تُصعِّد الصين من حملتها على منتجات الظلِّ المصرفية مستهدفةً ما يفوق قيمته تريليون دولار من الاستثمارات الغامضة التي تقدِّمها البنوك للعملاء كمنتجات منخفضة المخاطر ذات عائد مرتفع، برغم استخدام تلك الأموال في إقراض مستثمرين ذات مخاطر مرتفعة كالمطوِّرين العقاريين.
لم يعد بإمكان البنوك ومديري الثروات استخدام تلك الأموال التي يتمُّ استثمارها فيما يسمى بمنتجات إدارة السيولة لشراء سندات طويلة الأجل، أو سندات مصنَّفة أقل من "+AA"، وفقاً للقواعد التي تمَّ نشرها يوم الجمعة، التي يترقَّبها السوق منذ فترة طويلة.
يبلغ حجم الاستثمارات في المنتجات والأصول التي ستصبح قريباً غير متوافقة مع القواعد نحو 2.5 تريليون يوان (390.5 مليار دولار) التي ستضطر البنوك إلى استبدالها باستثمارات منخفضة العائد، وعالية الجودة بحلول نهاية العام المقبل.
برغم إبلاغ الجهات التنظيمية للبنوك الصينية بتطبيق تلك التشديدات منذ 17 شهراً، إلا أنَّها استمرت في استثمار مئات المليارات في منتجات عالية الخطورة تمنح العملاء معدلات أعلى من الودائع وصناديق أسواق المال. لكنَّها ستضطر من الآن فصاعداً إلى تخفيف تلك التدفُّقات والقبول بانخفاض العوائد، مما سيؤدي لانكماش السوق بنسبة 10%، وتقلُّص إيرادات البنوك، وفقاً لمحللي شركة "سي إس سي" المالية.
أكثر خطورة وأقل شفافية
تراجعت أسهم مطوِّري العقارات في الصين على خلفية تلك الأخبار في الوقت الذي يعتمدوا فيه على منتجات إدارة الثروات كمصدر للتمويل.
قال لي هوانغ المحلل في وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني: "منتجات إدارة الثروات السائلة أكثر خطورة وأقل شفافية" من صناديق أسواق المال، لأنَّها "تستثمر في أصول ذات جودة ائتمانية منخفضة، ورافعة مالية أعلى، وفترات استحقاق أطول، وإفصاحات أقل".
اجتذبت منتجات إدارة الثروات التي تشكِّل منتجات إدارة السيولة الجزء الأكبر منها تدقيقاً متزايداً من الجهات التنظيمية التي تحفَّظت على إدارة المخاطر، وضمانات تلك الاستثمارات، والرافعة المالية لتلك الضمانات، بالإضافة إلى عدم تطابق آجال المنتجات مع الأدوات الاستثمارية، ونقص الشفافية، والإفصاح حول وجهة استثمار تلك الأموال.
كشفت الجهات التنظيمية بالقطاع المالي عن مسوَّدة قواعد منتجات إدارة السيولة في ديسمبر 2019.
انخفضت أسهم "سي أي إف أي هولدنغ غروب" بنسبة 5.3%، كما تراجعت "تشاينا إيفرغراند غروب"2.5% في هونغ كونغ يوم الثلاثاء، في حين سجَّل مؤشر بلومبرغ الذي يتتبَّع المطوِّرون العقاريون الصينيون أكبر انخفاض يومي له منذ سبتمبر 2020.
توقَّع كستور بانغ رئيس الأبحاث في "كور باسيفيك يامايتشي" مواجهة مطوِّري العقارات تحديات بشأن الحصول على التمويل اللازم لسداد ديونهم المستحقة في حالة توقُّف منتجات إدارة السيولة.
وكتب مينغ مينغ رئيس أبحاث الدخل الثابت بشركة "سيتيك سيكيوريتيز" في مذكرة بحثية بتاريخ 7 يونيو متوقِّعاً بيع العديد من الأصول المدعومة بمنتجات إدارة السيولة في ظلِّ إسراع البنوك باستبدال تلك الاستثمارات بأخرى أكثر أماناً، وذلك امتثالاً للقواعد الجديدة.
أصول غير متوافقة مع القواعد
ويبلغ حجم الاستثمارات في تلك الأصول التي ستصبح غير متوافقة مع القواعد نحو 2.5 تريليون يوان، وفقاً لشركة السمسرة الصينية، إذ نما حجم إجمالي منتجات إدارة النقد 76% ليبلغ 7.34 تريليون يوان، مقارنةً بمستوياتها في 31 مارس من نهاية عام 2019.
تعزز تلك الجهود الرقابية على منتجات إدارة السيولة، وإلغاء ما يعرف بالعوائد المضمونة التي اجتذبت المستثمرين الأفراد من أنشطة شركات، مثل: "بلاك روك"، و"جي بي مورغان" بالتزامن مع انتقالهم في الوقت الحالي للاستحواذ على شريحة من أصول قطاع إدارة الثروات في الصين.
تتضمَّن القواعد الجديدة تحديد الرافعة المالية لكلِّ منتج من منتجات إدارة السيولة بنسبة 120%، واقتصار مجالات الاستثمار على الودائع المصرفية قصيرة الأجل، واتفاقيات إعادة شراء السندات، وسندات البنك المركزي، بالإضافة إلى السندات والأصول المتداولة، والأوراق المالية المدعومة بآجال استحقاق لا تزيد عن 397 يوماً، كما تمنع منتج واحد إقراض أكثر من 10% من أصوله لجهة إصدار السندات نفسها.
تهدف تلك القواعد إلى وضع أساس مشابه لكلٍّ من منتجات إدارة السيولة، وصناديق أسواق المال. فقد أدى منح البنوك للعملاء عوائد أعلى بـ 50 نقطة أساس مقارنة بصناديق أسواق المال المنافسة إلى توسُّع سوق تلك المنتجات بنحو 3.2 تريليون يوان خلال 15 شهراً فقط، برغم تباطؤ نشاط إدارة الثروات.