دفعت موجة بيع محمومة اخترقت سوق سندات الخزانة الأمريكية الأسبوع الماضي المستثمرين إلى الاستعداد لاستقبال مزيد من الخسائر التي قد تدفع عائد سندات الخزانة المعيارية لأجل 10 سنوات نحو مستوى 2%، مع زيادة توقعات تأهب الاحتياطي الفيدرالي لسرعة التدخل لمواجهة وتخفيض أسرع معدل للتضخم منذ 40 عاماً.
استدعى صعود عوائد سندات الخزانة العنيد مقارنته بارتفاع حاد لها منذ عام، امتد حتى نهاية الأشهر الثلاثة الأولى من 2021.
عائد 2%
قفز عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات حتى الآن من 1.51% في نهاية ديسمبر إلى 1.8% يوم الجمعة الماضي، أو أعلى مستوى له منذ يناير 2020. ويمهد ذلك إلى أن تتحدى السوق قريباً تلك النسبة المستهدفة التي توقعها الاستراتيجيون الذين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم والبالغة 2.04% بنهاية العام.
دفع هذا التراجع الفوضوي السريع لهبوط مؤشر واسع النطاق لحركة أسعار السندات بـ 1.6% الشهر الحالي، متجاوزاً إجمالي خسائره بنسبة 1% في شهر يناير 2021 بأكمله.
أثارت الوتيرة السريعة لإعادة التسعير تساؤلات حول موعد انحسار موجة البيع الحالية، وما إذا كانت صدمة سعر بداية العام ستتلاشى، لتفتح الطريق أمام فترة طويلة من التداول داخل النطاق العادي، وإن كان بعوائد مرتفعة.
قال كيفين فلاناغان، رئيس استراتيجية أوراق الدخل الثابت لدى شركة "ويزدام تري": "يستولى عليك شعور بأننا شاهدنا هذا الفيلم من قبل، غير أن الاختلاف الكبير عن 12 شهراً مضت هو أن الاحتياطي الفيدرالي في هذه المرة يقود السوق، بالإشارة إلى رغبته في تشديد السياسة النقدية".
لا يستبعد فلاناغان اقتراب عائد السندات لأجل 10 سنوات من 2.25% قبل نهاية شهر مارس القادم، ويضيف: "يعتمد الكثير على مدى تشدد السياسة النقدية ومدى إصرار بنك الاحتياطي الفيدرالي على هذا المنهج".
وتيرة أسرع
كشف محضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة في شهر ديسمبر، الذي نشر يوم الأربعاء، أن البنك المركزي مستعد للبدء في رفع أسعار الفائدة مبكرا في مارس وإنه سيسمح بانخفاض محفظته الهائلة من الأصول بوتيرة أسرع مما كانت خلال دورة تشديد السياسة السابقة.
"الفيدرالي الأمريكي": التضخم والاقتصاد القوي قد يدفعان لتسريع زيادات أسعار الفائدة
اكتسبت مبررات هذه الإجراءات قوة إضافية من تقرير التوظيف الذي أعلن يوم الجمعة، الذي كشف عن انخفاض نسبة البطالة وزيادة الأجور بمعدل أسرع من المتوقع.
في الأسابيع القادمة، سيلقي كل من جيروم باول ولائيل برينارد مزيداً من الضوء على رؤى البنك المركزي، عند ظهورهما أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ من أجل ترشيحهما كرئيس ونائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي على التوالي.
الشركات الأمريكية أضافت في ديسمبر أكبر عدد من الوظائف الجديدة في 7 أشهر
ينتظر أن يكشف بيان مؤشر أسعار المستهلك الشهري في 12 يناير عن تسارع معدل التضخم عما كان يعد فعلاً أسرع وتيرة منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي.
قال غراغي شودهاري، رئيس استراتيجية الاستثمار لدى شركة "آي شير" التابعة لـ "بلاك روك" في الأمريكتين: "إن محضر الاجتماع يكرر أن الاحتياطي الفيدرالي يقف عند نقطة فاصلة حيث يجب أن تعود أسعار الفائدة إلى طبيعتها".
وأضاف: "لن ترتفع معدلات الفائدة في خط مستقيم، ونعتقد أن المشترين سيظهرون فجأة، ويصبحون أهم عامل في تشكيل سوق ذات اتجاهين عندما يقترب عائد السندات لأجل 10 سنوات من نسبة 2%".
نهج تشاؤمي
اتخذ الاستثمار في السوق توجها تشاؤميا أكثر منذ بداية العام الجديد، بأسعار تجعل المتعاملين يفضلون الاستثمارات التي تراهن على ارتفاع العوائد في سوق الخيارات.
شملت بعض التعاملات البارزة الرهان الهبوطي بقيمة 16 مليون دولار باستهداف عائداً على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات عند 1.95% بحلول منتصف فبراير.
هناك دلائل تظهر على أن حسابات نقدية مباشرة في صناديق استثمار بدأت فعلا هذا العام وهي تتبنى موقفا متشائما. وأظهر مسح على عملاء "جيه بي مورغان تشيز" هذا الأسبوع زيادة في الاستثمارات قصيرة الأجل بنسبة 7% حتى 3 يناير.
امتدت المشاعر المتشائمة حتى ظهور أرقام التوظيف، عندما تدفقت مشتريات الخيارات الأسبوعية التي تستهدف ارتفاع عوائد السندات من أجل تغطية رد الفعل على هذه الأرقام.
قال كولين روبرتسون، رئيس قطاع الدخل الثابت لدى شركة "نورثرن تراست أسيت مانجمنت" التي تدير أصولا بقيمة 526 مليار دولار: "يتحول بعض المستثمرين فعلا إلى موقف متشائم، غير أننا نتوقع أن يبدأ التضخم في الانخفاض في الربع الأول من العام، وألا نشهد ارتفاع أسعار الفائدة أكثر من ثلاث مرات هذا العام. وتبدو سندات الخزانة لأجل 10 سنوات جاذبة للاستثمار عند هذه المستويات، وإذا وصل العائد إلى 2% أو 2.25%، سيحصل المستثمرون على تعويض على مدى العام المقبل".
التضخم
سيكون تركيز سوق السندات بشكل رئيسي هذا الأسبوع على ما إذا كان التضخم العام في أسعار المستهلكين سيتجاوز نسبة الـ 7% المتوقعة على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية أم لا.
ينتظر أن يرتفع معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة، إلى 5.4% من 4.9% على مدى العام حتى نهاية شهر نوفمبر.
بعد أن ظهر ارتفاع الأجور بمعدل سنوي كبير بلغ 4.7% في تقرير الوظائف يوم الجمعة، تراهن سوق المقايضات على احتمال يقترب من 88% لزيادة أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في مارس.
اليمين واليسار يتفقان أن الاحتياطي الفيدرالي تأخر بالتعامل مع التضخم
غير الاقتصاديون لدى بنك "جيه بي مورغان" توقعاتهم بموعد أول زيادة لسعر الفائدة إلى ذلك الشهر، "ليتبعه زيادة أسعار الفائدة بوتيرة ربع سنوية" بسبب نقص المعروض في سوق العمل.
قال ستيفين بليتز، كبير الاقتصاديين عن الولايات المتحدة لدى شركة "تي إس لومبارد": "إن الفارق الحقيقي بين الأوضاع قبل كوفيد-19 واليوم هو زيادة الأجور، وهو ما يستند عليه الاحتياطي الفيدرالي. إن ارتفاع معدل التضخم في الأساس بدعم بزيادة الأجور يبدو هيكليا، وهذا ما يستجيب له رد فعل الاحتياطي الفيدرالي".
انخفاض البطالة وارتفاع الأُجور بأمريكا يضغطان على "الفيدرالي" لتسريع رفع الفائدة
قال فلاناغان من شركة "ويزدم تري" إن ارتفاع أرقام التضخم العام عن مستوى شهر ديسمبر سيعزز استمرار الاتجاه الحالي لزيادة عائد سندات الخزانة، لأن "الاحتياطي الفيدرالي سيتعرض للضغط حتى يتخذ إجراءً في شهر مارس ويرتب طريقة تفكيره في الاجتماع التالي" في نهاية يناير.
بالتأكيد أن سرعة الزيادة في عوائد سندات الخزانة قد تشجع على الشراء.
تتجه الأوضاع المالية إلى التشدد بسبب صعود العائد الحقيقي على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات – العائد المعدل بخصم تأثير التضخم – من سالب 1.12% إلى نحو سالب 0.74%. غير أن الهدوء لن يعود إلا بعد اعتدال أرقام التضخم، مع تعرض ثقة المستثمرين إلى اختبار مرتقب يتمثل في بيع سندات خزانة لأجل 10 سنوات بقيمة 36 مليار دولار وسندات خزانة لأجل 30 عاماً بقيمة 22 مليار دولار.
الأجندة الاقتصادية:
- 10 يناير: مخزون تجارة الجملة
- 11 يناير: تفاؤل الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة بأداء الشركات الصغيرة.
- 12 يناير: مؤشر أسعار المستهلك، متوسط الأرباح الحقيقية، بيان الموازنة الشهري، و"الكتاب البيج" للاحتياطي الفيدرالي.
- 13 يناير: مؤشر أسعار المنتجين، طلبات إعانة البطالة المبدئية.
- 14 يناير: مبيعات التجزئة، أسعار الصادرات والواردات، الإنتاج الصناعي، معدل استغلال الطاقة الإنتاجية، توقعات التضخم لجامعة ميتشيغان.
أجندة الاحتياطي الفيدرالي:
- 11 يناير: تعقد اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ جلسة استماع ترشيح جيروم باول، يناقش جيمس بولارد، رئيس الاحتياطي الفيدرالي بمدينة سانت لويس، وإستر جورج، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي لمدينة كانساس، توقعات الأداء الاقتصادي.
- 13 يناير: تعقد اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ جلسة استماع ترشيح لائيل برينارد؛ ويتحدث رئيس الاحتياطي الفيدرالي لمدينة ريتشموند توماس باركين وكذلك رئيس الاحتياطي الفيدرالي بشيكاغو تشارلز إيفانز.
- 14 يناير: يتحدث رئيس الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك جون ويليامز في مجلس العلاقات الخارجية.
أجندة المزادات:
- 10 يناير: أذون خزانة لمدة 13 إلى 26 أسبوعاً.
- 11 يناير: سندات خزانة لأجل 3 سنوات.
- 12 يناير: سندات خزانة لأجل 10 سنوات .
- 13 يناير: سندات خزانة لأجل 30 سنة، وأذون خزانة أجل 4 أسابيع و 8 أسابيع.