توصَّلت ما يقرب من 200 دولة إلى اتفاقية جلاسكو للمناخ يوم السبت بعد مفاوضات مكثفة على مدى أسبوعين مع إعلان بريطانيا التي تستضيف المحادثات أنَّ الاتفاق سيحافظ على استمرار الآمال الدولية في تجنب أسوأ آثار الاحتباس الحراري.
أهم إنجازات الاتفاقية
تعزيز الطموح:
تقر الاتفاقية أنَّ الالتزامات التي تعهدت بها الدول حتى الآن لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تسبِّب ارتفاع درجة حرارة الأرض ليست قريبة بما يكفي لمنع تجاوز ارتفاع درجة حرارة الكوكب 1.5 درجة فوق درجات حرارة ما قبل الثورة الصناعية.
وفي محاولة لحل هذه المشكلة، تطلب الاتفاقية من الحكومات تعزيز تلك الأهداف بحلول نهاية العام المقبل بدلاً من كل خمس سنوات كما كان مطلوباً سابقاً، لكنَّ التقاعس عن التحديد، والوفاء بأهداف أكثر صرامة لخفض الانبعاثات، سيكون له عواقب وخيمة.
يقول العلماء، إنَّ تجاوز ارتفاع الحرارة 1.5 درجة مئوية من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع كبير في مستوى سطح البحر، وإلى كوارث من بينها الجفاف الشديد، والعواصف العاتية، وحرائق الغابات التي هي أسوأ بكثير من تلك التي يشهدها العالم بالفعل.
قال أولوك شارما رئيس قمة الأمم المتحدة للمناخ: "أعتقد أنَّه يمكننا اليوم أن نقول بمصداقية، إنَّنا أبقينا 1.5 درجة مئوية في متناول اليد. لكن نبضها ضعيف، ولن نعيش إلا إذا أنجزنا وعودنا".
وزير الطاقة السعودي: تغير المناخ يحتاج استجابة عالمية.. والمملكة لا تعرقل المفاوضات
استهداف الوقود الأحفوري:
تتضمن الاتفاقية لأول مرة لغة تطالب الدول بتقليل اعتمادها على الفحم، والتراجع عن دعم الوقود الأحفوري، وهي خطوات تستهدف مصادر الطاقة التي يقول العلماء، إنَّها الدافع الأساسي لتغير المناخ من صنع الإنسان.
قبيل إقرار اتفاقية جلاسكو؛ طلبت الهند أن تدعو الاتفاقية الدول إلى "التخفيض التدريجي"، بدلاً من "التخلص التدريجي" من الفحم بلا هوادة، وقد أثار هذا التغيير الطفيف للكلمة الكثير من القلق في القاعة العامة، لكنَّ الوفود وافقت على طلب إنقاذ الاتفاقية.
في غضون ذلك، حافظت صياغة الاتفاقية بشأن "الدعم غير الفعال" على صياغة "التخلص التدريجي"، لكن تبقى الأسئلة حول كيفية تعريفنا لـ "بلا هوادة"، و"غير فعال".
الوقود الأحفوري يُشعل التوترات في اليوم الختامي لقمة المناخ في جلاسكو
المدفوعات للدول الفقيرة والمعرضة للخطر:
حققت الاتفاقية بعض التقدُّم في مطالب الدول الفقيرة والمعرضة للخطر بأنَّ الدول الغنية هي المسؤولة عن تمويل معظم الانبعاثات، فالاتفاقية، على سبيل المثال "تحث أطراف (الاتفاقية) من الدول المتقدِّمة على مضاعفة توفيرها الجماعي للتمويل المناخي.. بحلول عام 2025."
ذكرت الاتفاقية، ولأول مرة، ما يطلق عليه "الخسائر والأضرار" في قسم التغطية بالاتفاقية، وتشير الخسائر والأضرار إلى التكاليف التي تواجهها بعض الدول بالفعل بسبب تغير المناخ، وقد أرادت هذه الدول لسنوات أموالاً للمساعدة في التعامل معها.
بموجب الاتفاقية وافقت الدول المتقدِّمة بشكل أساسي على مواصلة المناقشات حول هذا الموضوع.
قواعد أسواق الكربون العالمية:
أنهى المفاوضون أيضاً اتفاقية تضع القواعد لأسواق الكربون، ويحتمل أن تؤدي لإنفاق تريليونات الدولارات لحماية الغابات، وبناء مرافق للطاقة المتجددة، ومشاريع أخرى لمكافحة تغير المناخ.
دفعت شركات، بالإضافة إلى دول فيها غطاء واسع من الغابات في جلاسكو نحو التوصل إلى اتفاق قوي بشأن أسواق الكربون التي تقودها الحكومة على أمل إضفاء الشرعية أيضاً على أسواق التعويض الطوعية العالمية سريعة النمو.
بموجب الاتفاقية سيتم تنفيذ بعض الإجراءات لضمان عدم احتساب الائتمانات مرتين في إطار أهداف الانبعاثات الوطنية، على أنَّه لن يتم فرض ضرائب على التجارة الثنائية بين البلدان للمساعدة في تمويل التكيف مع المناخ الذي كان مطلباً أساسياً للبلدان الأقل تقدُّماً.
قبل انتهاء "جلاسكو".. اتفاق مناخي أمريكي-صيني مفاجئ يعيد التفاؤل بشأن خفض الانبعاثات
اتفاقات جانبية:
تم التوصل أيضاً لعدد من الاتفاقات الجانبية البارزة، وقادت الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي مبادرة عالمية لخفض غاز الميثان، وعدت فيها نحو 100 دولة بخفض انبعاثات الميثان بنسبة 30% من مستويات 2020 بحلول عام 2030.
أعلنت الولايات المتحدة والصين أيضاً، وهما أكبر دولتين في العالم من ناحية انبعاثات الكربون، بياناً مشتركاً للتعاون في تدابير تغير المناخ، وهو اتفاق طمأن المراقبين على نية بكين تسريع جهودها لمكافحة الاحتباس الحراري بعد فترة هدوء طويلة.
قدَّمت الشركات والمستثمرون عدداً كبيراً من التعهدات الطوعية أيضاً، التي من شأنها التخلص التدريجي من السيارات التي تعمل بالبنزين، والتخلص من الكربون في السفر الجوي، وحماية الغابات، وضمان استثمار أكثر استدامة.