وقفت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية الاكتتابات العامة الأولية للشركات الصينية إلى حين تعزيز إجراءات الإفصاح عن المخاطر التي قد يتعرض لها المستثمرون بتلك الأسهم، وذلك رداً على حملة بكين على القطاع الخاص.
قال رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، غاري غينسلر، إن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الصينية، بما في ذلك إعلانها عن مراجعات أمنية معززة للشركات التي تسعى إلى إدراج أسهمها في البورصات الأجنبية، هي "ذات صلة بالمستثمرين الأمريكيين". وطلب غينسلر من موظفي هيئة الأوراق المالية والبورصات السعي للحصول على إفصاحات إضافية من الشركات الصينية قبل التوقيع على بيانات تسجيلها لطرح الأسهم.
كما أوضح غينسلر في بيان يوم الجمعة: "أعتقد أن مثل هذه الإفصاحات ضروري لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة، وهي في صميم ولاية هيئة الأوراق المالية والبورصات لحماية المستثمرين في أسواق رأس المال الأمريكية".
يذكر أن حملة الصين لقمع الشركات، بما في ذلك منع مجموعة من شركات التعليم الخاص من استهداف الأرباح، أدت إلى عمليات بيع دراماتيكية في الأسهم، إذ انهمك المستثمرون في إعادة تقييم المدى الذي ستذهب إليه الحكومة في تشديد قبضتها على الاقتصاد، وتجاوزت الخسائر في أسهم التكنولوجيا والتعليم الصينية تريليون دولار منذ فبراير.
ضغوط الكونغرس
واجهت هيئة الأوراق المالية والبورصات ضغوطاً شديدة من الكونغرس لزيادة التدقيق في الشركات الصينية بعد أن انخفضت أسهم شركة "ديدي غلوبال" (Didi Global Inc) عقب طرح أسهمها في الولايات المتحدة هذا الشهر، إذ أعلنت الصين بعد الإدراج مباشرة أنها تُجري مراجعة أمنية لشركة النقل التشاركي، وقد منعتها من إضافة عملاء جدد. كما حثّ المشرّعون الأمريكيون هيئة الأوراق المالية والبورصات على التحقيق مع شركة "ديدي" لمعرفة ما إذا كانت على علم بالخطوات التي تدرسها الصين وأخفت هذه المخاطر للمستثمرين الأمريكيين.
إدراجات مربحة
ما من شك في أن إدراج الشركات الصينية في نيويورك كان مصدراً رائجاً لإيرادات بنوك "وول ستريت" التي تضمن الصفقات. وهذا العام هو بالفعل ثاني أفضل عام مسجّل لمثل هذه الإدراجات، إذ جمعت الشركات ما لا يقل عن 15.7 مليار دولار حتى الآن (أكثر من المبلغ الإجمالي في عام 2020)، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ"، إلا أن الصين اقترحت قواعد جديدة في وقت سابق من هذا الشهر تتطلب أن تخضع تقريباً جميع الشركات التي تسعى إلى إدراج أسهمها في الدول الأجنبية لمراجعة الأمن السيبراني، وهي خطوة من شأنها تعزيز رقابتها بشكل كبير، إذ عطّلت هذه القبضة المشددة خطط إدراج عديد من الشركات الناشئة الصينية التي توافدت على الولايات المتحدة بسبب أسواقها المالية الأعمق، وعمليات الإدراج الأكثر انسيابية، وقاعدة المستثمرين الأوسع.
ومن بين ضحايا الحملة الصينية، شركة "هيلو" (Hello Inc) العملاقة لمشاركة الدراجات، التي صرّحت في وقت سابق من هذا الأسبوع بأنها ألغت رسمياً خططها لطرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي في الولايات المتحدة. وهي شركة مدعومة من قطب التكنولوجيا الصيني "جاك ما" المالك لشركة "آنت غروب".
أثار غينسلر في بيانه مخاوف خاصة بشأن ما يسمى بالكيانات ذات الاهتمامات المتغيرة (VIEs)، التي تستخدمها الشركات الصينية بشكل شائع للإدراج في الولايات المتحدة، إذ قال إن المستثمرين الأمريكيين قد لا يدركون أنهم في الواقع يشترون أسهم الشركات الوهمية، التي يوجد مقرها غالباً في جزر كايمان، والتي تُبرم اتفاقيات خدمات مع الشركات الصينية، بدلاً من شراء حصص مباشرة في الشركات الصينية نفسها.
العلاقة مع الحكومة الصينية
قال غينسلر إنه يتعين على الشركات أيضاً الكشف عن أن الإجراءات المستقبلية التي تتخذها الحكومة الصينية "يمكن أن تؤثر بشكل كبير" في أدائها المالي.
وطالب أن تتضمن افصاحات الشركات الصينية الراغبة في الإدراج بالولايات المتحدة:
- ما إذا كانت السلطات الصينية رفضت منح الإذن للشركة المشغلة أو المُصدرة ببيع الأسهم في البورصات الأمريكية.
- احتمال شطب الشركات لعدم امتثالها لقانون الولايات المتحدة الذي يتطلب من الشركات السماح للمنظمين الأمريكيين بفحص عمليات تدقيقها.
- معلومات مالية مفصلة بحيث يمكن للمستثمرين فهم العلاقة المالية بين الكيانات ذات الاهتمامات المتغيرة والشركة المصدرة.
وأوضح غينسلر أنه طلب بشكل منفصل من مسؤولي هيئة الأوراق المالية والبورصات إجراء مراجعات مستهدفة للطلبات المقدمة من الشركات التي لها عمليات كبيرة في الصين.