شرعت كندا في استقبال طلبات شراء أول إصداراتها من السندات الخضراء، في ظل حملة متجددة على مستوى العالم للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري؛ وبعد أن أعاد الغزو الروسي لأوكرانيا قضية الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة إلى بؤرة الضوء.
تُسوّق رابع أكبر دولة منتجة للنفط والخامسة من حيث إتاج الغاز الطبيعي سندات تبلغ قيمتها 5 مليارات دولار كندي (بما يعادل 4 مليارات دولار) يستجق أجلها في ديسمبر 2029 والتي قد يزيد العائد عليها 2.5 نقطة أساس فوق السندات الكندية المستحقة في شهر يونيو 2029، بحسب مصادر مطلعة على الموضوع. تشير التوقعات إلى أنه سيجري تسعير الصفقة في وقت أقربه يوم الثلاثاء؛ فيما قالت المصادر إن الوسطاء جمعوا فعلاً طلبات فاق إجماليها 9.5 مليار دولار كندي.
يأتي طرح كندا في سوق السندات الخضراء فيما تحلل الحكومات والمستثمرون حول العالم العواقب الجيوسياسية لحرب شنتها قوة كبرى في مجال الطاقة.
في حين أن برنامج السندات الخضراء للبلاد من الممكن أن يساعد الحكومة على تمويل المشاريع التي تحد من التلوث، إلا أنه يستثني قطاع النفط والغاز – وهو أكبر قطاع مساهم في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في كندا.
من جهته، قال بن كالديكوت، مدير مجموعة "أكسفورد للتمويل المستدام" في جامعة أكسفورد: "يعتبر عدم إدراج إطار عمل السندات الخضراء لدى الحكومة الكندية لقطاع النفط والغاز مسألة إيجابية تماماً، لأن ذلك يسهم في ضمان تحقيق المصداقية بشأن البيئة". تابع: "الشيء الذي تبدل في غضون الأسابيع الثلاثة المنقضية هو وجود اهتمام أكبر للغاية بالتحول السريع بعيداً عن الوقود الأحفوري لأسباب ترتبط بالشؤون الأمنية."
قالت الحكومة على موقعها على الإنترنت أن كندا تستثني أنشطة بما فيها النقل والتنقيب وإنتاج الوقود الأحفوري علاوة على الطاقة النووية من الاستخدام المحتمل لعائدات سنداتها الخضراء "امتثالاً لمعايير الاستثناء المشار إليها في في مؤشرات السندات الخضراء الرئيسية وتوقعات المستثمرين والسوق الخضراء".
جهود كبيرة
قال بن برونين، نائب الرئيس لقطاع الرمال النفطية والسياسات المالية والاقتصادية في "رابطة منتجي المواد البترولية": "لم تحقق الشركات المنتجة للرمال النفطية في كندا تطوراً استثنائياً على صعيد خفض كثافة انبعاثات الغازات الدفيئة فقط، في ظل تقنيات حديثة أكثر تنتظر تشغيلها، بيد أنها ستعمل أيضاً على التخلص من الانبعاثات على مستوى العالم مع مرور الوقت من القطاعات والبلدان ذات الأداء الهزيل". أضاف: "يتعين الإقرار بهذا في تصنيفات التمويل الأخضر وتمويل التحول لمصادر الطاقة المتجددة."
خلال الشهر الماضي، سعرت شركة "تاماراك فالي إنرجي" (Tamarack Valley Energy Ltd) أول سندات مربوطة بمعايير الاستدامة تصدر عن شركة تنقيب عن النفط والغاز في منطقة أمريكا الشمالية. قامت شركة "إنبريدج" (Enbridge)، عملاقة خطوط الأنابيب، ببيع أوراق مالية في السنة الماضية من خلال بيع السندات التي تفرض عقوبة على المُصدرين بزيادة تكاليف اقتراض في حال لم يمتثلوا لبعض المعايير البيئية والاجتماعية وقواعد الحوكمة.
ما تُضمنه الحكومات أو تستبعده نهائياً من معاييرها للسندات الخضراء يخضع لرقابة وثيقة من قبل المقترضين والمقرضين الآخرين لأنه ليس هناك إلى حد الآن معيار عالمي لهذه الأوراق المالية، وهو ما يتيح غالباً للمصدرين الحصول تكاليف اقتراض أقل مما لدى الديون التقليدية المشابهة جراء قوة طلب المستثمرين. مثلاً، كشف الاتحاد الأوروبي في شهر فبراير الماضي عن وجود خطط تتعلق بتصنيف الاستثمارات في بعض مشاريع الغاز والمشروعات النووية على أنها مستدامة.
وقال جون غورمان، الرئيس التنفيذي لـ "الرابطة النووية الكندية"، التي يوجد لديها شركة من بين أعضائها أصدرت أول سند أخضر لبرنامج للطاقة النووية إن "الذريعة القائمة على أنك تراعي الموقف الراهن هزيلة للغاية"؛ متابعاً: " تعتبر هذه بمثابة فرصة بالنسبة للقيادة الكندية حالياً."