سترتفع المحيطات على طول سواحل الولايات المتحدة خلال العقود الثلاثة المقبلة بوتيرة أسرع مما كانت عليه في المئة عام الماضية، ما سيؤدي إلى المزيد من الفيضانات بالمدن الساحلية مثل نيويورك وميامي، وفقاً لأحدث التوقعات في هذا الصدد.
توقّع تقرير أصدرته الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) أن ترتفع مستويات سطح البحر بما يصل إلى 12 بوصة (30 سم) بحلول عام 2050.
وقال التقرير، الذي شاركت فيه عدة وكالات إنه بينما تتفاوت الكميات وفقاً للمنطقة، فإن ارتفاع منسوب المياه سيؤدي إلى مزيد من الفيضانات الساحلية وسيزيد حِدّة المدّ والجزر والعواصف.
وصرح بيل نيلسون، مدير الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء، خلال مؤتمر عبر الهاتف مع الصحفيين، بالقول: "مستويات البحار تواصل الارتفاع بمعدل ينذر بالخطر للغاية. وهذا يعرّض المجتمعات للخطر في جميع أنحاء العالم".
ويهدد ارتفاع منسوب المياه المدن الساحلية، بما في ذلك نيويورك وبوسطن وميامي، والتي تتعرض بالفعل للفيضانات بشكل معروف أثناء المدّ العالي الذي يحدث مع اكتمال القمر وولادته مجدداً. وتعد المنازل والشركات والطرق السريعة وغيرها من البنى التحتية على طول السواحل معرضة للأضرار الناجمة عن الفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحر.
ووفقاً لتقرير صادر عن وكالة "كور لوجيك" (CoreLogic) لعام 2021، فإن ما يقرب من ثمانية ملايين منزل، بتكلفة 1.9 تريليون دولار، مهددة بمخاطر هبوب العواصف.
نسب الارتفاع
يمكن أن ترتفع مستويات سطح البحر في مانهاتن بمقدار قدمين مطلع عام 2055، أو حتى بوقت متأخر من عام 2078، بحسب تأثيرات تغير المناخ، وفقاً لتقديرات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي. ويعيش حوالي 7895 شخصاً بمناطق منخفضة في مانهاتن، والتي من شأنها أن تغمرها المياه مع ارتفاع مستوى سطح البحر بأقل من قدمين.
وقال التقرير إن فيضانات المدّ العالي تضاعفت في نيويورك منذ عام 2000 وهي تحدث الآن من 10 إلى 15 مرة في السنة. زادت مرات الفيضانات سنوياً في ميامي وتشارلستون بولاية "ساوث كارولينا" من صفر إلى يومين في عام 2000 إلى حوالي خمسة إلى عشرة أيام اعتباراً من العام الماضي.
أوضح التقرير، الذي يقدم تحديثات لتوقعات مستوى سطح البحر بدءاً من عام 2017: "ستستمر هذه الزيادة في مستويات مياه البحر، وتتسارع بوتيرة أكبر، وستنتشر إلى مواقع أكثر خلال العقدين المقبلين". وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة تستعين بالأقمار الصناعية لقياس سُمك الجليد ومستويات ارتفاع المحيطات.
تأكيد متجدِّد
قالت جينا مكارثي، مستشارة المناخ الوطني بالبيت الأبيض في بيان: "تمثل هذه البيانات الجديدة بشأن ارتفاع البحر أحدث تأكيد على أن أزمة المناخ لدينا - كما قال الرئيس بايدن- تطلق إشارات تحذير حمراء. إننا يجب أن نضاعف جهودنا لخفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تنجم عنها تغيرات مناخية، وفي نفس الوقت، علينا أن نساعد مجتمعاتنا الساحلية لكي تصبح أكثر مرونة في مواجهة ارتفاع مستوى البحار".
من خلال ارتفاع الحرارة التي تعمل على إذابة الجليد، فمن المحتمل أن تساهم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو قدمين من ارتفاع مستوى سطح البحر عالمياً بحلول عام 2100، وفقاً للتقرير. وقد يؤدي الفشل في الحد من الانبعاثات المستقبلية إلى ارتفاع مستويات سطح البحر بمقدار 18 بوصة أخرى بحلول نهاية القرن لتصل إلى خمسة أقدام.
ويعد ساحل الولايات المتحدة من ولاية "نورث كارولينا" حتى ولاية "مين" نقطة ساخنة عالمية لارتفاع مستوى سطح البحر.
وسيؤدي الاحترار العالمي فوق 5.5 درجة فهرنهايت (3 درجات مئوية) إلى الذوبان السريع للطبقات الجليدية في "غرينلاند" و"أنتاركتيكا"، مما يؤدي إلى إطلاق تلك المياه في المحيطات. وقال التقرير إنه من الصعب وضع نموذج دقيق للضرر الذي يسببه "عدم استقرار الغطاء الجليدي".
وبالإضافة إلى الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، ساهم باحثون من وكالتي "ناسا" و"حماية البيئة والمسح الجيولوجي الأمريكية" ووزارة الدفاع ووحدة مهندسي الجيش والوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ في التقرير المكوَّن من 111 صفحة.