بات العالم برمته في قبضة تغير مناخي متسارع ولذلك أثر اقتصادي عميق

التغير المناخي يحيل أنهار العالم أحواضاً موحلة

ضفاف مكشوفة على طول نهر يانغتسي في ووهان بالصين بتاريخ 22 أغسطس.  - المصدر: بلومبرغ
ضفاف مكشوفة على طول نهر يانغتسي في ووهان بالصين بتاريخ 22 أغسطس. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

إنّ أنهار العالم تتلاشى، فالمياه تنحسر من الولايات المتحدة إلى إيطاليا وحتى الصين، ولم يتبق إلا ضفاف قاحلة من الطمي والأوحال. فرغت الأقنية وتحولت خزانات الماء إلى أمكنة مغبرة.

بات العالم برمته في قبضة تغير مناخي متسارع ولذلك أثر اقتصادي عميق. حيث يمثّل فقدان الممرات المائية خطراً جسيماً على طرق الشحن والزراعة وإمدادات الطاقة وحتى مياه الشرب.

جفّت تقريباً الأنهار التي كانت ضرورية للتجارة لعدة قرون، مهددة حركة التجارة العالمية للمواد الكيميائية والوقود والغذاء وسلع الأخرى.

كان نهر الراين، الذي يُعدّ أحد أعمدة الاقتصادات الألمانية والهولندية والسويسرية غير سالك تقريباً في بعض الأحيان خلال الأسابيع الأخيرة. أما نهر الدانوب الذي يمتد بطول 2850 كيلومتر عبر وسط أوروبا إلى البحر الأسود فكاد يكون غير سالك للملاحة أيضاً. تسهم أنهار وقنوات أوروبا بحوالي 80 مليار دولار في اقتصاد المنطقة كوسيلة نقل لحركة التجارة.

أدى الصيف القاسي في الصين لخسائر فادحة في نهر يانغتسي أطول أنهار آسيا. أعاق انخفاض منسوب المياه توليد الكهرباء في عدد من المحطات الكهرومائية الرئيسية. تعمد مدن ضخمة بينها شنغهاي بإطفاء الأنوار للحد من استخدام الكهرباء، وحذّرت شركة "تسلا" من حدوث اضطرابات في سلاسل توريد مصنعها المحلي. كما أغلقت شركتا "تويوتا موتورز" و"كونتيمبوراري أمبيريكس تكنولوجيز" (Contemporary Amperex Technology) (CATL) أكبر صانعة بطاريات للسيارات الكهربائية مصانعهما.

أصبح الجفاف الذي أصاب نهر كولورادو الذي يشكّل مصدر المياه لـ40 مليون شخص بين دنفر ولوس أنجلس شديداً لدرجة أن جولة ثانية من الانقطاعات الشديدة في المياه ضربت أريزونا ونيفادا والمكسيك. يروي النهر وروافده حوالي 4.5 مليون فدان من الأراضي، ويولّد نحو 1.4 تريليون دولار سنوياً من الفوائد الزراعية والاقتصادية.

يكشف انحسار المياه في جنوب غرب الولايات المتحدة عن جثث أناس مغرقة إضافة لآثار أقدام ديناصورات كانت مغمورة بالمياه ربما منذ ملايين السنين.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

لماذا تتقلّص الأنهار؟

تبدو الأسباب التي جعلت الممرات المائية العالمية تجف وتهزل معقدة، فهناك تأثير عاصفة لا نينا التي تعكّر الطقس، إلى جانب الجفاف المطوّل في عديد من المناطق وسوء الحظ أيضاً. لكن المحفز الأكبر وراء هذا التحول هو التغير المناخي.

قال دانيال سوين عالم المناخ بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلس: "إنه مزيج من عدد من العوامل التي أدت إلى هذا الحدث المتطرف بشكل خاص. لكن دور التغير المناخي واضح، ما زاد بشدة من احتمال حدوث كثير من موجات الحرارة التي تجاوزت الأرقام القياسية، والتي في بعض الحالات حطمت الأرقام القياسية."

قالت إيسلا سيمبسون، عالمة أبحاث الغلاف الجوي في المركز الوطني في بولدر بولاية كولورادو، أن ارتفاع درجات حرارة الأرض يعني أن ثلوجاً أقل ستتساقط على سلاسل الجبال، ما يعني تدفق كميات أقل من المياه إلى الجداول في الصيف أثناء ذوبان الثلج.

يمثّل ثلج الجبل خزاناً طبيعياً. قال سوين من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلس أنه عندما يتضاءل تساقط الثلوج تتلاشى منابع كثير من الأنهار من الولايات المتحدة إلى الصين إلى أوروبا إلى الشرق الأوسط.

أضاف سوين: "كان غياب الجليد والأنهار الجليدية الجبلية في جبال الألب أمراً استثنائياً هذا الصيف أيضاً، ما صدم حتى علماء المناخ وعلماء الجليد المخضرمين."

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

ظواهر نادرة

يبرد المحيط الهادئ الاستوائي بسبب ظاهرة لا نينا التي تسبّب اضطرابات في أنماط الطقس العالمية، ما يؤدي لهطول أمطار غزيرة في بعض المناطق وجفاف مناطق أخرى. يشهد العالم الحدث الثاني على التوالي من لا نينا وترتفع احتمالات أن يأتي عام 2023 بحدث آخر.

قال ريتشارد سيغر أستاذ الأبحاث في مرصد لامونت دوهرتي للأرض بجامعة كولومبيا: "يربط حدث لا نينا المستمر والقوي بين موجات الجفاف وانخفاض تدفق الأنهار في أميركا الشمالية وأوروبا والشرق الأوسط ونصف الكرة الجنوبي."

كما يعني ارتفاع درجات الحرارة عالمياً أن الممرات المائية تتبخّر فعلياً. أو كما يقول سيغر: إن الغلاف الجوي الدافئ "يمتص مزيداً من الرطوبة من سطح الأرض".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: غيتي إيمجز

المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: غيتي إيمجز

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك