سلّط أداء الليرة التركية، الذي يعد أفضل أداء شهري خلال هذا العام، الضوء على التقلبات التي لا تزال تطارد الأصول التركية. ووفقا لكبير المسؤولين التنفيذيين في "جيه بي مورغان" بتركيا، فإن تقلبات العملة تظل عقبة رئيسية أمام إقناع المستثمرين بشراء الأوراق المالية المحلية الجاذبة.
قال مصطفى باجرياسيك، كبير المسؤولين القُطريين للبنك الأمريكي بتركيا وأذربيجان، في مقابلة، إن الأسواق أيضا في حالة تأهب بشأن أداء نمو الأسعار (التضخم)، الذي بلغ أعلى مستوى في عامين بالفعل، خلال الأشهر المقبلة. وأوضح أن "إمكانية التنبؤ بالتضخم والعملة هما أهم عاملين لزيادة الشهية للأصول المقومة بالليرة.. إذا كان بإمكانك إصلاح ذلك، فسيتبع ذلك بقية العوامل".
ارتفعت الليرة بنسبة 3% مقابل الدولار في يوليو، مدعومة بالتوجه الهادئ للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وتلاشي المخاوف بشأن خفض أسعار الفائدة في تركيا قبل الأوان.
سجلت الليرة التركية أفضل أداء عبر الأسواق الناشئة، ما يمثل تحولا صارخا للعملة التي هبطت إلى مستوى قياسي منخفض في وقت سابق من 2021. ومع تقلب الليرة التركية بأكثر من 14%، على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة سيكون ذلك من بين أعلى معدلات التقلب في العالم، مما يقوض جاذبية عائد العملة. كما أنه يردع تدفقات رأس المال، التي يحتاجها الاقتصاد لتمويل عجز الحساب الجاري، بحسب "باجرياسيك".
أبقى محافظ البنك المركزي التركي، شهاب قاوجي أوغلو، سعر الفائدة دون تغيير عند 19% منذ تعيينه بمنصبه في مارس، متجاوزا دعوات الرئيس رجب طيب أردوغان لتبني سياسة نقدية أكثر تيسيرية. ويعني هذا الأمر أن الليرة تتمتع حاليا بواحد من أعلى معدلات الفائدة الاسمية في البلدان النامية بالعالم.
ورغم ذلك، فقد قام المستثمرون الأجانب الذين خافوا من اضطرابات السوق التي أعقبت الإطاحة بمحافظ المركزي التركي السابق، بسحب مبلغ صاف قدره 472 مليون دولار من سوق السندات بالعملة المحلية منذ ذلك الحين، ما يمثل تحولا صارما، بعدما تجاوزت التدفقات التراكمية إلى سوق الأوراق 1.3 مليار دولار منذ بداية 2021.
تمويل كبير
قال باجرياسيك: "عندما تنظر إلى البلدان، والمناطق المماثلة مثل روسيا وجنوب إفريقيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإنها تحصل على تمويل كبير من الأسواق العالمية التي من الواضح أنها تساعد على نموها".
وارتفع التضخم كل شهر تقريبا منذ بداية 2021، وأدى ارتفاع تكاليف الطاقة وتأثير إعادة فتح الاقتصاد على كل السلع بما في ذلك المواد الغذائية والملابس إلى دفع وتيرة زيادة الأسعار إلى 18.95% على أساس سنوي في يوليو، وهو ما يقرب من مستوى سعر الفائدة القياسي للبنك المركزي. ورفع "المركزي التركي" توقعاته للتضخم بحلول نهاية العام الجاري إلى 14.1% من 12.2% الأسبوع الماضي. وقبل أقل من عامين، كان التضخم السنوي لفترة وجيزة أقل من 9%.
اقرأ أيضا: أردوغان يستهدف "المركزي" التركي مجدداً ويطيح بنائب المحافظ
يتضح الاتجاه الهبوطي أيضا في السوق عبر ما يسمى بـ"انعكاسات المخاطرة"، حيث يدفع المستثمرون علاوة مقابل خيارات بيع العملة لمن يشترونها عند أكثر من 6%، ما يمثل أكثر من الضعف بالنسبة لسعر الروبل الروسي، أقرب عملة وصيفة.
أشار "باجرياسيك" إلي أن "التضخم في تركيا أمر يقلق الجميع في الوقت الحالي.. خلال الشهرين المقبلين، ستراقب الأسواق اتجاه التضخم لبقية العام، والأهم من ذلك مساره في 2022".
أبرز النقاط الأخرى التي جاءت في المقابلة:
- لم تستفد تركيا إلى حد كبير من الانتعاش عالميا من الطروحات العالمية الأولية، باستثناء بيع أسهم "هبسي بوردا" (Hepsiburada) أكبر وأقدم مواقع التسوق الإلكتروني بتركيا.
- لا تزال شهية المستثمرين لشراء سندات الشركات التركية مرتفعة للغاية.
- "هذه هي الطريقة التي يجب أن تعمل بها الأسواق. يجب أن يأتي تمويل المشاريع طويل الأجل من أسواق رأس المال العالمية، وليس من البنوك التركية. إذا قامت البنوك بسحب قروض المشاريع من ميزانياتها العمومية، فيمكنها إعادة تدوير قروضها بأدوات أكثر سيولة".
- فيما يتعلق بالاندماج والاستحواذ، يتمثل العائق الرئيسي في عدم القدرة على التنبؤ بسعر صرف الليرة.
- "هناك بالفعل اهتمام بالشركات العاملة في القطاعات الاستهلاكية والخدمات اللوجستية. ولكن عندما تجلس على الطاولة وتحضر نموذجي الأعمال، فإن الافتراض الخاص بسعر صرف الليرة يختلف اختلافا كبيرا، مما يؤدي إلى مناقشات بشأن التقييم".
- قد تبدو التقييمات الأخيرة في الشركات الناشئة التركية مرتفعة، لكنها تتماشى مع نظيراتها العالمية؛ "السوق التركية غير مكلفة نسبيا".