فازت الشركة الإعلامية التابعة للملياردير موكيش أمباني بحقوق البث الرقمي للدوري الهندي الممتاز، متفوقة بالمزايدة على شركات الترفيه العملاقة، بما فيها "والت ديزني" ومجموعة "سوني"، وفقاً لمصدر مطّلع على الأمر.
أضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأن المعلومات ليست علنية، أن حقوق البث الرقمي لبطولة الكريكيت الشعبية السنوية مُنحت شركة "فياكوم 18 ميديا" (Viacom18 Media)، وهي شراكة بين "باراماونت غلوبال" (Paramount Global) و"ريلاينس أندستريز" (Reliance Industries) التابعة لأمباني. ولم يعلن مجلس إدارة مراقبة لعبة الكريكيت في الهند، وهو الهيئة الإدارية المحلية المختصة بالرياضة، التي بدأت المزاد في 12 يونيو الجاري، عن أسماء الفائزين رسمياً بعد.
ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن "فياكوم 18" اشترت حقوق البث مقابل 2.6 مليار دولار، فيما قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنّ الصفقة بلغت قرابة 3 مليارات دولار. مع ذلك، حصلت "ديزني" على حقوق البث التليفزيوني للمباريات بنحو 3 مليارات دولار، حسب ما نشرته "فاينانشال تايمز".
انتصار حاسم
يُعَدّ التعاقد على البث الرقمي لمدة خمس سنوات انتصاراً حاسماً لتكتل أمباني، الذي يطمح للانضمام إلى نادي الإعلام العالمي وعمالقة البث الرقمي. ويُعَدّ الدوري الهندي الممتاز، الذي يوصف بأنه "سوبر بول الكريكت"، أحد الأحداث الرياضية الأسرع نمواً في العالم، إذ يعشقونه بقوة في جنوب آسيا، ويلقى رواجاً كبيراً بين جاليات شبه القارة الهندية.
يجذب الدوري أيضاً أكثر من 600 مليون مشاهد، ويُنظر إليه أيضاً على أنه أسرع طريقة لجذب تركيز كبير لأي شيء، وتوسيع نطاق جمهور أي منصة في الهند، التي تُعَدّ أكبر سوق استهلاكية في العالم بما يقرب من 1.4 مليار شخص.
لم يردّ ممثلو "ريلاينس" و"ديزني" فوراً على طلبات التعليق. وتراجعت أسهم "ديزني" بنسبة 3.7% يوم الاثنين وسط عمليات بيع واسعة النطاق في السوق، لتصل الخسارة التي تكبدتها هذا العام إلى 38%، كما تراجعت أسهم "ريلاينس" بنسبة 0.6% اعتباراً من الساعة 9:34 صباح الثلاثاء في مومباي.
اقرأ أيضاً: حقوق بث الدوري الهندي للكريكيت ثروة الملياردير أمباني التالية
ثبات طويل المدى
قال أوتكارش سينها، المدير الإداري لشركة "بيكسلي أدفيزورز" (Bexley Advisors)، وهي شركة استثمارية صغيرة تركز على التكنولوجيا والإعلام: "يُعَدّ الدوري الهندي الممتاز من أعلى الخصائص المحركة لتحول الاشتراكات في سوق البث الرقمي المحمومة بشدة، التي يمثل تشبع محفظة المستهلك وتجزئتها السريعة فيها تحديات لا يمكن التغلب عليها بسهولة. فهذا الدوري يوفر ثباتاً لاشتراكات المستخدمين على المدى الطويل، وهو أمر يصعب تحقيقه أيضاً، إذ يُظهِر المستخدمون ولاءً متقلباً للمنصات، وينتقلون بسرعة إلى المنصات الأخرى التي تعرض محتواهم المفضل".
كانت 4 عقود جاهزة للاستحواذ اعتباراً من عام 2023، وهي تغطي على نطاق واسع الحقوق التليفزيونية والرقمية، فضلاً عن مجموعة مختارة من المباريات الرئيسية في شبه القارة الهندية وخارجها. ولأول مرة، يطرح منتخب الهند الوطني للكريكت حقوق البث الرقمي والتليفزيوني للدوري الهندي الممتاز بالمزاد العلني بشكل منفصل.
رغم انسحاب شركة "أمازون دوت كوم" المفاجئ في اللحظة الأخيرة، فإن المزاد شهد منافسة شديدة. وذكرت "بلومبرغ نيوز" أن إجمالي العطاءات تخطى 450 مليار روبية (ما يعادل 5.8 مليار دولار)، متجاوزاً السعر الأدنى البالغ 328 مليار روبية الذي حدده منتخب الهند الوطني للكريكت. ويقارب هذا 3 أضعاف المبلغ الذي جرى جمعه في المزاد السابق خلال 2017.
قبل خروج "أمازون" من السباق، توقعت المصادر المطلعة على التطورات أن يجذب المزاد أكثر من 400 مليار روبية في إجمالي العطاءات، حتى إنّ أحد المحللين توقع ما يصل إلى 600 مليار روبية.
اقرأ أيضاً: "أمازون" تنسحب من منافسة شرسة على كعكة بث مباريات "الكريكيت" الهندي
رياضة شعبية
تُعَدّ لعبة الكريكيت بمثابة رياضة صيفية إنجليزية أساسية بامتياز، ولها جحافل من المشجعين ممن يتركزون في الغالب بدول الكومنولث البريطانية، وبصفة خاصة في شبه القارة الهندية. كما تحتلّ المركز الثالث من حيث الشعبية العالمية بعد الدوري الإنجليزي الممتاز والدوري الوطني لكرة القدم، ويُنظر إلى الدوري الهندي الممتاز بشكل متزايد على أنه حافز حاسم لأي شركة إعلامية تتطلع إلى جذب المستهلك الهندي حتى يتنقل إلى الفضاء الرقمي للتسوق والترفيه.
حصل الدوري الهندي الممتاز على تقييم يناهز 458 مليار روبية (ما يعادل 5.9 مليار دولار) في 2020 من قِبل شركة "داف أند فيلبس" (Duff & Phelps)، المعروفة الآن باسم "كرول" (Kroll). وقال سانتوش إن، الشريك الإداري في "دي أند بي إنديا أدفيزوري سيرفسيز" (D and P India Advisory Services)، إنَّ هذا التقييم قد يكون ارتفع الآن بنحو 25%، مدعوماً جزئياً بإدراج فريقين جديدين، ممن زادا عدد المباريات إلى 74 في الموسم الذي انتهى لتوّه. ويضم الدوري الآن 10 فرق.
انطلق الدوري الهندي الممتاز في 2008، ويشتمل على جدول مباريات أقصر بكثير وأعلى ترفيهاً. وتقام مبارياته عادة في أبريل ومايو، وتستمر كل مباراة ما بين 3 إلى 4 ساعات، مقارنة بإصدار اليوم الواحد والكريكيت التجريبي الكلاسيكي الذي يستمر لمدة خمسة أيام، الذي كان مشهوراً بفواصل الشاي الموجودة به. وتتميز الملاعب التي تستضيف مباريات دوري الأبطال بعرض السلع التجارية والأجواء الشبيهة بالكرنفال، كما يحضر فيها عادة ممثلو بوليوود الذين يشجعون من مقصورة كبار الشخصيات.
اقرأ أيضاً: صراع المليارديرات.. بيزوس يصطدم بإمباني في المنافسة على مباريات الكريكيت
شعور بالارتياح
رغم خسارة "ديزني" للحقوق التي حصلت عليها نتيجة استحواذها في 2019 على أصول الترفيه العالمية التابعة لشركة "تويني فيرست سينشري فوكس" (21st Century Fox)، فإنّ بعض المساهمين قد يشعرون بالارتياح بعد حدوث ذلك، إذ يدفع المشتركون في "ديزني بلس هوت ستار" (Disney+ Hotstar) 67 سنتاً فقط شهرياً في المتوسط مقابل الخدمة. ويشكل هذا إيرادات سنوية تقل عن 500 مليون دولار، ويجعل هذا الرقم تبرير أسباب دفع رسوم الحقوق السنوية صعباً.
كتب بن سوينبورن، المحلل لدى بنك "مورغان ستانلي"، في مذكرة بحثية بتاريخ 12 مايو، أن "احتمالية الربح من الهند ضئيلة جداً" ولن يكون لها تأثير مادي في الأرباح إذا لم تحصل "ديزني" على العقد. وأخبر الرئيس التنفيذي للشركة، بوب تشابك، المستثمرين في فبراير أنه رغم أن لعبة الكريكيت كانت عنصراً مهماً في عرض منتجاتها، فإنّ المحتوى المحلي الجديد الذي تطوره الشركة في الهند من شأنه أن يخفف التأثير.
قال تشابك: "لن يتبخر هذا العمل إذا لم نحصل على حقوق بث دوري الكريكت الهندي".
مع ذلك، يمكن لهذه الخسارة أن تخيم على الأهداف الطموحة لشركة "بوربنك" (Burbank)، ومقرها كاليفورنيا، التي تتمثل في الحصول على ما يصل إلى 260 مليون مشترك على مستوى العالم بحلول 2024. بينما خسرت شركة "نتفلكس" المنافسة عدداً من الاشتراكات في الربع الأخير، أضافت "ديزني بلس" 7.9 مليون عميل. وجاء أكثر من نصفهم من باقة "ديزنس بلس هوت ستار"، التي يجري تقديمها في الهند وعديد من دول جنوب شرق آسيا الأخرى. كما أسهمت 10 مباريات إضافية للدوري الهندي الممتاز خلال الربع الأخير في قفزة بعائدات إعلانات ديزني الدولية.
اقرأ أيضاً: موكيش أمباني يشتري شركة روبوتات ناشئة لدعم الطموح التكنولوجي
توحيد وسيطرة
بالنسبة إلى "ريلاينس"، أول متقدمة للعطاء في تاريخ الدوري الهندي الممتاز البالغ 15 عاماً، فإن حقوق بث لعبة الكريكيت تتعلق أيضاً بدعم التجارة الإلكترونية، وطموحات البيع بالتجزئة لمشروعها التكنولوجي "جيو بلاتفورمس" (Jio Platforms).
قال سينها من شركة "بيكسلي أدفيزورز": "(ريلاينس) دخلت المجال مع أوسع أبوابه وأكثرها استمرارية، لتجني بذلك مكاسب حقوق بث الدوري الهندي الممتاز. فمع مواصلة انقسام المحفظة الإعلامية للمستخدم إلى أجزاء أصغر في سوق مزدحمة للغاية، قد تحاول (ريلاينس) الدخول إليها عبر استراتيجية التوحيد والسيطرة، ويُعَدّ الفوز بحقوق بث الدوري الهندي الممتاز خطوة حاسمة في هذا الاتجاه".