هل تساعد العملات المشفرة البنوك على القيام بأعمالها؟

سحر العملات. - المصدر: بلومبرغ
سحر العملات. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

في البداية، سأختصر فكرة اتجاه البنوك نحو العملات المشفرة ببعض النقاط التالية:

  1. البنوك هي الهيئات التي تحتفظ بقوائم بالمبالغ المالية التي يمتلكها الأشخاص في مجتمعاتنا.
  2. عندما تُحدّث البنوك هذه القوائم، وأقوم بتحويل مبلغ مالي - على سبيل المثال - لشخص آخر، يوثق البنك أن النقود التي أمتلكها قد نقُصت وأن نقود الشخص الآخر قد زادت، وذلك ليس بالأمر السهل كما أنه يستغرق وقتًا طويلًا.
  3. في حال مشاركة بنكين معنيين في هذه العملية - أي عندما يكون حسابك في أحد البنوك وحساب الشخص الآخر في بنك مختلف - يصبح تحديث القوائم شبه مستحيل، وقد يستغرق ذلك أيامًا أو أسابيع، وإذا كان البنكان في بلدين مختلفين فالأمر أصعب وأصعب.
  4. اقترحت "إنترناشونال بيزنس ماشينز كورب" (International Business Machines Corp)، وهي شركة ضخمة تعمل في تصنيع الحواسيب وتقديم الاستشارات، طريقةً للاحتفاظ بالقوائم المالية على أجهزة الحاسوب على البنوك، فإن أردتُ أن أرسل لك مبلغًا من المال، تُدخل البنوك المعلومات اللازمة بشكل إلكتروني وشبه فوري، بدلاً من أن تستغرق تلك العملية عدة أيام.
  5. أُعجبت البنوك بهذه الفكرة وحصلت على موافقتهم الفورية.

قد تكون هذه القصة معقولة لو أنها حدثت في الخمسينيات، عندما كانت البنوك توظّف أعدادًا كبيرة من الكتّاب لتدوين العمليات المالية في السجلات بخطّ اليد على ضوء المصابيح الزيتية.

فعندما أتى مندوب مبيعات شركة "إنترناشونال بيزنس ماشينز" (International Business Machines Corp)؛ ليعرض على البنوك استخدام آلات تنجز الأعمال وحدها، وافقت فورًا على هذه الفكرة الجنونية، وهكذا دخلت البنوك العصر الإلكتروني.

قد أكون قد اختصرت بعضًا من تفاصيل هذا التحول التاريخي، لكن يمكن تصديقها كما أرويها هنا.

تتكشف أحداث قصتنا الرئيسية عام 2019، في الوقت الذي أصبح بإمكان الفرد فيه طلب أي منتج أو غرض من موقع "أمازون" (Amazon) والحصول عليه في نفس اليوم، ففي الوقت الحالي يتوافد مندوبو شركة "آي بي إم" (IBM) إلى البنوك لإخبارهم بأن هناك طريقة لتحويل الأموال دون الحاجة إلى وضع عملات ذهبية في كيس وعبور الجبال على ظهر حصان للوصول إلى الوجهة المحددة، والبنوك تعبر عن ذهولها بالفكرة.

وتقول شركة "آي بي إم" (IBM)، التي تعمل على توفير التكنولوجيا اللازمة لإنشاء عملة رقمية، إن "اثنين على الأقل من البنوك الأمريكية"، يدرسان إمكانية السير على خطى بنك "جي بي مورغان تشايس" (JPMorgan Chase & Co) في إصدار العملات الرقمية.

وقال جيسي لاند (Jesse Lund)، نائب رئيس شركة "آي بي إم" (IBM) والمسؤول عن تطوير تقنية "البلوك تشين" (blockchain)، إن الشركة قد أجرت مناقشات مبدئية مع البنكين لإصدار "العملات الرقمية المستقرة" (stablecoin) المرتبطة بعملة تقليدية ثابتة مثل الدولار، وقيمتها تساوي دولارًا واحدًا.

وأعلن بنك "جي بي مورغان" (JPMorgan)، الذي يعد أكبر بنك في الولايات المتحدة من حيث قيمة الأصول، عن إصدار عملة رقمية مرتبطة بالدولار في شهر فبراير، وسيطلق عليها اسم "جيه بي إم كوين" (JPM Coin).

ومن الجدير بالذكر أن هذه العملات الرقمية ستساعد على إجراء عمليات تحويل الأموال بين الحسابات المؤسسية، وتقليل الوقت اللازم لتسوية الحسابات البنكية وتسهيل عمليات تحويل الأموال بين الدول.

وقد صرّح بنك "جي بي مورغان" (JPMorgan)، الذي يقوم بتحويل أكثر من 5 تريليونات من مدفوعات المؤسسات والشركات، بأن العملة التي يقومون بإصدارها ستستخدم بلوك تشين (blockchain) خاصة بها؛ لتسريع تنفيذ عمليات الدفع بين عملاء البنك من الشركات.

في الحقيقة تمثل "العملات الرقمية المستقرة" (stablecoin) في هذا السياق وسيلة سريعة للاحتفاظ بقائمة الأموال على جهاز الحاسوب ولكن بشكل أسرع.

وما يقلقني بهذا الشأن هو أن شركات التكنولوجيا أصبحت تعرف طريقة عمل البنوك، بينما لا تتقن البنوك مجال عملها الحقيقي، إلى جانب أنها لا تأبه باكتشاف طريقة عمل شركات التكنولوجيا، ففي هذه المرحلة لربما يكون الحصول على كيس من العملات الذهبية وحصان من موقع "أمازون" (Amazon) أسرع من قيام البنك الذي أتعامل معه بتحويل إلكتروني.

هناك المزيد!

من الممكن استخدام العملات الرقمية لتسوية المعاملات المالية بين عملاء البنوك المختلفة، إذ يقول لاند (Lund) إنه بإمكان البنوك الحصول على إيراداتٍ من الفوائد ورسوم المعاملات، من خلال إقراض العملات الرقمية.

وأضاف: "لقد أُتيحت فرصة جديدة أمام البنوك لتحقيق الإيرادات، والبنوك الآن تواكب آخر التطورات".

عند تداول الدولارات عبر الحواسيب، فسيصبح من الممكن إقراضها وفرض فائدة عليها، وهذه تعدّ فرصة جديدة لتحقيق الإيرادات، لا بد أنكم تتساءلون كيف يمكننا اعتبار هذه المؤسسات بنوكًا؟


*"مات ليفين" هو كاتب مقالات في بلومبرغ أوبينيون يغطي المواضيع المالية، عمل محررًا في "ديل بريكر" (Dealbreaker)، مصرفي مسؤول عن الاستثمارات لدى "غولدمان ساكس" (Goldman Sachs)، ومحامي عمليات الدمج والاستحواذ في "ووتش ويل" (Wachtell)، و"ليبتون" (Lipton)، و"روزن آند كاتز" (Rosen & Katz)، وكاتب في محكمة الاستئناف الأمريكية.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات