"برشلونة" يجدد موارده المالية استعداداً لفورة شراء مستبعدة

نادي برشلونة يضم الجناح البرازيلي رافينيا (اليمين) قبل مباراة ودية خلال تحضيرات الموسم في مدينة فورت لودرديل الأمريكية بتاريخ 19 يوليو - المصدر: بلومبرغ
نادي برشلونة يضم الجناح البرازيلي رافينيا (اليمين) قبل مباراة ودية خلال تحضيرات الموسم في مدينة فورت لودرديل الأمريكية بتاريخ 19 يوليو - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

كان الانهيار المالي لنادي برشلونة أحد السقطات الكبرى لكرة القدم الأوروبية ولكن النادي، الذي أُجبر على بيع نجمه العالمي ليونيل ميسي بسبب حالة ميزانيته، عاد الآن لشراء بعض أكثر اللاعبين المطلوبين في القارة.

أنفق نادي برشلونة ما لا يقل عن 153 مليون يورو (156 مليون دولار) في موسم الانتقالات الصيفية حتى الآن على توقيع صفقات مع الجناح البرازيلي رافينيا، والمهاجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي، والمدافع الفرنسي جول كوندي. هذا هو الحال الآن لنادٍ مُثقل بالديون وخسارة الأموال وقيمة صافية سلبية استناداً إلى أحدث الحسابات المتاحة.

"برشلونة" النادي الإسباني الوحيد بحدّ إنفاق سلبي

كانت عودة النادي، الذي تحوّل من نموذج ناجح إلى مثال على عدم استدامة اقتصاديات الرياضة، مثيرة للدهشة بين منافسيه في وقت بدء المواسم الأوروبية. يُعدّ برشلونة النادي الوحيد الذي أبلغه اتحاد كرة القدم الإسباني بأنه كان يتعين عليه إنفاق أموال على أجور اللاعبين الجدد أقل من تلك الناتجة عن بيعهم.

إليكم نظرة على كيفية محاولة نادي برشلونة لإنقاذ موارده المالية المتضررة وما إذا كانت مجدية حالياً.

كيف كان الوضع؟

تأرجح النادي الكتالوني نتيجة للوباء والارتفاع غير المنضبط في التكاليف لمدة ثلاث سنوات. فقد أبلغ النادي عن وصول ديونه والتزاماته المستقبلية إلى 1.35 مليار يورو، في حين بلغت قيمته الصافية السلبية 451 مليون يورو في موسم 2020-2021. كما تكبّد خسارة قدرها 481 مليون يورو، وطبّق خفضاً قيمته 155 مليون يورو في رواتب الفريق الأول الصيف الماضي.

هذا يعني أن برشلونة لم يعد قادراً على التعاقد مع لاعبين جدد إلا من خلال خفض تكلفة رواتب الفريق الحالي، أو زيادة الدخل، أو تقليص النفقات.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

ماذا فعلت إدارة النادي؟

بدأ النادي، بعد تغيير قيادته في مارس العام الماضي، في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة من خلال التخلص من اللاعبين والبحث عن مصادر دخل إضافية. قال أشخاص مطلعون على الأمر، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لخصوصية المعلومات، إنه من المرجح أن يُسجِّل النادي ربحاً قدره 100 مليون يورو في موسم 2021-2022.

وافق اجتماع يونيو الاستثنائي لمُلّاك النادي من الأعضاء على تفعيل ما أسماه الرئيس جوان لابورتا بـ"الروافع الاقتصادية" التي يحتاجها النادي لإخراج نفسه من المأزق المالي الشديد.

ماذا عن عائدات البث؟

رفض النادي العام الماضي المشاركة في صفقة شراء حصة في كيان يتحكم بإيرادات بث الدوري الإسباني الممتاز لمدة 50 عاماً بين "سي في سي كابيتال بارتنرز" (CVC Capital Partners) ورابطة دوري الدرجة الأولى الإسباني. عوضاً عن ذلك، فضّل النادي عقد صفقة منفردة لمدة 25 عاماً مع شركة تمويل أخرى، لم تُحدِّد المبلغ الممكن إنفاقه على اللاعبين، أو سداد الديون أو الاستثمار.

هذا الصيف، اشترت شركة الاستثمار "سيكث ستريت بارتنرز"، (Sixth Street Partners)، ومقرها سان فرانسيسكو، نسبة 25% من حقوق النادي في البث التلفزيوني والتي سيجني منها النادي 667 مليون يورو. ولإتمام الصفقة، اضطر نادي برشلونة إلى دفع تعويضات بقيمة 125 مليون يورو حملة السندات. باع النادي العام الماضي أوراقاً نقدية قدرها 595 مليون يورو عبر طرح خاص نظمه بنك "غولدمان ساكس" (Goldman Sachs).

إلا أن هذه الزيادة لمرة واحدة تعني أن النادي لن يتلقى 41 مليون يورو من حقوق البث عن كل موسم من حقوق البث. قال أحد الأشخاص المطلعين على شؤون النادي إن برشلونة نجح في تعويض ذلك عبر اتفاقيات بيع وصفقات تجارية أخرى.

ما هي تلك الصفقات؟

أعلن النادي في أول أغسطس عن بيع 24.5% في مركز المحتوى غير المربح "برشلونة ستوديوز" (Barcelona Studios) القادر على إطلاق خدمات بث إلى منصة التشفير "سوسيوز دوت كوم" (Socios.com) مقابل 100 مليون دولار. تخطط الإدارة لبيع حصة أخرى بنفس الحجم في أقرب وقت ممكن.

لدى النادي خطط لبيع نحو 49.9% من وحدة التراخيص والأعمال التجارية لديه (Barça Licensing & Merchandising) في مرحلة لاحقة. وقال أحد الأشخاص إن النادي يهدف لجمع أكثر من 400 مليون يورو.

وفيما يتعلق بالرعاية، وقّع نادي برشلونة في مارس اتفاقية طويلة المدى مع "سبوتيفاي تكنولوجيز" لتسمية ملعبه على اسم عملاقة البث الموسيقي، بالإضافة إلى ظهور شعار الشركة على قمصان اللاعبين خلال المواسم الأربعة المقبلة. رغم عدم كشف النادي لشروط الصفقة، أفادت صحيفة "لا فان غارديا" اليومية في مدينة برشلونة أن قيمتها وصلت لـ280 مليون يورو، في واحدة من أغلى صفقات الرعاية في العالم.

قال أشيل دي راوغلودر، مدير الاستثمار في شركة الاستثمار بقطاعي الرياضة والتكنولوجيا، "ريبيل 54" (Rebel 54) في لندن: "يُمكن للمرء أن يجادل بأن برشلونة يراهن على مكاسب قصيرة على حساب النمو المالي طويل الأمد. لكن بالنظر إلى نظرية نصف الكوب الممتلئ، يُمكن أن يكون تأمين موارد مالية فورية، حتى وإن عنى ذلك رهن عوائد حقوق البث مستقبلاً، الوسيلة لبدء دورة رياضية جديدة جيدة من خلال جمع فريق عالي التنافسية".

هل لدى النادي مالٌ يُنفقه؟

نعم.. يمتلك النادي أموالاً طالما استمر في البيع لخفض كشوف المرتبات. لدى نادي برشلونة حد إنفاق يقلّ عن الصفر لفريق اللاعبين ويُمكنه إنفاق 25% فقط مما يدّخِره من نقل لاعب وإخراجه من كشوف المرتبات الحالية، وفقاً لقواعد اللعب النظيف المالية في رابطة دوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم.

تمّ بيع لاعب خط الوسط البرازيلي فيليب كوتينيو، الذي كان راتبه من بين أعلى الرواتب في الفريق، إلى نادي أستون فيلا الإنجليزي في نهاية الموسم، وانتهى عقد البرازيلي داني ألفيس. يسعى الفريق كذلك لخفض راتب نجمه الهولندي فرينكي دي يونغ أو بيعه.

تشمل التعاقدات، على صعيد آخر، انضمام لاعب خط الوسط الإيفواري فرانك كيسي والظهير الدنماركي أندرياس كريستنسن بنظام التعاقد الحر، لكن أمام نادي برشلونة حتى الأول من سبتمبر لتقديم ما يثبت أمام رابطة دوري الدرجة الأول لكرة القدم أن موارده المالية تمتثل للقواعد حتى يتمكّن من تسجيل لاعبه الجديد.

ماذا عن ملعبه؟

دعم الأعضاء جمع نحو 1.5 مليار يورو لتجديد وتطوير المرافق في ملعب "كامب نو" الأيقوني والذي تقل سعته قليلاً عن 100 ألف مشجع، ليُصبح أكبر ملعب لكرة القدم في أوروبا.

تشمل الخطة تجديد الملعب ومكان آخر مستخدم لممارسة رياضات أخرى مثل كرة السلة، وكلاهما في حال سيئة، الأمر الذي اضطر معه النادي إلى تمويل إصلاحات منتظمة ودفع غرامات لعدم تلبية متطلبات المنافسة الأوروبية.

يتوقّع النادي أن يدرّ إيرادات إضافية بـ200 مليون يورو سنوياً بعد التجديد، ويسعى لتمويل خطته لمدة 35 عاماً. يتعيّن على الفريق خلال موسم 2023-2024 اللعب في ملعب "إستادي أوليمبيس لويس كومبانيس" (Estadi Olimpic Lluis Companys) الذي استضاف الألعاب الأولمبية لعام 1992 ويتسع لنحو 60 ألف شخص.

هل كل هذا مستدام؟

يرى دان بلوملي، الاقتصادي الرياضي في جامعة "شيفيلد هالام"، إن الخطة لن تنجح إلا في حال الأداء الجيد للفريق على أرض الملعب واستمراره في التأهل لدوري أبطال أوروبا وهي البطولة الأوروبية الأولى، مما سيحقّق للنادي نحو 100 مليون يورو سنوياً. كان إقصاء الفريق من دور مجموعات منافسات الموسم الماضي أسوأ أداء له منذ 2000-2001.

قال بلوملي: " يستفيد برشلونة من السوق عبر بيع عائدات طويلة الأجل لتوليد سيولة على الأجل القصير"، واصفاً الخطة بأنها "استراتيجية مرتفعة المخاطر". رغم اعتراف المسؤولين التنفيذيين في برشلونة بذلك إلا أنهم يقولون إنه يتعين على النادي التأكد من أنه يملك أفضل تشكيلة للفريق.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك