تمكَّنت طفرة الاكتتابات العامة الأولية في عام 2021 من تحطيم الرقم القياسي في أكثر مواسم الصيف نشاطاً على الإطلاق، وما يزال هناك الكثير من الصفقات الضخمة المقبلة، إلا أنَّ الأسواق المتذبذبة تهدد بتهدئة هذه النوبة الجنونية.
منذ بداية يونيو، أُدرجت شركات من أمثال "إف 45 ترينينغ هولدينغز" (F45 Training Holdings)، مزوِّد فصول اللياقة البدنية المدعوم العائد للممثِّل مارك واهلبيرغ، و"ميمبيرشيب كوليكتيف" (Membership Collective)، الشركة الداعمة لأندية أعضاء "سوهو هاوس" (Soho House) ، و"ديدي غلوبال" (Didi Global) العملاقة للركوب التشاركي. جمعت تلك الشركات مجتمعة أكثر من 90 مليار دولار من خلال الاكتتابات العامة الأولية، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
توقُّف المسيرة
وصلت مؤشرات الأسهم إلى مستويات قياسية حتى الأسبوع الماضي على الأقل، واستقطب المستثمرون الأثرياء رعاة الأسهم الخاصة، ومؤسسي الشركات الناشئة إلى سوق الأسهم.
لكنَّ المستثمرين يشعرون حالياً بالفزع من متحوِّر فيروس كورونا، مما أدى إلى انخفاض مؤشر "إم إس سي أي" العالمي في ست جلسات متتالية، متجهاً بذلك إلى أطول سلسلة خسائر منذ بدء الوباء، إلا أنَّ مسألة الإدراج أصبحت أكثر ضبابية بسبب عوامل إضافية شملت التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، والحملة الصينية على الاكتتابات العامة الأولية.
التوترات بين الولايات المتحدة والصين
وقال بول غو، رئيس الاكتتابات العامة الأولية العالمية في "إي واي": "من غير المرجَّح أننا سنشهد المستوى نفسه من النشاط في الجزء الأخير من العام، نظراً لبعض العوامل المعاكسة التي تشمل التوترات المحيطة بالإدراج بين الولايات المتحدة والصين، ومخاطر انتشار عدوى كورونا في أجزاء كثيرة من العالم، وتزايد تقلُّبات السوق".
لا يعني ذلك أنَّ تلك العوامل ردعت الطامحين لإطلاق اكتتابات عامة أولية، فلقد وضعت 6 شركات على الأقل، بما في ذلك شركة "روبن هود ماركيتس" (Robinhood Markets). للتطبيقات التجارية التي ساعدت في تأجيج هوس الأسهم، شروطاً يوم الإثنين لأجل بدء عروضها الترويجية في الولايات المتحدة الساعية إلى جمع ما يصل إلى 4.7 مليار دولار مجتمعة.
علاوة على ذلك، أعلنت كلٌّ من سلسلة مطاعم النقانق، "بورتيللوز" (Portillo’s)، وشركة الأزياء "رينت ذا رانوي" (Rent the Runway)، أنَّهما قدَّمتا سراً طلبات للإدراج العام.
اقرأ أيضاً: قيود بكين تكبّل منجم رسوم الاكتتابات الصينية في "وول ستريت"
تقييمات مرتفعة
ما تزال الشركات قادرة على إدراج تقييمات قوية، فمن المتوقَّع أن تقوم "باي أوت بريدج بوينت" (Buyout Bridgepoint) بتسعير بيع أسهمها في الاكتتاب عند الجزء العلوي من النطاق السعري قبل إدراجها في لندن يوم الأربعاء، متحديةً بذلك مؤشرات الضغوط التسعيرية في السوق المزدحمة.
وبرغم استفادة مُصدِّري الاكتتابات العامة الأولية الدائم من التقلُّبات السوقية، إلا أنَّ زيادة الرقابة التنظيمية تُشكِّل تهديداً جديداً، فقد أُصيبت الاكتتابات العامة الصينية بالولايات المتحدة في مقتل، بعد إعلان بكين بتاريخ 10 يوليو عن إجبار معظم الشركات الراغبة في طرح أسهمها للاكتتاب العام خارج البلاد على طلب الموافقة المسبقة من الجهة المنظِّمة للأمن السيبراني، تزامناً مع الحملة القمعية للدولة الآسيوية بسبب مُضي شركة "ديدي" قدماً في إدراجها بنيويورك، برغم اعتراض المنظِّمين.
انتقاء المستثمرين
كذلك، أدى التدقيق التنظيمي الأمريكي على قواعد المحاسبة، والانتقاء الدقيق لقاعدة المستثمرين، إلى خفض الطلب على العروض الجديدة، وإلى تلاشي ازدهار شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، الذي دفع بأسواق الاكتتابات العامة الأولية العالمية إلى مستوى قياسي في الربع الأول من العام.
واجهت شركات "الشيكات على بياض" صعوبات جمَّة، برغم انتباه السوق إلى جاذبية الصفقات الضخمة لشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، مثل تلك الخاصة بشركتي "ميديك إيد"، و"ميديكير" للمدفوعات الثانوية، تحت اسم "إم إس بي ريكافيري" (MSP Recovery).
إلى ذلك، سحبت شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة التابعة للمستثمر بيل أكمان هذا الأسبوع عرضها لتملُّك حصة نسبتها 10% في شركة "يونيفيرسال ميوزيك غروب" (Universal Music Group) ، مع شراء الملياردير للأسهم عن طريق صندوق التحوُّط الخاص به بدلاً من ذلك.
كما أنهت شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة المدعومة من توني هايوارد، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "بي بي"، جلستها الأولى في أمستردام يوم الإثنين، دون تداول سهم واحد بسبب التباين الكبير في مواقف المشترين والبائعين حيال السعر.