إجبار الدول الغنية على تعويض الدول النامية عن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الاحتباس الحراري قضية خلافية يُرجّح أن تُدرج على جدول الأعمال الرسمي لمحادثات المناخ، التي ستعقد في مصر الشهر المقبل، إذ قال السفير محمد نصر، كبير مفاوضي المناخ المصريين: "هناك احتمال كبير أن تدرج هذه المسألة على جدول الأعمال بناءً على نتائج المناقشات والمداولات التي جرت في الشهر الماضي أو نحو ذلك".
تدعم هذه التصريحات أنباء مفادها أن الولايات المتحدة ستؤيد إجراء مفاوضات رسمية بشأن التعويضات المناخية المحتملة، وفقاً لتصريحات مسؤولين كبار بالإدارة يوم الأربعاء. كما أكدت وزارة البيئة الكندية لـ"بلومبرغ" أنها تدعم وجود "الخسائر والأضرار" على جدول الأعمال.
أضاف نصر أن الترتيبات المالية يمكن أن تُقدّم من خلال صندوق جديد أو نسخ محسنة من آليات المساعدة الموجودة بالفعل. وقال في مقابلة أجريت معه في مكتبه بالقاهرة يوم الأربعاء: "مناقشة النتيجة النهائية للقضية في أيدي الأطراف". تتمثل الخطوة الأولى "في نقل المسألة من كونها مناقشة عامة تحدث مرة واحدة في العام" إلى "مشكلة منتظمة ذات إطار زمني محدد يقدم نتائج متوقعة".
بعد تعهدات العام الماضي الباهرة.. كيف تتراجع الحكومات عن قضايا المناخ عالمياً؟
من يدفع الثمن؟
بينما يستعد الدبلوماسيون وزعماء العالم لقمة الأمم المتحدة السنوية للمناخ الشهر المقبل، المعروفة باسم "مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2022" (COP27)، سوف يتجدد التركيز على الخلاف طويل الأمد حول من يجب أن يدفع ثمن الضرر الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة. ستدعو الخطب والمفاوضات الدول الغنية الملوثة للمناخ إلى تحمل المسؤولية عن الأضرار المناخية التي عانت منها البلدان منخفضة الانبعاثات.
قضية الخسائر والأضرار - أو مقدار الدعم المالي الذي يجب أن تقدمه الدول الغنية لمساعدة الدول النامية على التعامل مع عواقب انبعاثات الاحتباس الحراري - عانت على مدى سنوات حتى تحظى بمكانة بارزة. ففي القمم الماضية، كان من شأن أي اقتراح لإدراجها كبند في جدول الأعمال أن يشعل معركة بين الدول الغنية والفقيرة، ما أبقى القضية مجرد مناقشة جانبية.
لكن مصر تعمل على تضييق الفجوة، وهناك مؤشرات جديدة على أن الموضوع سيُعامل باهتمام أكبر من أي وقت مضى في "مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2022". فقد قدمت الفيضانات المدمرة التي حدثت هذا الصيف - تلك التي خلفت ملايين الباكستانيين في حاجة ماسة للمساعدة - دليلاً جديداً قوياً يدعم الحجة الأخلاقية والسياسية للتعويضات المناخية.
وزير باكستاني: أضرار الفيضانات تتجاوز 10 مليارات دولار بكثير
يشير إيجاز من اجتماع مبعوثي المناخ في القاهرة في سبتمبر إلى اتفاق واسع على أن "الخسائر والأضرار" ستكون على جدول أعمال المؤتمر. ورغم أن النطاق والشكل لن يتم تحديدهما بالكامل في جدول الأعمال الرسمي، فإن مصر تأمل في التوصل إلى التفاصيل خلال الأسبوعين الذين سيشهدان مناقشات القمة التي تعقد في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر.
تنفيذ الوعود
في "مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2022"، تريد مصر أيضاً التركيز على تنفيذ الوعود التي قُطعت منذ "اتفاقية باريس" لعام 2015، من الحد من الانبعاثات إلى التكيف مع تغير المناخ. بموجب "اتفاق باريس"، وافقت الدول المتقدمة على تقديم حوالي 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020 لمساعدة الدول النامية على التكيف مع المناخ المتغير وتمويل الانتقال للطاقة الخضراء. لكنها تخلفت عن التزاماتها بمليارات الدولارات، وتم وضع هدف جديد للوصول إلى المبلغ بحلول عام 2023.
العالم يحتاج إلى إنفاق 110 مليارات دولار سنوياً لتخفيض انبعاث غاز الميثان
تتخبط الدول الغنية الآن بميزانياتها التي استنفدت نتيجة تدابير الدعم خلال الوباء وأزمة الطاقة العالمية التي أشعلها الغزو الروسي لأوكرانيا.
قال نصر إن هذا لا ينبغي أن يؤثر على الالتزامات - وتريد مصر من الدول المتقدمة في "مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2022" أن تتفق على المزيد من المبالغ التي سيتم تحويلها بعد عام 2025. أضاف نصر "لن ينتظر تغير المناخ كل بلد أو كل مجموعة من البلدان لإصلاح قضاياها الوطنية ثم تعود بعد ذلك".
ذكر نصر أيضاً: "سنواجه الكثير من العقبات مثل التي نواجهها الآن، الوضع الجيوسياسي، كوفيد، الركود، ارتفاع التضخم، ارتفاع أسعار الفائدة. كل هذه تحديات. إذا لم تكن ملتزماً بالقضية وتحقيق الأهداف، فإن كل واحد من هذه التحديات سيدفعنا إلى الوراء وسنكون دائماً نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء".