يتنفس مئات ملايين الناس حول العالم هواءً ملوثاً بما يتجاوز إلى حدٍّ كبير الإرشادات الصحية، فيما يفاقم تغير المناخ مشكلة التلوث، وفقاً لتقرير تضمّن تحليلاً لبيانات جودة الهواء من عشرات آلاف محطات المراقبة.
قاست أجهزة الاستشعار مستويات تركيز الجزيئات التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرومتر أو أصغر، وتسمى (PM2.5)، وتأتي من عادم المركبات وانبعاثات محطات الطاقة والعواصف الصحراوية ودخان مواقد الطهي وحرائق الغابات. ربط العلماء التعرض لهذه الجزيئات بأمراض القلب والرئة، وسبع ملايين حالة وفاة مبكرة سنوياً.
تقرير : تلوث الهواء في الهند تسبب في خفض أعمار مواطنيها 8 سنوات
أصدرت منظمة الصحة العالمية في سبتمبر 2021، إرشادات لتقليل التعرض السنوي المقبول لجزيئات (PM2.5) إلى النصف، ليصل إلى خمسة ميكروغرام لكل متر مكعب من الهواء. لم تحقق أي دولة هذا المعيار الصارم في 2021، وفقاً للتقرير الصادر الثلاثاء عن شركة "آي كيو إير" (IQAir) السويسرية المتخصصة بصناعة أجهزة مراقبة جودة الهواء وتقنيات تنقيته.
قالت سوزان أنينبرغ، الأستاذة المشاركة في جامعة جورج واشنطن التي تدرس العلاقة بين الآثار الصحية لتلوث الهواء وتغير المناخ: "سيتعذر للغاية تلبية إرشادات منظمة الصحة العالمية". لم تشارك أنينبرغ في إعداد تقرير جودة الهواء.
بنغلاديش تتصدر
هذا التحدي أبرزته بيانات "آي كيو إير" التي جمعتها العام الماضي من محطات مراقبة الهواء الحكومية، وتلك التي تديرها مؤسسات خاصة وأفراد في 6475 مدينة في 117 دولة. حققت 222 مدينة فقط هدف منظمة الصحة العالمية، فيما تجاوز مستوى التلوث في 93 مدينة، 10 مرات إرشادات المنظمة.
سجّل الهواء في بنغلاديش أكبر تلوث على مستوى العالم في 2021، حيث بلغت تركيز (PM2.5) نحو 76.9 ميكروغرام لكل متر مكعب، وفقاً للتقرير، الذي قال إن "آسيا الوسطى والجنوبية لديها قدراً من أسوأ نوعيات الهواء في العالم، ولديها 46 مدينة ضمن قائمة أكثر 50 مدينة تلوثاً في العالم".
استبيان يظهر أن تغير المناخ أكثر ما يهدد أمن العالم
وسجّلت كاليدونيا الجديدة بنسبة 3.8 جزيئ أنظف هواء بجزر جنوب المحيط الهادئ، بينما سجّلت فنلندا أدنى تركيزات (PM2.5) بين الدول المتقدمة بنسبة 5.5 جزيئ.
بلغت التركيزات في الولايات المتحدة 10.3 جزيئ، حيث أشارت أنينبرغ أن المعيار الأمريكي لتلوث (PM2.5) هو 12 ميكروغراماً لكل متر مكعب. وأشارت إلى أن لجنة حماية البيئة الأمريكية أوصت أخيراً بخفض التلوث المسموح به إلى ما بين 8 و10 ميكروغرامات لكل متر مكعب.
تباين شديد
قالت غلوري دولفين هامز، رئيسة "آي كيو آير" التنفيذية في أمريكا الشمالية، إن التقرير يكشف عن تباين شديد في توافر بيانات جودة الهواء، في ظل توفر عدد محدود من محطات المراقبة في أفريقيا وأمريكا الوسطى وأمريكا اللاتينية. أضافت قولها: "ثاني أكثر الدول تلوثاً في 2021 هي تشاد، ولم تكن هذه البيانات متاحة في العام السابق من هناك. إن ذلك يسلط الضوء على أننا بحاجة بالتأكيد لبذل مزيد من الجهد فيما يتعلق بفجوة المعلومات الخاصة بجودة الهواء في هذه المناطق غير الممثلة بالتقرير بشكل وافٍ، التي يبدو أنها تتضمن مستوى مرتفع من تلوث الهواء".
غابات الأمازون تقترب سريعاً من نقطة اللا عودة
قالت أنينبرغ إن مشكلات المساواة هذه تتفاقم بسبب تغير المناخ، وأضافت أن: "تغير المناخ يُصعب حتى الوصول إلى معايير (PM2.5) الحالية لدينا. يساهم تغير المناخ مع مرور الوقت في حرائق الغابات الكبيرة ومزيد من الدخان والجفاف في عددٍ من المواقع، ما يؤدي إلى اختلاط الغبار بالهواء".
لكن الجهود المبذولة للحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عن طريق استبدال مركبات الوقود الأحفوري ومحطات الطاقة من شأنها أن تحسّن أيضاً من جودة الهواء. أشار التقرير إلى أنه في حين كان تركيز (PM2.5) في فيتنام في 2021 هو 24.7 جزيئ، فقد أقدمت أيضاً على إنشاء أكبر بنية تحتية للطاقة الشمسية على مستوى جنوب شرق آسيا واستغلال طاقة الرياح من البحار.