يتعين على العازمين على شراء سيارة كهربائية استيعاب الوضع الحالي؛ إذ يرغب ربع السائقين الأميركيين في شراء سيارة واحدة، لكن المصانع الأميركية تنتج 4% منها فقط.
أنتجت مصانع أميركا الشمالية 323 ألف سيارة عاملة بالبطارية فقط من بين 7.4 مليون سيارة وشاحنة تم إنتاجها خلال النصف الأول من هذا العام، وفقاً لـ"بلومبرغ إن إي إف"، و"إل إم سي أوتوموتيف" (LMC Automotive) المتخصصة في توقعات السوق.
تؤشر هذه الإحصاءات إلى ندرة توفّر خيارات السيارات الكهربائية ميسورة التكلفة، ما يعني أن حصول جميع الحالمين بشراء سيارة كهربائية في الولايات المتحدة قد يستغرق سنوات.
يقول كوري كانتور، المحلل لدى "بلومبرغ إن إي إف": "رأيت تفوق الطلب على العرض في العامين الماضيين أو نحو ذلك، وبالنسبة لي، يعتمد الأمر على الإنتاج الآن".
برز هذا الاختلال في توازن الإنتاج بسبب التعقيدات الاقتصادية والتصنيعية مجتمعة. وتقول شركات تصنيع السيارات إنها بحاجة إلى الاستمرار في بيع مركبات الاحتراق الداخلي من أجل تمويل البحث والتطوير الضروري للانتقال إلى السيارات الكهربائية. في نفس الوقت، يهرع الكثيرون إلى تأمين إمدادات البطاريات وإضافة خطوط تجميع المركبات الكهربائية، ووضع مواعيد نهائية طموحة لإيقاف السيارات العاملة بالغاز.
صعوبة اللحاق بالطلب
يجد مُصنّعو السيارات صعوبة في اللحاق بالاهتمام المتسارع والمتزايد بالخيارات الكهربائية من قبل المستهلكين. لم يُنتج يعض عمالقة تصنيع السيارات في العالم، بما في ذلك "هوندا" و"ستيلانتس" و"تويوتا"، سيارة كهربائية أميركية، في حين مثَّلت "تسلا" أكثر من ثلاثة أرباع السيارات الكهربائية المُنتجة في أميركا الشمالية خلال النصف الأول من هذا العام. وتنتج المصانع الآسيوية، في غضون ذلك، نحو خمسة أضعاف عدد المركبات الكهربائية تقريباً، وفقاً لـ"إل إم سي"، مقابل الضعف للإنتاج الأوروبي تقريباً.
تقول كاثي غيرش، مؤسِّسة شركة "كوتير إنترناشيونال" (Kotter International) للاستشارات: "ستواجه مشكلات في التدفق النقدي إن قمت بالاستثمار في المخزون مبكراً للغاية، وستفقد الطلب إن استثمرت متأخراً جداً. هم تأخروا كثيراً بالفعل في هذه الحالة".
مع ظهور الشركات الناشئة الكهربائية مثل "ريفيان" (Rivian)، تقول "غيرش" إن الوضع بالنسبة لشاغلي المناصب في قطاع السيارات لا يختلف عن قيام شركة "بلوك باستر فيديو"(Blockbuster Video) بإطلاق خدمة الأفلام عبر البريد الإلكتروني سوى بعدما جمعت "نتفلكس" أكثر من مليون مشترك. وتقوّض حصة المركبات منعدمة الكفاءة، والتي تسيطر على خطوط التجميع المحلية، تخفيض الكربون في السيارات الكهربائية الناشئة بشكل كبير.
على سبيل المثال فإن مصنع "ستيلانتيس" في ديترويت، وهو أحد أكثر مصانع السيارات انشغالاً في القارة، قام بوقف إنتاج نحو 175 ألف مركبة في النصف الأول من العام، جميعها تعود لـ"جيب غراند شيروكي" (22 ميل للغالون تقريباً) و"دودج دورانغوس" (ما يقارب 18).
كما وصل حجم إنتاج السيارات الكهربائية إلى 3% في "فورد" بأميركا الشمالية خلال النصف الأول من العام، في حين شكّلت الشاحنات الكبيرة العاملة بالغاز وسيارات الدفع الرباعي أكثر من ثلثي إنتاجها المحلي. وصنّعت الشركة نحو 34 ألف سيارة "موستانغ ماك-إس" للدفع الرباعي الكهربائية المدمجة، وأوقفت إنتاج ما يقرب من ضعف شاحنات "برونكو" الصغيرة القوية التي تدير نحو 20 ميلاً لكل غالون غاز.
ضغوط على الإيرادات
يُدرك المسؤولون التنفيذيون في قطاع السيارات انتشار الاهتمام بالسيارات الكهربائية، ويمكن القول إن التقدم البطيء في كهربة المركبات يُعدّ عملاً تجارياً ملائماً. وعانت "فورد" مثلاً من جني الأرباح من سياراتها الكهربائية، وهو ما يعود جزئياً إلى ارتفاع تكاليف السلع الأساسية. ورغم أن الصناعة تعاني نسبياً من اكتظاظ مساحات مصانعها، إلا أن إنتاج البطاريات الكبيرة بدأ ينتشر فيها ببطء، وبالتالي لن تتمكّن "ستيلانتيس" من إيجاد مصدر للبطاريات في أميركا الشمالية حتى عام 2024.
قال جون لولر، المدير المالي لدى "فورد"، للمحللين في مؤتمر في يونيو: "ستشهد ضغوطاً على الإيرادات الصافية بعد إطلاق سياراتنا الكهربائية. لن يكون الأمر إيجابياً".
يُفسّر محلل "بلومبرغ إنتليجنس"، كيفين تاينان، الأمر بهذه الكلمات البسيطة: "ليست كل عملية بيع جيدة".
من المرجح أن تنتشر السيارات الكهربائية حيث تتوقع "إل إم سي" مضاعفة أميركا الشمالية لإنتاجها بأربع مرات تقريباً في عام 2025. وتسعى شركة "فورد" إلى إنشاء ثلاثة مصانع للبطاريات ومصنعين للتجميع في جنوب شرق الولايات المتحدة، على أمل أن تُصنِّع 600 ألف مركبة كهربائية سنوياً في وقت ما العام المقبل، و2 مليون سنوياً في عام 2026. وتخطّط شركة "ستيلانتيس" لأن تُمثِّل السيارات الكهربائية نصف مبيعاتها في الولايات المتحدة عام 2030، كما افتتحت "جنرال موتورز" هذا الشهر مصنعاً مهماً للبطاريات في أوهايو، وحجزت طلباً لـ175 ألف جهاز عامل بالبطارية من قبل "هيرتز".
تُعتبر هذه الرهانات الكبيرة ضرورة وجودية في ظل هذا الطلب المتزايد، حتى وإن لم تكن الهوامش الربحية كبيرة مثلما يرغب التنفيذيون. قال "كانتور": "لا يوجد سبب يدعو مُصنّعي السيارات للانتظار في هذه المرحلة وإلا ستلتهم (تسلا) الحصة السوقية".