تهبّ الرياح المواتية التي تزيد من فرص بورصة هونغ كونغ من الشرق والغرب، إذ تفرض الصين تدقيقاً شديداً على عمليات الإدراج الخارجية، وكذلك البورصات المحلية، وهو ما يدفع الشركات إلى التفكير في طرح أسهمها للاكتتاب العام في المركز المالي الآسيوي.
طروحات عامة أولية
تعتبر شركة "لالاموف" (Lalamove) للخدمات اللوجستية والتوصيل، أحدث الشركات التي تدرس نقل خطتها لإجراء الطرح العام الأولي من الولايات المتحدة إلى هونغ كونغ، بعد تعهد بكين بتشديد الرقابة على الأمن السيبراني الذي قد يمنع الشركات الناشئة من إجراء طروحاتها العامة الأولية خارج البلاد.
كما دفع الفحص الأكثر صرامة لمجلس الابتكار التكنولوجي والعلمي لبورصة شنغهاي (STAR)، على غرار بورصة ناسداك، شركات مثل "نيوسوفت ميديكال سيستمس" إلى التحول إلى هونغ كونغ.
قال ديفيد تشين، رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في "يو بي إس غروب": "لا يزال الجزء الأكبر من عمليات الإدراج بالبورصات الخارجية يحدث في هونغ كونغ، الآن بات هناك محفز إضافي لمزيد من عمليات الإدراج".
دفع اقتناص النشاط المعاد توجيهه بورصة هونغ كونغ إلى التداول والمقاصة المحدودة لتتصدر البورصات الرئيسية على مستوى العالم من حيث الأداء هذا الشهر. وارتفعت البورصة بنسبة 10% تقريباً خلال شهر يوليو، لتتفوق بذلك على 11 من أقرانها بقيمة سوقية تبلغ 10 مليارات دولار وأكثر، وفقاً للبيانات التي جمعتها وكالة "بلومبرغ".
الإدراج المزدوج
"هونغ كونغ ليست جاذبة فقط للشركات الصينية الطامحة إلى إجراء اكتتابات عامة أولية، بل تجذب المرونة التمويلية التي تتمتع بها المدينة، وتوافر رأس المال أيضاً، عديداً من شركات البر الرئيسي الصيني المدرجة في البورصة لطلب إدراج ثانٍ هناك"، وفقاً لما ذكره تاكر هايفيلد، الرئيس المشارك لأسواق رأس المال في آسيا والمحيط الهادي في "بنك أوف أمريكا".
تخطط شركة "تشاينا توريزم غروب ديوتي فري" لإدراج ثانٍ في هونغ كونغ يمكن أن يجمع ما لا يقل عن 5 مليارات دولار، ومن المحتمل أن يكون إحدى أكبر عمليات الإدراج في المدينة لهذا العام. كما تسعى شركة "يونان بوتاني بيو-تكنولوجي غروب" وشركة صناعة المنتجات الطبية الحيوية "إميك تكنولوجي ديفلوبمنت" (Imeik Technology Development) إلى طرح أسهمهما في بورصة هونغ كونغ.
وقال هايفيلد: "إنه لأمر مرن للغاية الدخول في طرح إضافي للأسهم وطرح سندات قابلة للتحويل في بورصة هونغ كونغ، مقارنة بالمتطلبات في سوق الأسهم لشركات البر الرئيسي الصيني".
تُعتبر إجراءات الإدراج المُبَسطة نسبياً في هونغ كونغ ميزة أخرى جذابة، ففي الصين قد يستغرق فوز الشركة بالموافقات التنظيمية وتسعير الصفقة وإجراء الطرح عدة أشهر.
فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة "تشاينا ثري غورغيس رينيوابلس غروب" عن اعتزامها الإدراج في الصين وإجراء أكبر اكتتاب عام على مدار العام، خلال شهر أبريل 2020، لكنها بدأت التداول فقط في شهر يونيو من العام الجاري.
تحت الضغط
عملت تحركات الجهات التنظيمية الصينية خلال الأسبوعين الماضيين على قلب الموازين لصالح هونغ كونغ.
نجحت الشركات الصينية في جمع ما يقرب من 13 مليار دولار من خلال الطروحات العامة الأولية في الولايات المتحدة هذا العام، وفقاً لما أظهرته بيانات جمعتها وكالة "بلومبرغ"، حتى بعد أن وقّع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على إجراء ليصبح قانوناً في شهر ديسمبر الماضي، من شأنه شطب الشركات الصينية من البورصات الأمريكية بسبب نزاع حول قواعد التدقيق المحاسبي.
في أعقاب الاكتتاب العام الأولي لشركة "ديدي" (Didi) بقيمة 4.4 مليار دولار أمريكي والحملة الصارمة الصينية اللاحقة، تقترح السلطات في بكين منح نفسها سلطة منع الشركات الصينية من الإدراج في الخارج حتى لو تأسست الوحدة التي تبيع الأسهم خارج الصين. وهو تهديد من شأنه أن يجعل من بورصة هونغ كونغ بديلاً أكثر أماناً، فيما لا تزال عملية الطرح من الناحية الفنية في الخارج.
جمعت الشركات 32 مليار دولار من خلال الإدراج في بورصة هونغ كونغ خلال العام حتى الآن، أي ما يقرب من ضعف إجمالي ما جُمِع خلال العام الماضي، وهو رقم قياسي لهذه الفترة، وفقاً للبيانات التي جمعتها وكالة "بلومبرغ".
زيادة المتطلبات
قالت شارني وونغ ، المحللة في شركة "بلومبرغ إنتليجنس"، إنه حتى مع اقترابها من جذب مزيد من الطامحين، فإن قواعد الإدراج في هونغ كونغ أصبحت أكثر صرامة. وأضاف وونغ: "المتطلبات أكثر مرونة في الولايات المتحدة".
في شهر مايو الماضي، شددت البورصة متطلبات الأرباح للإدراج في منصة التداول الرئيسية اعتباراً من عام 2022. وتشمل اللوائح حداً أدنى للأرباح المجمعة لآخر ثلاث سنوات مالية للشركة يصل إلى 80 مليون دولار هونغ كونغ (10 ملايين دولار أمريكي).
ومع ذلك فإن الشركات الصينية التي استهدفت الأسواق الأمريكية ستجد هونغ كونغ أسهل في الانتقال مقارنة ببورصة شنتشن أو شنغهاي.
قال تشين من مجموعة "يو بي إس": "من غير المحتمل أن يتمكن كثير من هذه الشركات من تلبية متطلبات الإدراج المحلية".