قبل انتهاء "جلاسكو".. اتفاق مناخي أمريكي-صيني مفاجئ يعيد التفاؤل بشأن خفض الانبعاثات

الاتفاق الصيني الأمريكي سيمنح ثقلا لخطط خفض الانبعاثات - المصدر: بلومبرغ
الاتفاق الصيني الأمريكي سيمنح ثقلا لخطط خفض الانبعاثات - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تعهدت الصين والولايات المتحدة بالعمل معاً لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري، وأصدرتا بياناً مشتركاً مفاجئاً أحدث زخماً جديداً في الأيام الأخيرة من مفاوضات المناخ العالمية. ويمثل الاتفاق لحظة نادرة من التعاون بين القوى العظمى المنخرطة في تنافس جيوسياسي، التي بدت على خلاف في أثناء أغلب المحادثات التي استمرت أسبوعين في جلاسكو بإسكتلندا.

وصرح المبعوث الصيني الخاص للمناخ، شيه تشن هوا، للصحفيين بأن الجانبين اتفقا على تعزيز جهودهما لخفض الانبعاثات، بما في ذلك التعامل مع انبعاث غاز الميثان والاجتثاث غير القانوني للغابات، ومن المقرر أن تُنشئ الدولتان مجموعة عمل لزيادة العمل في العقد المقبل، وستعقد المجموعة اجتماعاً في النصف الأول من العام المقبل. وقال نظيره الأمريكي، جون كيري، إنّ المجموعة ستركز على إجراءات "ملموسة".

وقال شيه إنه باعتبارهما أكبر اقتصادين في العالم، فـ"نحن بحاجة إلى العمل بنشاط لمعالجة تغير المناخ"، فيما أوضح كيري أن "الولايات المتحدة والصين لديهما ما يكفي من الخلافات، ولكن في ما يتعلق بالمناخ فإن التعاون هو السبيل الوحيدة لإنجاز هذه المهمة"، وتحدّث الاثنان في مؤتمرات صحفية منفصلة، واحداً تلو الآخر، وكان شيه يغادر أولاً.

غيّر الإعلان الحالة المزاجية في جلاسكو، إذ انخرط المفاوضون في مناقشات ساخنة حول كيفية تسريع الإجراءات للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وكانت اتفاقية ثنائية بين الولايات المتحدة والصين هي التي مهدت الطريق لاتفاقية باريس التاريخية في عام 2015.

تحسين العلاقات

قال نيك مابي، المؤسس المشترك لمركز أبحاث "إيه 3 جي" (E3G): "المغزى الهام لذلك هو جيوسياسي.. وأشارت الولايات المتحدة والصين إلى أنهما ستنهيان الحروب الكلامية التي شابت الأيام الماضية".

تحسنت العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم بشكل مطرد منذ أن أخبر المسؤولون الصينيون كيري في سبتمبر الماضي بأن التقدم في المناخ يعتمد على تحسن العلاقات بشكل عام، ما دفع الرئيس جو بايدن إلى الاتصال بنظيره شي جين بينغ بحثاً عن انفراجة. بعد ذلك بوقت قصير توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق لإطلاق سراح المديرة المالية لشركة "هواوي"، مينغ وانتشو، من إجراءات الترحيل في كندا، وهو ما كان أحد أهم مطالب بكين.

يأتي الاتفاق المشترك بشأن المناخ قبل قمة افتراضية أخرى من المحتمل أن تُعقد الأسبوع المقبل بين بايدن وشي، اللذين لم يحضرا شخصياً قمة مؤتمر الأطراف في جولتها السادسة والعشرين. وكتب شي في رسالةٍ الأسبوع الجاري إلى اللجنة الوطنية للعلاقات بين الولايات المتحدة والصين أن الصين مستعدة لتعميق العلاقات مع الولايات المتحدة وإدارة نزاعاتهما بشكل أفضل.

من المرجح أن يتناول هذا الاجتماع التوترات حول كل شيء، بدءاً من التكنولوجيا إلى التجارة وحقوق الإنسان ووضع تايوان. ويمتلك كلا الزعيمين حافزًا لوضع العلاقة على أساس أكثر توازناً، مع تركيز كل منهما على التحديات في الموطن، وتعدّ القضايا المناخية مجالاً رئيسياً يمكنهما التعاون فيه.

مهامّ رئيسية

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وين بينن، في مؤتمر صحفي دوري في بكين اليوم الخميس، إن اتفاقية المناخ "تُظهِر مرة أخرى أن الصين والولايات المتحدة يمكن أن تتعاونا في القضايا الدولية الرئيسية.. وبالتعاون يمكن للجانبين القيام بكثير من المهامّ الرئيسية التي تعود بالفائدة على دول وشعوب العالم".

وبشكل منفصل، قال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، اليوم، إن الولايات المتحدة والصين يمكنهما تجنب الحرب الباردة أو فخ "ثوسيديدس"، في إشارة إلى اسم المؤرخ اليوناني الذي حذر من الحرب عندما تتحدى قوة ناشئة دولة ناضجة.

قال سوليفان في محاضرة افتراضية استضافها معهد لوي في سيدني: "لدينا الخيار البديل، وهو المضيّ قُدماً في ما وصفه الرئيس بايدن بالمنافسة الشديدة، إذ سننافس بقوة عبر أبعاد متعددة"، وأضاف: "لا يوجد سبب يدعو إلى أن تتحول تلك المنافسة إلى صراع أو مواجهة، وهذا هو ما نحتاج إلى إدارته بشكل مسؤول وجماعي".

انبعاثات الميثان

قال شيه إن البلدين أعادا تأكيد أهداف درجة الحرارة في اتفاقية باريس، التي لها هدف ممتد للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، وأقرّا بوجود فجوة بين السياسات الحالية وما يجب القيام به، وأشار إلى أن كليهما ملتزم الضغط من أجل نجاح مؤتمر الأطراف، بما في ذلك الاتفاقات المتعلقة بتمويل المناخ والقواعد لإنشاء سوق كربون عالمية.

ومع ذلك، رفضت الصين الانضمام إلى التعهد العالمي الذي ضغطت من أجله الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لخفض انبعاثات الميثان بنسبة 30% بحلول نهاية العقد من مستويات 2020، وقال شيه إنّ الصين ستضع خطتها الوطنية الخاصة، واعترف كيري بأنه فشل في إقناع الصين بجعل موعدها النهائي للوصول إلى ذروة الانبعاثات في وقت أبكر من 2030، وقال: "لقد انتهينا من الحديث عن موعد الذروة".

بصفتها أكبر مصدر لانبعاث الغازات الدفيئة في العالم، يمكن للصين أن تفعل أكثر من أي دولة أخرى في الوقت الحالي لمساعدة العالم على تجنب أسوأ آثار الاحتباس الحراري، لكنها تجادل بأن خطتها للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060 ستكون بالفعل أكثر تخفيضات الانبعاثات طموحاً على الإطلاق.

قالت بيرنيس لي، مديرة الأبحاث في "تشاتام هاوس": "لا يمكن أن يكون الخبر جيداً إلا عندما تعمل الولايات المتحدة والصين عن قرب بشأن تغير المناخ وخفض انبعاثات غاز الميثان.. لكن البيان لا يكفي لإغلاق الصفقة، إذ إن الاختبار الحقيقي لواشنطن وبكين هو مدى صعوبة الضغط من أجل اتفاق 1.5 درجة مئوية هنا في جلاسكو".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك