في سوق الأسهم، أصبح رفض المستثمرين الأفراد الاستسلام أمام كل تهديد كلي هو القصة الوحيدة. متى سينتهي؟ إذا حاولنا الحكم من خلال حجم جميع مكامن السيولة المتوفرة حولنا، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت.
من بين جميع القصص الاقتصادية المرتبطة بوباء فيروس كورونا، كانت تلك المتعلقة بتراكم السيولة في حسابات الأفراد هي الأهم في سوق الأسهم، حيث حقق مؤشر "ستاندر آند بورز 500" مكاسبه للمرة السابعة خلال تسعة أسابيع. لا تتجاوز قيمة الحسابات بسوق النقد، التي يُنظر إليها في بعض الدوائر على أنها احتياطي من السيولة الجاهزة للتوظيف في سوق الأسهم، قيمة 4.5 تريليون دولار.
وبالنظر إلى مؤشر أكثر غموضاً، صعدت قيمة السيولة المودعة في ودائع لدى البنوك التجارية، وفقاً لحسابات الاحتياطي الفيدرالي، بنسبة 33% مقارنة بعام 2019 لتصل إلى 17 تريليون دولار.
إقدام الأفراد
في حين أن أياً من الأموال غير مربوطة تماماً، كما يكره المحترفون مفهوم ترك السيولة على الجانب، هناك شيء ما يسلح كوادر المتداولين اليوميين الذين يبدو أنهم عازمون على عدم السماح بتراجع السوق لأكثر من 24 ساعة. خذ يوم الاثنين، على سبيل المثال، عندما أدى انتشار المخاوف من متحور دلتا لفيروس كورونا لهبوط مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.2%. ركض مقتنصو الفرص إلى مهمة الإنقاذ في ذلك الوقت وبقية الأسبوع، مما أدى إلى ارتفاع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 2% تقريباً خلال يوم الجمعة، على الرغم من استمرار ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس.
قالت سارة راجو ميلر، مستشارة الاستثمار في شركة "ميراكل مايل أدفيسورز" (Miracle Mile Advisors): "لدينا مستثمرون يتوقون إلى توظيف السيولة". تابعت: "ينسى الناس أحيانا مقدار النفوذ الذي يمكن أن يتمتع به المستثمرون الأفراد على السوق، وقد رأينا ذلك يحدث بوضوح. يمكن لهذا الزخم أن يدفع الأسهم إلى الصعود حقاً".
ما مدى قوة المستثمرين الأفراد؟ في يوم الاثنين وحده، اشتروا ما قيمته 2.2 مليار دولار من الأسهم، مع قيام أكبر صندوق مؤشرات يقوم بتتبع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" ، ويحمل رمز تداول "SPY"، بتسجيل أعلى مستوى على الإطلاق من مشتريات المستثمرين الأفراد عند مستوى 482 مليون دولار، وفقاً لأبحاث شركة "فيندا ريسيرش" ( Vanda Research).
أظهر تحليل من شركة "داتاتريك ريسيرش" صعود عمليات البحث على "غوغل" في الولايات المتحدة في ذلك اليوم عن عبارة "dow jones" - المصطلح الأكثر ارتباطاً بالاستثمار في سوق الأوراق المالية، وفقاً للشركة – في وقت هبوط الأسهم بسرعة، وبلغت ذروتها في الساعة الواحدة بعد الظهر بتوقيت نيويورك.
قال جين غولدمان، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة "سيترا فاينانشال غروب": "يبدو الأمر كما لو كان المستثمرون متمرسين، إن تراجعت الأسهم، فتلك يجب أن تكون فرصة شراء". تابع: "جزء من ذلك لأنه لا توجد لعبة أخرى في المدينة الآن. فعوائد السندات منخفضة للغاية، والعملات المشفرة تواجه صعوبات، وباقي المناطق بالسوق ليست رائعة".
قوة دافعة
أدت الشهية اللانهائية للأسهم إلى كسر صناديق مؤشرات الأسهم لمستوياتها التاريخية التي سجلتها في شهر أبريل، ولم تتباطأ وتيرة الصعود منذ ذلك الحين. في شهر يوليو الجاري، استحوذت المنتجات المالية بالفعل على أكثر من 15 مليار دولار، مما ساعد في تغذية التدفقات الإجمالية لصناديق الاستثمار المتداولة في البورصة لتحقق مستويات تاريخية منذ عام كامل، مع بقاء أكثر من خمسة أشهر على نهاية السنة.
ومع ذلك، تظهر المقاييس الأخرى لإقدام المستثمرين الأفراد صورة مختلطة. كشفت البيانات من شركة "تشارلز شواب" (Charles Schwab) عن انخفاض نسبة السيولة المتبقية في حسابات عملائها المتعلقة بالوساطة في شهر يونيو الماضي إلى 10.5%، وهو أدنى مستوى منذ 2018.
قال جيفري كلينتوب، كبير محللي الاستثمار العالمي في شركة "تشارلز شواب آند كو": "ربما يشير ذلك إلى أن مخزون الأموال قد جرى تشغيله على مدار العام، ولكن ربما لازالت هناك قوة دافعة للمزيد من الاستثمار". تابع: "لا يزال يوجد قدر كبير من الزخم والرغبة في استثمار الأموال والبحث عن بدائل لسوق السندات التي لا تزال غير جذابة نسبياً".
لا تزال أرصدة صناديق سوق النقد الخاصة بالأفراد تحتوي على تريليون دولار مقابل 643 مليار دولار في عام 2015، وفقاً لشركة "داتاتريك"، حيث يقدر المحللون أن هناك 400 مليار دولار في شكل نقد جاهز لـ "للشراء عند التراجع قصير الأجل" في انتظار الهبوط التالي. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك منصة "روبن هود" المفضلة لدى المستثمرين الأفراد 13 مليون حساب ممول أكثر مما كانت عليه قبل الجائحة.
قال جيم سميغيل، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "أس إي أي" (SEI): "عقلية الشراء عند التراجع هي تلك التي علمها الاحتياطي الفيدرالي للمستثمرين من المؤسسات والأفراد، ويظل الاحتياطي الفيدرالي ذا سياسة مرنة للغاية". أضاف: "أكبر إيجابية هناك هي أن الموقف المرن من الاحتياطي الفيدرالي سيستمر بالإضافة إلى أن كل البنوك المركزية الأخرى ستظل على موقفها دون تغيير لبعض الوقت".