سيطر التفاؤل على محللي "وول ستريت" بشكل لم يحدث منذ عقدين. وتركز نحو 56% من جميع التوصيات الخاصة بالشركات المدرجة في "ستاندرد آند بورز 500" في توصيات الشراء، وهي النسبة الأعلى منذ 2002. وتشير تلك البيانات، بجانب بيانات سابقة إلى مدى الحماس الذي يكتسح الأسواق بعد موسم نتائج الأعمال القياسي.
ورغم أن المحللين تاريخياً عبارة عن جماعة متفائلة، فإنهم يزدادون تفاؤلاً في وجه المكاسب المتواصلة في سوق الأسهم وأرباح الشركات التي تفوقت حتى أعلى التوقعات. وفي ظل كل المخاوف المتعلقة بمتحول "دلتا" وحملة الصين التنظيمية وتراجع المحفزات من قبل الاحتياطي الفيدرالي، إلأ أن تلك العوامل لم تؤثر كثيرا على أسعار الأسهم بعد.
اقرأ أيضاً: قيود الصين تدفع أسهمها في "وول ستريت" إلى أسوأ أداء منذ 2008
وقال تود جابلونسكي، مدير استثمار في "برنسيبال غلوبال أسيت ألوكيشين" (Principal Global Asset Allocation)، في مذكرة: "ليست فقط الأحوال المالية وأسعار الفائدة المنخفضة هي ما تغذي الشهية على الأصول الخطرة، وإنما التوقعات بتحسن جوهري هائل في عام 2022".
لا تقتصر "حالة الحب" الحالية على الشركات الأمريكية وحدها، ففي أوروبا أيضا هناك حوالي 52% من التوصيات على "مؤشر ستوكس 600" موجهة للشراء أو ما يعادله، وهو أعلى مستوى في 10 سنوات، وفي آسيا كذلك قفزت هذه النسبة إلى 75%، أي الأعلى منذ 2010 على الأقل.
وكانت نتائج أعمال الربع الثاني واحدة من بين الأقوى في التاريخ، حتى وإن ساعدتها المقارنات مع نفس الفترة العام الماضي عندما كان الكثير من أجزاء العالم في قبضة إغلاقات الوباء، وكان نمو أرباح الشركات الأمريكية بنسبة 90% أعلى بنسبة 17% من المتوقع، بينما أثار الارتفاع بنسبة 71% الدهشة في أوروبا وكان أعلى من التوقعات بنسبة 16%، وفقا لـ"جى بي مورغان".
وفي المنطقتين، كانت نتائج الأعمال أقوى مما ينطوي عليه التسارع في زخم النمو خلال الربع، حسبما كتب استراتيجيو البنك الأمريكي في مذكرة.
مستهدفات الأسعار
رغم أن التفاؤل بشأن الأرباح كان بالفعل قد انعكس على الأسعار في السوق، لكن المحللين يرون مجالاً لمزيد من المكاسب. ويتضمن تحويل الأهداف السعرية المجمعة لاثني عشر شهراً للشركات المدرجة في "ستوكس 600" ارتفاعاً بنحو 9% في المؤشر من مستوياته الحالية، بينما المكاسب المتضمنة لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" هي 10%، و21% لآسيا.
اقرأ أيضاً: لماذا تخشى قوى وول ستريت استحداث دولار رقمي؟
وبالنسبة لبن لايدلر، استراتيجي الأسواق العالمية في "إيتورو" (Etoro Ltd)، فإن تداولات إعادة فتح الاقتصاد "لم تبدأ بعد"، وفيما يتعلق بشركات مثل المطاعم ومشغلي الرحلات وشركات الطيران والفنادق، لا تزال الأرباح أقل بنسبة 85% مما كانت عليه بداية الأزمة، ما يترك مجالاً واضحاً للتعافي، حسبما قال في مقابلة على تلفزيون "بلومبرغ".
مزاج تصحيح
ولدى لوك أبين، كبير الاقتصاديين في "كيمبن آند كو" (Kempen & Co)، وجهة نظرية إيجابية تجاه أسهم القيمة، وقال في مذكرة: "إنها تتركز في القطاعات التي تأثرت بشدة من وباء فيروس كورونا... وإذا استمر التعافي، فإن التحوّل من النمو إلى القيمة قد يظهر مجدداً".
ومع ذلك، فإن مثل هذه المعنويات المتفائلة لا تأتي دون مسحة من الحماسة المفرطة، ولن تكون هذه هي المرة الأولى التي يتبنى فيها المستثمرون موقفاً خاطئاً.
وقال ديف لوتز، مدير صناديق المؤشرات المتداولة في "جونز تريدينغ أنابوليس" (JonesTrading Annapolis)، في مذكرة: "أؤمن بأن تحركات السوق في أي اتجاه تضر أكبر المشاركين... وإذا كان كافة المحللين في وول ستريت متفائلين، فسأكون حذراً".
ومع ذلك، تبدو الأسواق حالياً في مزاج التصحيح، وكانت المرة الأخيرة التي اختبر فيها مؤشر "ستاندرد آند بورز" قمة ثم قاع بتراجع 5% أو أكثر منذ 193 يوماً، أي ضعف المتوسط على المدى الطويل.
وقال فريدريك هيلدنر، مدير محفظة في "سالم-سالم آند بارتنر" (Salm-Salm & Partner)، عبر الهاتف: "هناك الكثير من قوة الشراء في وقت التراجع على الهامش ما سيجعل أي حركة تصحيح مبررة قصيرة الأجل".