أصدرت هيئة السوق المالية السعودية قرارات لتخفيف شروط ومتطلبات طرح أدوات الدين، ضمن توجه المملكة لمضاعفة حجم سوق السندات والصكوك كمصدر تمويل إضافي وسط تركيزها على الاستدانة لإنجاز المشاريع والاستثمارات ضمن مسعاها لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط.
الهيئة قالت إن "القرارات الجديدة هي أكبر حزمة من التحسينات التنظيمية التي تمت في سوق الصكوك وأدوات الدين منذ إطلاقه"، وفق بيان صحافي صدر اليوم الخميس. تضمنت القرارات تعديل أحكام قواعد طرح الأوراق المالية وشروط نشرة إصدار الطرح بمختلف فئاته.
أصدرت حكومة المملكة وكياناتٍ سعودية، بما في ذلك صندوق الاستثمارات العامة، سندات ناهزت 50 مليار دولار منذ بداية العام، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ"، ويشمل ذلك مبيعات السندات السيادية المقومة بالدولار واليورو وديون الشركات، وهو ما جعلها تُصنف إحدى أكبر مُصدري الديون الدولية في الأسواق الناشئة هذا العام.
مضاعفة حجم سوق الدين
تهدف التعديلات التي أقرتها هيئة السوق المالية إلى تطوير الإطار التنظيمي لطرح أدوات الدين في المملكة بما يسهم في جذب شرائح متنوعة من الإصدارات والمصدرين، وذلك للمساهمة في تعميق سوق الصكوك وأدوات الدين والاستثمار فيهما، وفقاً للبيان الصحافي.
تبلغ سوق الدين في السعودية حالياً حوالي 800 مليار ريال وهو ما يمثل ضعف ما كانت عليه قبل خمس سنوات، وتصل السيولة المتداولة في السوق سنوياً إلى 2.5 مليار ريال. وتفيد بيانات الهيئة بوجود فرص لتفعيل دور سوق الصكوك وأدوات الدين، حيث تبلغ حصتها في تمويل الشركات السعودية 11% فقط، بينما تصل في باقي دول مجموعة العشرين إلى 47% في المتوسط. ويُتوقع أن يتضاعف حجم سوق السندات والصكوك خلال الأعوام الأربعة المقبلة، وفقاً لرئيس الهيئة محمد القويز، في كلمته خلال افتتاح مؤتمر سوق الدين بالرياض الشهر الماضي.
بموجب القواعد الجديدة سيُسمح للصناديق والبنوك التنموية والصناديق السيادية للمملكة بطرح أدوات الدين طرحاً مستثنى وفق ضوابط وشروط محددة، بما يوفر المرونة لتمويل احتياجاتهم التمويلية عبر سوق أدوات الدين، كما تم إلغاء نصف المستندات التي كانت مطلوبةً في السابق لإعداد نشرة الإصدار، كذلك أُلغيت مهلة زمنية كانت القواعد السابقة تشترط مرورها بين إخطار الهيئة والبدء في الطرح المحلي، بينما يمكن الآن إشعار الهيئة والبدء في عملية الطرح فوراً.
قالت هيئة السوق المالية السعودية إن التعديلات ستسهم في تحفيز إصدارات الصكوك وأدوات الدين، لتلبية الاحتياجات التمويلية للشركات وتنويع مصادرها التمويلية.
معدل الدين لا يزال منخفضاً
اتخذت السعودية خلال السنوات الأخيرة عدة خطوات لتفعيل سوق الدين، بعد أن تمّ إصدار نظام الإفلاس، وربط السوق المحلية مع مراكز الإيداع الدولية ليجذب المستثمرين الأجانب، إضافة إلى إصلاح المنظومة الضريبية لمصدّر الصكوك وللمستثمر وللصناديق، حسبما قال القويز.
يتوقع صندوق النقد الدولي أن تصل نسبة سوق الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في السعودية إلى ما يناهز 30% العام المقبل، وهي نسبة منخفضة وفق المعايير العالمية، لكنها تمثل ضعف المعدل الذي كان سائداً في البلاد خلال العقد الماضي. ورفعت مؤخراً وكالة التصنيف الائتماني "إس آند بي غلوبال ريتينغز" نظرتها المستقبلية للمملكة من مستقرة إلى إيجابية، وأكدت أن المملكة لا تزال في وضع ملائم يسمح لها بإصدار مزيد من السندات، مشيرةً إلى أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لا تزال منخفضة.
أهم ملامح التطور في سوق الديون تتمثل بزيادة قاعدة المستثمرين بانخفاض حصة البنوك من قرابة 60% بنهاية 2021 إلى 48% بنهاية العام الماضي. كما انخفضت حصة الجهات الحكومية خلال نفس الفترة من 20% إلى 13%، في وقت قفزت حصة الأفراد من قرابة 1% إلى أكثر من 5%، بعد اكتتاب حوالي 125 ألف فرد في طرح عام للصكوك، وفقاً لتقرير التوجهات الاستراتيجية لتطوير سوق الصكوك وأدوات الدين الصادر عن هيئة السوق المالية.