تشعر البنوك الأوروبية بالقلق من أنَّ الجهة المنظمة العليا ستستخدم اختبار الإجهاد المناخي القادم لرفع حد رأس المال.
ووفقاً لأعضاء جماعات الضغط الذين يمثلون الصناعة؛ يمكن أن يتم استخدام الكمية الهائلة من البيانات التي يجب على البنوك تقديمها لـ"البنك المركزي الأوروبي" لتبرير متطلبات رأس المال الأعلى قريباً في العام المقبل. قوبلت الجهود المبذولة لاستيضاح الأمور من "البنك المركزي الأوروبي" بمراوغة إلى حد ما، مما يزيد من مستوى القلق، بحسب المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها نظراً لخصوصية المداولات.
قال "البنك المركزي الأوروبي" في بيان عام، إنَّ الاختبارات هي فرصة للبنوك والجهة التنظيمية لمعرفة مدى هشاشتهم تجاه الطقس القاسي، والقوانين الأكثر صرامة المتعلقة بالمناخ. ولن يتم الإعلان عن نتائج الاختبارات الفردية للعامة، وقد سعى "البنك المركزي الأوروبي" لطمأنة الصناعة عبر اتخاذ نهج دقيق عند استخلاص لأي استنتاجات بشأن رأس المال. لكنَّه أكد أيضاً أنَّه سيتم التعامل مع تغيّر المناخ في نهاية المطاف مثل أي مخاطر أخرى.
البنوك الأوروبية غير مستعدة لاختبارات المناخ التاريخية لـ "المركزي الأوروبي"
في هذا السياق، قال جوزيف ديكرسون، المحلل في "مجموعة جيفريز المالية": "لا أعتقد أنَّ الجهة التنظيمية ستضيّع الوقت على هذا الأمر، إذا لم تكن تنوي في مرحلة ما تطوير منهجية لمعايرة رأس مال البنوك وتوزيعاتها".
من جهتها، رفضت المتحدثة باسم "البنك المركزي الأوروبي" التعليق على الأمر.
سيبدأ الاختبار في مارس، ومن المقرر أن تصدر النتائج المجمعة في يوليو. من جهتها، انتقدت البنوك فكرة استخدام "البنك المركزي الأوروبي" للاختبار لإصدار قواعد جديدة لمعالجة مخاطر المناخ، فقد دعا الرئيس التنفيذي لـ"دويتشه بنك" كريستيان سوينغ الشهر الماضي الهيئة الرقابية لإظهار "رؤية قيادية واضحة" تجاه هذا الموضوع.
غالباً ما تقوم البنوك بحملة ضد متطلبات رأس المال الأعلى، لأنَّ من شأنها تقليل الأموال المتاحة للمكافآت وأرباح المستثمرين.
وأضاف سوينغ للصحفيين: "آمل وأعتقد أنَّ مثل هذا الاختبار لن يتم استخدامه لتغيير قواعد رأس المال بأي شكل من الأشكال".
يقول "البنك المركزي الأوروبي"، إنَّ النتائج ستجمع بواسطة "وجهة نظر نوعية" في مراجعة هذا العام للمخاطر التي تواجهها البنوك الفردية. مما يعني أنَّها يمكن أن تؤثر بشكل غير مباشر في متطلبات رأس المال التي حددها المنظمون لكل بنك على حدة على أساس سنوي.
جهود جماعات الضغط
يترك هذا مجالاً للجهة التنظيمية لرفع المتطلبات العام المقبل، وفقاً لجماعات ضغط بنكية تحدثت معها "بلومبرغ". التي قالت أيضاً، إنَّها قلقة أيضاً من أنَّ "البنك المركزي الأوروبي" سيستخدم نتائج اختبار المناخ لتبرير نهج أكثر صرامة عند تحديد متطلبات رأس المال لعام 2024.
يبدو أنَّ تعليقات كبار مسؤولي "البنك المركزي الأوروبي" تؤكد صحة مخاوف البنوك طويلة المدى.
قال إدوارد فرنانديز بولو، عضو مجلس الإشراف في "البنك المركزي الأوروبي"، خلال مقابلة مع "ريفو بنك" (Revue Banque) نُشرت هذا الشهر، إنَّ الاختبار "ليس نهاية القصة… في النهاية سيكون لدينا متطلبات رأس المال... على سبيل المثال، إذا توفرت لدينا أرقام موثوقة توضح أنَّ البنوك بحاجة إلى وضع رأس المال هذا جانباً".
البنوك الأوروبية تبدأ ربط أجور عامليها بأهداف التغير المناخي والاستدامة
من جهة أخرى، قال أحد أعضاء جماعات الضغط، إنَّ هناك مخاوف من أنَّ بعض المنظمين يريدون الذهاب أبعد من النظر في كيفية تعامل البنوك مع المخاطر التي تواجههم، واستخدام رأس المال كأداة ضغط لمحاولة توجيههم بعيداً عن إقراض الشركات الملوثة. إذ قال "البنك المركزي الأوروبي" الشهر الماضي، إنَّ اختبار الإجهاد يهدف إلى تقييم مدى استعداد البنوك للتعامل مع الصدمات المالية والاقتصادية الناجمة عن مخاطر المناخ.
يرفض بعض أعضاء المؤسسة التنظيمية فكرة أنَّهم يحاولون توجيه سلوك البنوك التجارية. في هذا الصدد، قال مارك برانسون، رئيس "الهيئة الاتحادية للرقابة المالية" الألمانية وعضو في مجلس الإشراف التابع لـ"البنك المركزي الأوروبي" يوم الثلاثاء، إنَّ لديه "نظرة واضحة جداً بأنَّ تفويضنا يبدأ وينتهي عند المخاطر المالية".
وتابع أنَّ لديه أيضاً "رؤية واضحة جداً بأنَّ هناك مخاطر مالية مرتبطة بتغير المناخ يمكن أن تكون ملموسة جداً بمرور الوقت، ولدينا ما يكفي للنظر في ذلك، وإقناع الصناعة المالية بالتفكير بعناية شديدة فيها".
لا يقف "البنك المركزي الأوروبي" وحده في مساعيه لمعالجة مخاطر المناخ بين البنوك. ففي حين أنَّ الولايات المتحدة اتخذت إجراءات أقل حتى الآن من نظيرها "البنك المركزي الأوروبي" الذي يقع مقره في فرانكفورت، قال "الاحتياطي الفيدرالي" العام الماضي، إنَّه ملتزم بالعمل في إطار تفويضه لمعالجة الآثار المترتبة على تغير المناخ. وتعهدت المؤسسات المالية العالمية - التي تمثل حوالي 40% من الأصول العالمية بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تتسبب بها القروض التي تمنحها - بالوصول إلى صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050.
برينارد: "الفيدرالي" لن يفرض قيود المناخ على قروض البنوك
محادثات خاصة
يقول منصور حسين، المحلل في "فيتش للتصنيف الائتماني"، إنَّ البنوك في أوروبا هي الأكثر عرضة لخطر مواجهة رسوم رأس مال أعلى إذا أدارت البيانات بشكل سيئ، في حال كان لديها حوكمة ضعيفة، أو إذا أظهر الاختبار أنَّها أكثر هشاشةً من أقرانها، أو إذا لم تعالج أوجه القصور". ورجح أن تدخل مثل هذه الرسوم حيز التنفيذ في 2023 وليس في هذا العام.
انتقد "البنك المركزي الأوروبي" بالفعل البنوك لكونها بطيئة للغاية في الاستعداد للمخاطر التي يفرضها تغير المناخ، قائلاً في نوفمبر، إنَّه لا يوجد بنك قريب من تلبية جميع توقُّعاته في هذا المجال.
اقرأ المزيد: المركزي الأوروبي: معظم بنوك القارة تفتقر لاستراتيجيات مواجهة تغير المناخ
يجادل أعضاء جماعات الضغط، بما في ذلك "الاتحاد المصرفي الأوروبي"، أنَّه في الوقت الحالي، من الأفضل التعامل مع مخاوف المناخ داخل مناقشات رأس المال المنتظمة مع مجلس الاشراف بدلاً من إجراء اختبار إجهاد مخصص. يذكر أنَّه عادةً تجري هذه المناقشات بسرية تامة.
وفي حين يشتكي المصرفيون من عدم وجود بيانات كافية لديهم لتقييم التهديدات المناخية بشكل كامل، يجادل بعضهم بأنَّهم يأخذون بالفعل هذه التهديدات في اعتبارهم.
من جهتها، قالت ليليانا كورتان كبيرة مسؤولي المخاطر في "مجموعة إي إن جي" الهولندية، الأسبوع الماضي: "إنَّه نوع شامل من المخاطر تم تضمينه بالفعل في تكلفة رأس المال لدينا". وأضافت أنَّ المناخ سيلعب دوراً أكبر في المستقبل، لكن يجب فرض المزيد من التنظيم إذا كان "البنك المركزي الأوروبي" يريد اتخاذ موقف أكثر صرامة في هذه الصناعة.