماً، يمكن القول إنّ إتاحة الطاقة النظيفة بسرعة كما نحتاج إليها هي أكبر معارك عصرنا. وعند توافر البيانات الصحيحة والشراكات الوثيقة عبر المجتمع، يمكننا الفوز بهذه المعركة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك