تلقت البنوك السعودية دعماً من الشركات الحكومية، بعد أن زادت تدفقات الودائع منها خلال الفترة الماضية، ما قلص من أزمة السيولة التي تمر بها المصارف في المملكة، وفق وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني.
قالت الوكالة في تقرير إن ضغوط السيولة في البنوك السعودية كانت معتدلة في عام 2023، متوقعة استمرارها على هذا المنوال خلال العام الجاري.
نمت ودائع الشركات الحكومية بمقدار 147 مليار ريال، ما نسبته 23% في 12 شهراً حتى نهاية أكتوبر 2023 وتمثل 70% من إجمالي تدفقات الودائع في تلك الفترة.
وصلت ودائع الكيانات المرتبطة بالحكومة إلى مستوى قياسي في نهاية أكتوبر 2023، عند 32% من إجمالي ودائع النظام المصرفي. ومع ذلك، فهذه الودائع مصدر مكلف لتمويل البنوك، وفق فيتش، مشيرة إلى أن هذه الزيادة أدت، بالإضافة إلى ارتفاع المنافسة على التمويل، إلى ارتفاع متوسط تكلفة التمويل بشكل كبير.
تعرضت السيولة في البنوك السعودية لضغوط في عام 2022 حيث تجاوز نمو التمويل 14% فيما نمت الودائع 9%. وأدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى تكثيف المنافسة على التمويل. تراجعت الضغوط في الأشهر العشرة الأولى من عام 2023 مع نمو القروض والودائع بنسبة 9% لكليهما.
ترى "فيتش" أن الزيادة في ودائع الشركات الحكومية ترجع إلى قيامها بوضع سيولتها الفائضة لدى البنوك بدلاً من البنك المركزي السعودي (ساما)، بما في ذلك من خلال مزادات الودائع التي ينظمها المركزي.
بخصوص عام 2024، توقع أنطون لوباتين، مدير أول بوكالة "فيتش"، في مقابلة مع "الشرق" نمو التمويل والإقراض بحدود 10%، وأن تكون تدفقات الودائع من الشركات الحكومية قريبة من تلك النسبة؛ "ما يجنّب المصارف أي ضغوط على توفر السيولة لديها خلال العام الجاري"، بحسب تعبيره.
انتقال الودائع إلى القطاع الخاص
انخفضت ودائع الشركات الحكومية لدى البنك المركزي السعودي بمقدار 184 مليار ريال في الأشهر العشرة الأولى من 2023، وعزت فيتش ذلك إلى قيام الشركات الحكومية بإيداع أموالها في البنوك عوضاً عن القطاع الخاص.
تتوقع "فيتش" أن تنتقل ودائع الشركات الحكومية لدى البنوك السعودية تدريجياً إلى القطاع الخاص، إلى حد كبير من خلال المدفوعات التعاقدية لشركات القطاع الخاص بهدف الحصول على السلع والخدمات ودفع الرواتب للأفراد. كما لا تتوقع "فيتش" أن تقوم المؤسسات المرتبطة بالحكومة بنقل ودائع كبيرة من البنوك إلى المركزي السعودي حيث يبدو أن النهج الجديد لإدارة السيولة أكثر كفاءة بالنسبة للشركات الحكومية والبنوك على حد سواء.
وفي تقرير أصدرته "فيتش" نوفمبر 2023، توقعت استمرار جميع البنوك السعودية في تنويع قواعد تمويلها من خلال اقتراض الأموال من الأسواق المالية، بما في ذلك إصدار الصكوك والسندات، وأن تقلل الشركات اعتمادها على التمويل المصرفي وتتجه إلى إصدار المزيد من الديون. جاءت رؤية فيتش متوافقة مع "إس أند بي"، إذ قالت في تقرير سابق إن أزمة السيولة لدى البنوك السعودية ستتواصل خلال 2023 و2024، وهو ما سيؤثر على نمو القروض الممنوحة من القطاع المصرفي وقد يمثل قيداً على تمويل المشاريع.