تتزايد حدة الانتقادات، التي يوجِّهها دعاة حماية البيئة، إلى شركات تعبئة المياه، بسبب الكمية الهائلة من النفايات البلاستيكية التي ينتجها هذا القطاع، الأمر الذي دفع اثنتين من كبرى شركات تعبئة المياه العالمية إلى السعي للتوقُّف عن استخدام العبوات البلاستيكية.
تطوير نظام توزيع المياه
تخطط شركة "إيفيان" (Evian)- التابعة لـ"دانون" (Danone)- أن تبدأ في بيع أجهزة للاستخدام المنزلي تحتوي على عبوات تشبه البالون، بهدف التقليل من استخدام البلاستيك، في حين تعمل "نستله إس إيه" (Nestle SA) على تطوير نظام لتوزيع المياه، يوضع خارج المنزل، ويعتمد على عبوات مياه قابلة لإعادة التعبئة.
وتهدف هذه التحركات إلى تقليل الأثر البيئي لأيِّ شركة تعمل في تعبئة المياه من الينابيع الطبيعية، وتنقلها عبر مسافات طويلة، لأنَّ العبوات المستخدمة تسبِّب التلوث للمحيطات بعد التخلص منها في نهاية المطاف.
ولم ينتج عن بعض الجهود السابقة- التي هدفت لتقليل كمية البلاستيك المستخدمة، مثل تقليص حجم العبوات- إلا فروقات بسيطة فقط. أما الآن، ومع تزايد الضغوطات من قبل هيئات المستهلكين والسياسيين، فتدرس كبرى الشركات في القطاع اتباع تدابير أكثر جذرية.
ويتكوَّن نظام "إيفيان رينيو"- الذي طورته "دانون"- من قاعدة لتوزيع المياه وأسطوانة صغيرة قابلة للتبديل تتسع لـ5 لترات من الماء، وتحتوي الأسطوانة القابلة لإعادة التدوير على بلاستيك أقل بنسبة 66 % من عبوة "إيفيان" البلاستيكية بسعة 1.5 لتر، وتتميز بقلة سُمكها بحيث تتقلص لتتخذ شكلاً جديداً بعد كل استخدام، وتنكمش حين تفرغ.
جهود حكومية لتقليل الاعتماد على البلاستيك
وقالت متحدِّثة باسم شركة "نستله ووترز": "إنَّ النظام الجديد الذي سيتم طرحه خلال العام الجاري 2020، سيسمح للمستهلكين بالوصول إلى المياه المُفلترة- التي يمكن أن تقدِّم بنكهات مختلفة أو على شكل مياه فوّارة حسب الرغبة"، دون الكشف عن المزيد من التفاصيل.
وتكثف الحكومات حول العالم جهودها من أجل تقليل الاعتماد على البلاستيك، بدءاً من حظر استخدام مصاصات الشرب إلى فرض الرسوم على أكياس المتاجر، فيما وافق البرلمان الأوروبي في شهر مارس 2018 على حظر المواد الاستهلاكية البلاستيكية، ذات الاستخدام الواحد بدءًا من عام 2021.
ماذا تفعل الشركات؟
وانتقدت مجموعة حماية البيئة "غرينبيس" (Greenpeace) شركة "نستله" خلال اجتماعها السنوي العام في شهر أبريل 2019 لاعتمادها على البلاستيك ذي الاستخدام الواحد، وحثتها- باعتبارها أكبر شركة أغذية في العالم- على الاستثمار في أنظمة توصيل بديلة، تقوم على حاويات إعادة التعبئة.
ومن جانبه، قال "مارك شنايدر" (Mark Schneider)- الرئيس التنفيذي لشركة "نستله"- إنَّ مجرد إعادة استخدام البلاستيك لن يحلَّ مشكلة النفايات البلاستيكية.
وبرغم أنَّ برّادات المياه أصبحت جزءاً أساسياً من المنزل، ما يزال على "دانون" تجاوز تردد المستهلكين بخصوص استخدام أجهزة إضافية تقلِّص مساحة المطبخ المحدودة أصلاً.
ومن جهة أخرى، حقَّقت موزعات المياه الغازية من شركة "صودا ستريم إنترناشونال إل تي دي" (SodaStream International Ltd)، التي اشترتها شركة "بيبسيكو" (PepsiCo)، مقابل 3.2 مليار دولار عام 2018، نجاحاً غير متوقَّع.
ويلغي نظام "إيفيان رينيو" الحاجة إلى نقل عبوات المياه الثقيلة إلى المنزل عن طريق توفير خدمة التوصيل، إذ تتصل قاعدة الجهاز بتطبيق ينبِّه المستهلكين بموعد إعادة التعبئة، ويسمح لهم بتقديم الطلب عن طريق لمسة زر واحدة. ويهدف النظام إلى تعزيز ولاء العملاء، من خلال ربط المنتَج بالموزع، كما فعلت "نستله" في جهاز تحضير القهوة "نسبرسو" (Nespresso).
وستبدأ "إيفيان"، في سبتمبر من عام 2019، مرحلة تجريبية مدتها 4 أشهر مع 200 مستهلك في باريس ولندن، بهدف طرح النظام على نطاق أوسع لاحقاً. وقالت متحدِّثة باسم "دانون": "إنَّ التسعير لا يزال قيد المراجعة".
إعادة التدوير
ومن جهتها، أفادت "باتريشيا أوليفا" (Patricia Oliva)- مديرة التسويق في "إيفيان"- أنَّ الشركة تسير على طريق إلغاء أثرها الكربوني بحلول عام 2020، واستخدام البلاستيك المعاد تدويره فقط بحلول عام 2025، في حين أنَّها أنتجت 1.9 مليار عبوة في عام 2018.
وصرَّحت "أوليفا" في مقابلة قائلة: "بناءً على المحادثات التي أجريناها مع المستهلكين، من المهم لأولئك الذين يرغبون في الحصول على مياه معدنية طبيعية في منزلهم أن يكون لديهم حل أكثر استدامة وأكثر ملاءمة".
- كتب هذا المقال بمساعدة "توماس مولير" (Thomas Mulier)