قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إنه لا يزال من السابق لأوانه تقليص الدعم القوي الذي يقدمه البنك المركزي للاقتصاد الأمريكي، مع الاعتراف بأن التضخم ارتفع بشكل أسرع من المتوقع.
أوضح باول أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب أمس الأربعاء "في اجتماع يونيو، ناقشت اللجنة التقدم الاقتصادي نحو أهدافنا منذ أن اعتمدنا توجيهات شراء الأصول في ديسمبر الماضي". وأضاف "بينما لا يزال الوصول إلى مستوى "التقدم الإضافي الجوهري بعيد المنال، يتوقع المشاركون استمرار التقدم".
تلقى "باول" طوال جلسة الاستماع الافتراضية، التي استمرت ثلاث ساعات كثيرا من أسئلة النواب الجمهوريين والديمقراطيين حول ارتفاع الأسعار.
ويقول المنتقدون إن التضخم يتزايد بسبب إبقاء الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بالقرب من الصفر، بينما يشتري 120 مليار دولار من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري شهريا.
شدد "باول" على أن توقعات مسئولي الاحتياطي تقتضي أن التضخم المرتفع سيكون مؤقتا، لكنه قال إنهم سيتفاعلون إذا تبين أن التضخم مستمر، وتجاوز الهدف البالغ 2%. وقال:
لا يوجد شيء في الإرشادات أو في إطار عملنا يمنعنا من التحرك السليم في الوقت المناسب
صعود مفاجئ
سيواجه رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي المزيد من الأسئلة من اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ اليوم الخميس. وقالت بريا ميسرا، رئيسة استراتيجية الأسعار العالمية في "تي دي سيكوريتيز" ( TD Securities) في نيويورك، إن "باول" "يحاول التراجع عن هذه الفكرة بشأن تعرضهم لضغوط للخروج أو أنهم قرروا تخفيف التسهيل الكمي قريبا". وأضافت "قال ( باول) إن سوق العمل أمامها طريق طويل لتقطعه".
طلب الجمهوريون من "باول" أن يشرح كيف يمكن للسياسة النقدية أن تخفف من اختناقات العرض التي يُلقى عليها باللوم في ارتفاع الأسعار، أو ما إذا كان شراء بنك الاحتياطي الفيدرالي للسندات يشوه الأسواق المالية.
قال "باول" إنه سيراقب لمعرفة ما إذا كان عرض العمالة يزداد مع انتهاء إعانات البطالة المحسنة في الأشهر المقبلة، مضيفا أنه على استعداد للنظر في النقص الحالي والتأثيرات على الأجور والأسعار إذا لزم الأمر.
قال باول:"حتى بعد أن يأتي هذا العرض، لا يزال من المحتمل أننا سنظل بعيدين عن الحد الأقصى من فرص العمل.. لهذا السبب لا نرى أن الوقت قد حان لرفع أسعار الفائدة الآن".
قال ناثان شيتس، كبير الاقتصاديين في "بي جي آي إم فيكسد إنكوم"( PGIM Fixed Income) في نيوارك بولاية نيوجيرسي: "إن إحدى السمات الأكثر لفتا للانتباه" في شهادة "باول" هي أنه "سيتم حل مشكلة العرض في سوق العمل"، مضيفا: "إن باول قال جملة ما في نهايتها نقطة وليس علامة استفهام ولكن في رأيي أن الجملة ينبغي أن تنتهي بعلامة استفهام".
انخفضت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى حوالي 1.35% إذ ألقى "باول" بشهادته وأغلقت الأسهم الأمريكية بالقرب من أعلى مستوياتها على الإطلاق.
أظهرت بيانات حكومية صدرت يوم الثلاثاء الماضي أن الأسعار التي يدفعها المستهلكون الأمريكيون ارتفعت في يونيو بأكبر قدر منذ عام 2008 وارتفعت بنسبة 5.4% على أساس سنوي.
طلب قوي
قال باول "دفع الطلب القوي في القطاعات التي أدت اختناقات الإنتاج أو قيود العرض الأخرى إلى الحد من إنتاجها، إلى زيادات سريعة في الأسعار بشكل خاص لبعض السلع والخدمات، والتي ينبغي أن تتراجع جزئيا مع تلاشي آثار الاختناقات".
كما أشار إلى ارتفاع أسعار الأصول والرغبة في المخاطرة، مع التقليل من شأن أي مخاطر على المدى القريب على الاقتصاد من الأسواق المالية.
تمثل تصريحات "باول" أمام الكونغرس خلال الأسبوع الجاري هي آخر شهادة نصف سنوية له، قبل أن يقرر الرئيس جو بايدن ما إذا كان سيمنحه أربع سنوات أخرى على رأس مجلس الاحتياطي الفيدرالي أو يختار محافظا جديدا. وتنتهي فترة ولاية "باول" في قيادة الاحتياطي الفيدرالي في فبراير 2022.
تشكل سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي التي تتحلى بالصبر جزءا من إطار عمل جديد أعلن عنه منذ ما يقرب من عام وتعهد بموجبه بتحقيق معدل تضخم يبلغ 2% بمرور الوقت وليس الحكم المسبق على مستوى الحد الأقصى للتوظيف.
أظهرت التوقعات الصادرة عن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الشهر الماضي أيضا أنهم يؤجلون توقيت رفع أسعار الفائدة، مع إقرار زيادتين في عام 2023، وهي الخطوة التي دفعت بعض مقاييس السوق لتوقعات التضخم إلى الانخفاض.
قال "باول" في مستهل تصريحاته: "ارتفعت مقاييس توقعات التضخم على المدى الطويل من أدنى مستوياتها خلال الوباء وهي في نطاق يتوافق على نطاق واسع مع هدف التضخم على المدى الطويل الذي حددته اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة".
توجه كل من النواب الجمهوريين والديمقراطيين بالأسئلة إلى "باول" حول الأسعار المرتفعة وتقييم الاحتياطي الفيدرالي بأن هذه الزيادات لن تكون مستمرة.
أعلى من المتوقع
قال "باول" إن القراءات الأخيرة بشأن التضخم كانت "أعلى مما كان متوقعا ومأمولا"، لكنه شدد على أن أكبر الارتفاعات نتجت عن مجموعة صغيرة من السلع والخدمات.
من ناحية أخرى، إذا استمر التضخم المرتفع وكان يهدد باقتلاع التوقعات، "فسنغير سياستنا تماما حسب الاقتضاء"، على حد قوله.
وأكد "باول" أن انتعاش سوق العمل لا يزال بعيدا عن الاكتمال، وقال: "استمر تحسن الظروف في سوق العمل، ولكن لا يزال هناك طريق طويل يتعين قطعه"، مضيفا أنه على الرغم من "التحسينات الجوهرية" للمجموعات العرقية والإثنية، فإن "الفئات الأشد تضررا لا يزال لديها أكبر قدر لاستعادة القوة".
وأضاف الاقتصاد الأمريكي 850 ألف وظيفة في يونيو، وهي أكبر زيادة شهرية منذ أغسطس. مع ذلك، تشير التدابير الأوسع نطاقا لتراخي سوق العمل إلى أنها لا تزال دون ولاية بنك الاحتياطي الفيدرالي المتمثلة في التوظيف الكامل. بلغ معدل البطالة للعمال السود 9.2% مقارنة بـ 6% في فبراير 2020.