إذا كان "مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021" قد ركّز على تعهدات الدول لتجنب تغير المناخ الكارثي؛ فإنَّ "مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2022"(COP 27) سيكون حول جمع السيولة اللازمة حتى تتمكّن الدول النامية من القيام بدورها.
زار ألوك شارما - الذي ترأس قمة الأمم المتحدة المناخية الأخيرة التي استضافتها المملكة المتحدة في جلاسكو - فيتنام وإندونيسيا في الأسبوع الماضي، وهما دولتان متوسطتا الدخل، وقد قالتا، إنَّ بإمكانهما تعزيز تعهداتهما بشأن المناخ بموجب "اتفاقية باريس"، كما تبحثان عن حزم مالية من الدول الغنية تسمح لهما بالابتعاد عن الفحم.
وفي حين يستعد لتسليم رئاسة المؤتمر؛ لم يخفف شارما من جهوده، وكذلك فعل جون كيري، مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص لشؤون المناخ، الذي زار القاهرة يوم الإثنين لإطلاق مجموعة العمل الأمريكية المصرية المعنية بالمناخ، التي ستسعى إلى تعزيز الأهداف قبل انعقاد "مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2022" الذي ستستضيفه مصر. سيركز اجتماع هذا العام بدرجة أقل على رفع أهداف خفض الانبعاثات، وأكثر على توفير التمويل المناخي للدول النامية - لإزالة الكربون والتعامل مع تأثيرات كوكب أكثر دفئاً.
تنفيذ التعهدات
يقول ألدن ماير، أحد المخضرمين في اجتماعات المناخ، وهو مشارك كبير في مجموعة الأبحاث "إي 3 جي" (E3G): "لن يحمل (مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي) تغييرات راديكالية مفاجئة تضع مجموعة جديدة وجريئة من الالتزامات... سيكون فعلياً من نوع (شمّر عن سواعدك، وانطلق إلى العمل)، وابدأ في تنفيذ بعض الأشياء التي التزمت بها بالفعل".
بعد تعهدات العام الماضي الباهرة.. كيف تتراجع الحكومات عن قضايا المناخ عالمياً؟
ويضيف أنَّ ميثاق جلاسكو وضع مواعيد نهائية جديدة يجب الوفاء بها. ستكون هناك مائدة مستديرة وزارية حول خفض الانبعاثات، وسيتعين على البلدان الغنية تحديد هدف المساهمات المالية لما بعد عام 2025. إنَّ إحراز تقدّم في قضية الخسائر والأضرار الخلافية، التي تقول الدول الفقيرة إنَّها تستحقها بسبب الأضرار التي لحقت بها بالفعل، هي مهمة أخرى ما تزال دون حل بعد سنوات من المحادثات.
مع اقتراب الاجتماع من نهايته في جلاسكو؛ كان الشعور بالإحباط واضحاً. تم تخفيف الالتزام العالمي بإنهاء استخدام الفحم، وفشلت البلدان المتقدمة في الوفاء بوعدها بجمع 100 مليار دولار سنوياً لتمويل المناخ بحلول عام 2020. في النهاية، أبقت سلسلة من التعهدات على فرصة الحفاظ على الاحترار عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. من جانبه، قال شارما في "مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة" يوم الخميس، بدون زيادة كبيرة في العمل؛ فإنَّ الهدف "سيفشل في أن يؤتي ثماره".
خطة بميزانية 100 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول الفقيرة في مواجهة تغير المناخ
كما زار شارما إندونيسيا لأنَّها ترأس هذا العام "مجموعة العشرين"، المسؤولة عن 80% من الانبعاثات العالمية. في العام الماضي، فشلت الدول الأعضاء في هذه المجموعة في الاتفاق على هدف شارما المتفائل المتمثل في "جعل الفحم من التاريخ"، وبدلاً من ذلك؛ استقرت فقط على خطة أكثر تواضعاً لإنهاء تمويل محطات الطاقة الأجنبية التي تعمل بالفحم.
معاناة الدول الفقيرة
حتى الآن، الدولة الأخرى الوحيدة التي وعدت علناً بتحديث تعهدها بموجب "اتفاقية باريس" هي مصر. من المتوقَّع أن يسلط الضوء على الدول الأفريقية التي تعد أقل المساهمين في ظاهرة الاحتباس الحراري، لكنَّها تشعر بعواقبها بشكل حاد. يعاني القرن الأفريقي، الذي يضم إثيوبيا وكينيا وأجزاء من الصومال، حالياً من أشد حالات الجفاف التي شهدها منذ 40 عاماً، والتي أودت بحياة أكثر من 1.5 مليون رأس من الماشية.
من المحتمل أن يتشكل العمل على ذلك من خلال تقرير رئيسي حول التكيف الذي يتم الانتهاء منه حالياً من قبل مجموعة من العلماء المدعومين من الأمم المتحدة، ومن المقرر نشره في 28 فبراير. سيؤدي ذلك إلى مزيد من الضغط على البلدان لتعزيز دفاعاتها ضد ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة كثافة هطول الأمطار، والإجهاد المائي.
كما تحدثت لينا ناندان، وزيرة البيئة الهندية، في "مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة" يوم الخميس. وقالت، إنَّ التركيز على مساعدة الدول النامية على التكيف مع آثار تغير المناخ أكثر أهمية من الضغط عليها لخفض الانبعاثات بشكل أسرع.
وأضافت في المؤتمر: "يجب أن تكون العدالة المناخية جزءاً من التكيف... أين الإنصاف إذا لم يتم فعل ذلك؟"