الزيادة السكانية أكبر خطر تواجهه مصر قبيل قمة المناخ المقبلة

وسط حي العتبة بالعاصمة المصرية القاهرة. - المصدر: بلومبرغ
وسط حي العتبة بالعاصمة المصرية القاهرة. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في ظل ارتفاع عدد سكان مصر حالياً إلى أكثر من 100 مليون شخص، يجري على ألسنة المصريين حالياً وبشكل لم يسبق له مثيل، المثل القائل "كل مولود يأتي إلى الدنيا برزقه".

زاد عدد السكان في مصر خلال العقود الثلاثة الماضية، بمقدار الضعف تقريبا، وإذا لم يتم تنظيم هذا العدد، فقد يتضاعف مرة أخرى تقريباً بحلول عام 2050، مما يهدد بأن تدفع مصر، وهي الدولة التي ستستضيف القمة العالمية للمناخ هذا العام، إلى مستقبل تعاني فيه جهود التنمية الطموحة بسبب ندرة الموارد.

زوج أمنية أبوزيد يتذرع دائماً بهذا المثل وهم يعانون من أجل رعاية أطفالهم الأربعة.

تقول أمنية، التي تدير صالون تجميل في القاهرة مملوكاً لزوجها وتلقي باللوم على هذا العدد الأكبر من المتوقع لأفراد أسرتها، "نسعى لأن نلبي احتياجاتنا، ولكن بالكاد"، وتضيف ضاحكة "كانت إرادة ربنا".

خط الفقر

على الرغم من أن عدد الأسرة المصرية آخذ في الانخفاض لعقود من الزمن، إلا أنه لا يزال مرتفعاً بشكل خطير في دولة يعيش نصف سكانها حول خط الفقر أو أدنى منه.

وتعد مصر فعلياً أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، ودائماً ما تبذل جهوداً لخلق فرص عمل لهم في الوقت الذي تعد تركيبتها السكانية آخذة في التحّول إلى شباب، إذ أن ما يقرب من نصف المصريين دون سن الـ 25 عاماً. ومما يفاقم مخاوف مصر هو أزمة المياه التي تلوح في الأفق، والتي قد تتصاعد بسبب السد الذي تبنيه إثيوبيا على النيل.

شريان الحياة

تعمل الحكومة المصرية على خفض الدعم الحكومي الذي يعد شريان الحياة للعديد من الأشخاص الذين يتوافقون مع حملة تنظيم النسل على نحو يمكن أن يكون قابلاً للاشتعال في دولة لديها سجل تاريخي حافل بالاضطرابات من قبل السكان.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال في ديسمبر الماضي: "هناك ثقافة راسخة فريدة في بلدنا، حيث يمكن للمرء شراء الأشياء والحصول على الخدمات بأقل من التكلفة، وإنجاب الأطفال والتوقع من شخص آخر إطعامهم. لقد تسببت هذه الثقافة في تراجع البلاد في السنوات الأخيرة".

أثمرت المحاولات السابقة لمعالجة المشكلة عن نجاح بشكل متفاوت، فقد قالت وزيرة التخطيط هالة السعيد، في مقابلة، إن المسؤولين يتطلعون إلى تحقيق أهداف أكبر هذه المرة من خلال خطة تقدم حوافز نقدية، ربما في شكل شهادات ادخار آجلة.

تتضمن الخطة أيضاً مشاريع للتوعية بتنظيم الأسرة، وعقوبات للحد من حالات الإنجاب غير المُسجلة، وإضافة المزيد من عيادات الرعاية الصحية للنساء، وتحسين الاستفادة من وسائل منع الحمل، بحسب السعيد.

هناك عنصر رئيسي آخر وهو تعزيز الجهود الحالية لتمكين المرأة ومساعدتها على تمويل المشاريع الصغيرة.

المصدر: الشرق
المصدر: الشرق

سيناريوهات التفاؤل والتشاؤم

يبلغ معدل المواليد الحالي في مصر 3.4 طفل لكل سيدة. وفي ظل السيناريو الأكثر تفاؤلاً من قبل الحكومة، فإن المعدل المستهدف هو 2.11 طفل بحلول عام 2032، و1.65 طفل في عام 2052. أما أسوأ سيناريو فهو 2.1 طفل بحلول عام 2052، والذي يعني أن عدد سكان مصر سيصل إلى 191.3 مليون، ما يشكّل زيادة تعادل إجمالي عدد سكان كندا والسعودية والبرتغال مجتمعين.

يعيش حوالي 98% من سكان مصر على 3% فقط من مساحة الدولة، إما على ضفاف نهر النيل أو في مناطق الدلتا الشمالية الخصبة. وتعاني المدن من الاختناق الذي يزداد بطريقة عشوائية، حيث تعد القاهرة العاصمة فعلياً أكبر مدينة في أفريقيا.

وبينما تفضل مصر منح الحوافز على فرض العقوبات، فإن السيطرة على معدلات المواليد لن يكون بالضرورة سهلاً بسبب ما يعتبره المسؤولون نهجاً "عنيداً من جانب المواطنين لإنجاب الأطفال ولا يستطيعون تحمل تكاليف الإنفاق عليهم".

برامج تنظيم الأسرة

كانت الحكومة في عهد الرئيس المصري السابق حسني مبارك قد افتتحت آلاف العيادات وقدمت الدعم لتنظيم الأسرة وطلبت مساعدة علماء الأزهر، بصفته المؤسسة الدينية الأبرز على مستوى العالم الإسلامي للمذهب السُني.

يواجه نجاح هذه الجهود خطراً جزئياً بسبب الإعانات الحكومية التي تغطي المواد الأساسية، مثل الخبز والخدمة المدنية المُتخمة التي ضمنت بشكل فعال التوظيف مدى الحياة لملايين الموظفين.

كان الرئيس السيسي قد صرّح أخيراً أن حكومته أنفقت 400 مليار دولار على مدى السنوات القليلة الماضية لمحاربة الفقر، حتى في ظل تقلّص الدعم الحكومي، لكن هذه البرامج سيكون لها تأثير ضئيل إذا لم ينخفض معدل الخصوبة.

تريليون دولار

قبل عام، قال الرئيس إن الحكومة ستحتاج إلى تريليون دولار لتلبية احتياجات السكان الحاليين بشكل كامل، وستحتاج أيضاً إلى أكثر من 5.6 مليار دولار لـ 900 ألف شخص ينضمون إلى سوق العمل سنوياً.

تتطلب مبالغ بهذا الحجم معدلات نمو اقتصادي أعلى بكثير من المتوقعة البالغة 6% في السنة المالية 2024-2025. وقد اضطرت الحكومة لخفض الدعم الذي يستهلك بالفعل حوالي 17.5% من الإنفاق السنوي لمصر، ربما في الميزانية المقبلة، لكن هذه التغييرات لن تلقى قبولاً لدى المصريين، الذين أطاحوا برئيسين في الاحتجاجات الشعبية في السنوات الأخيرة.

يقول محمد سليم، وهو أب لأربعة أطفال ويتقاضى 1150 جنيها (73 دولاراً) شهرياً، إنه لم يتبق أي مجال للدعم لتقليصه بعد أن خفضت الحكومة الدعم ورفعت أسعار النقل العام والكهرباء والغاز والمياه، مضيفاً أن الحكومة تعمل ضد الشعب، ولن يؤيدوا ذلك، مستشهداً بمثل قديم آخر: "أيها النحلة لا تلدغيني ولن آخذ عسلك".

تصنيفات

قصص قد تهمك