يبدو أن الانقسام المتعلق بسلسلة التوريد العالمية للتكنولوجيا، الذي بدأ خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، سيستمر في عهد خليفته جون بايدن.
وستنقل شركة "أبل"، كبرى شركات التكنولوجيا العملاقة التي تعتمد على المصانع الصينية لتصنيع منتجاتها، جزءاً من إنتاج أجهزة "أيباد" و"ماك بوكس" إلى فيتنام. حيث خصصت شركة "هون هاي برسيشن اندستري"، الشريك الرئيسي لـ"أبل" في نشاط تجميع الأجهزة، والمعروفة أيضا باسم "فوكسكون"، مبلغ 270 مليون دولار كاستثمارات جديدة في فيتنام. وتنذر هذه التحركات بهجرة أكبر وأطول أجلاً، قد تكون لها تداعيات على صانع أجهزة "أيفون"، كما على دور الصين كورشة إنتاج للعالم.
G2
وأطلق تيري جو، مؤسس شركة "فوكسكون"، مصطلح G2 لوصف اتجاه سلسلة التوريد الموحدة نحو الانقسام إلى قسمين على الأقل. وصرح في أغسطس الماضي أن دولاً مثل الهند ودول جنوب شرق آسيا والأمريكتين يمكن أن ينتهي بها المطاف في المستقبل ببيئة تصنيع خاصة بها. ويبدو أن هذا الاتجاه لا رجوع عنه، حيث تعمل دول كالهند وفيتنام على تعزيز بنيتها التحتية وجهودها لجذب المصنعين من خلال خفض التكاليف وتقليل المخاوف الجيوسياسية.
وقال "دان وانغ"، محلل التكنولوجيا في شركة "جافيكال دراجونوميكس" : "مع ارتفاع تكلفة الصين، وعدم إمكانية التنبؤ بالسياسات الأمريكية، قامت الشركات بتحويل إنتاج بعض السلع إلى خارج الصين". وتابع: "سيستمر هذا الاتجاه مع ارتفاع تكلفة الصين ومع تحسين فيتنام والهند لقدرتها التنافسية".
وتسببت "العدائية" التجارية من قِبل ترمب ضد الصين في قيام العديد من الشركات المصنعة بتحويل خطوط إنتاج إلى الدول المجاورة مثل فيتنام، وحتى إلى دول أبعد مثل الهند والمكسيك، من أجل تجنب فرض رسوم جمركية عقابية وتخفيف مخاطر العقوبات المستقبلية.
وقاومت شركة آبل، التي صمّم رئيسها التنفيذي "تيم كوك" إنشاء سلسلة الإنتاج الحالية التي تتمحور حول الصين، اجراء عملية انتقال واسعة النطاق، ولكن في السنوات الأخيرة بدأت الشركة تستكشف البدائل بطريقة متزايدة.
تواصل شركة "كوبرتينو "، التي تتخذ من كاليفورنيا مقرا لها، إضافة قدرات انتاجية لأجهزة "أيفون" في الهند من خلال شركائها في عملية التجميع، بالاستفادة من سياسة رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" لجذب شركات الهواتف الذكية من الدرجة الأولى لصنع أجهزتها محليا بهدف التصدير. وأعلنت شركة "بيجاترون كورب"، وهي أحدث شركات تجميع أجهزة "أيفون" الرئيسية التي تصل إلى البلاد، في وقت سابق من هذا الشهر، أنها ستضخ 11 مليار روبية (150 مليون دولار) في وحدتها الهندية وستبدأ الإنتاج هناك في أواخر عام 2021.
زيادات إنتاجية
بالعودة إلى الوطن (الولايات المتحدة)، كانت الشركة المصنعة لأجهزة "أيفون" تضغط على الحكومة الأمريكية لدعم إنتاج الرقائق المحلية بإعفاءات ضريبية. ويخطط موردها الرئيسي "تايوان سيميكونداكتور مانيوفكتشيرينج كو Taiwan Semiconductor Manufacturing Co" لتصنيع الرقائق الإلكترونية في ولاية أريزونا، رغم أن القدرة الانتاجية والتكنولوجيا المتواضعتين في هذه المنشأة قد يوحيان بأنها ستخدم عملاء أصغر، على الأقل في البداية.
بخلاف شركة "أبل، قدمت شركة "جوجل، التابعة للشركة الأم " ألفابت إنك، طلبات إلى شركة "فوكسكون" لتجميع المكونات الرئيسية لأجهزة الخوادم (وحدة التحكم في الشبكات) في ولاية ويسكونسن، في المنشأة غير المستغلة جيداً والتي اشتهرت حتى الآن بما لم تنتجه بنفسها. ومن المتوقع أن يستمر الإنتاج الضخم هناك في الربع الأول. قال مسؤولو شركة " بيجاترون" في وقت سابق من هذا الشهر إن الشركة تخطط أيضاً لإطلاق عمليات تصنيع في الولايات المتحدة لخدمة عملاء آخرين.
أعلنت شركة " ويسترون كورب Wistron Corp" ، وهي شركة تايوانية أخرى مصنعة متعاقدة مع طلبات "أيفون" وكذلك إنتاج أجهزة الكمبيوتر المحمول وأجهزة الخوادم للعملاء الأمريكيين الآخرين، عن خطط في وقت سابق من هذا الشهر لإضافة قدرات انتاجية في المكسيك وتايوان. كما أنها تعمل على صفقة شراء مصنع "ويسترن ديجيتال كورب Western Digital Corp" في ماليزيا. قال رئيس مجلس الإدارة "سيمون لين" في شهر مارس الماضي إن نصف قدرة " ويسترون" الإنتاجية يمكن أن تكون موجودة خارج الصين في أقرب وقت ممكن بحلول عام 2021، مع تكثيف العمليات في فيتنام، وتنظر الشركة إلى الهند كموقع استراتيجي رئيسي للعقد المقبل نظراً لحجم السوق والموارد.
كما أجبرت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على المنتجات المصنوعة في الصين الشركات الدولية الأخرى على إعادة التفكير في عمليات التصنيع الخاصة بها. ولدى شركة "نينتندو كو " الآن بعض من إنتاج وحدات التحكم الخاصة بها من خلال شركة" شارب كورب" في ماليزيا، بعد أن طلبت من شريكها الرئيسي في عملية التجميع "فكسكون تكنولوجي كو " تقديم بدائل جغرافية لعملياتها الأساسية في الصين. وأجرت شركة" فكسكون تك"، وهي كيان رئيسي في مجموعة " فكسكون تكنولوجي جروب" ومساهم في شركة " شارب"، عملية التواصل بين الشركتين اليابانيتين.
أبل توثق علاقاتها مع الشركات الصينية
بينما تعمل شركة "أبل" على تنويع سلسلة التوريد العالمية الخاصة بها، فإنها تعمل أيضا على تعميق روابطها مع الشركات المصنعة الصينية المحلية لخدمة السوق المحلية. وفي وقت سابق من هذا العام، أبرمت شركة " لوكسشير بريسشين انداستري كو " الصينية صفقة للاستحواذ على مرافق إنتاج أجهزة "أي فون" التابعة لشركة "ويسترون " في البلاد، وهي خطوة ستنشئ أول شركة في البر الرئيسي الصيني لتجميع هواتف "أبل" البارزة. وتقوم الشركة الصينية " بي واي دي الكترويك انترناشونال كو " الآن أيضا بتقسيم طلبات أي باد" بين شركة "فوكسكون" وشركة "كومبال الكرتونيكس إنك"، وفقا لما قاله شخص مطلع على الأمر. وفي الوقت نفسه، تهيمن شركة "لوكسشير " وشركة "جيروتك انك" من نفس البلد على طلبات السماعات اللاسليكة "إيربودز" .
قال ليو من شركة "فوكسكون" في وقت سابق من هذا الشهر إن الأمر استغرق 30 عاماً لبناء عملياتها الضخمة في الصين، واستبعد أن تلحق الهند أو أي منطقة أخرى بهذا الركب بين عشية وضحاها.
وأضاف "وانج" من شركة "جافكال" أن التحول في سلسلة التوريد سيستغرق وقتا، "وستظل الصين مركزا رئيسيا لتصنيع الإلكترونيات على مدى السنوات الخمس المقبلة على الأقل".