على مدار أسابيع، قال المتفائلون، إن الإجراءات الصارمة التي تتخذها الصين بشأن شركات التكنولوجيا قد تم تحديد تأثيرها في سوق الأسهم، لكن جولة جديدة من القلق بسبب القواعد التنظيمية أدت إلى زعزعة هذه الفرضية تماماً.
انخفضت القيمة السوقية لأسهم مؤشر شركات الإنترنت في الصين بنحو 200 مليار دولار في أسبوع واحد، حيث تعهدت بكين بزيادة الرقابة على جمع البيانات وعمليات الطروحات في الخارج.
انخفضت القيمة السوقية لشركات التكنولوجيا بأكثر من 1.1 تريليون دولار منذ ذروتها في 17 فبراير، مع انخفاض المؤشر بنحو 35%، وفقاً لحسابات "بلومبرغ".
جولة جديدة من عدم اليقين
أدى تركيز الصين على عمالقة جمع البيانات مثل "ديدي غلوبال" إلى خلق جولة جديدة من عدم اليقين بالنسبة للمستثمرين الذين يواجهون حملات التدقيق التنظيمي في مجالات مثل التكنولوجيا المالية وممارسات مكافحة الاحتكار والمؤسسات التعليمية المخالفة.
إلى جانب شركات التكنولوجيا الكبيرة، تبدو أسهم الشركات المرتبطة بالتسويق المباشر وإنتاج السيارات الكهربائية وصناعة التعليم معرضة للخطر أيضاً.
قالت كاثرين تشان، المحللة في بنك "يونيون بانكير بريفي" (Union Bancaire Privée) في هونغ كونغ: "من المستحيل تحديد خصم معقول أو مقبول في هذه المرحلة، بالنظر إلى أوجه عدم اليقين المتعلقة بمدى التشديد التنظيمي". وأضافت "قد يكون هناك مزيد من التشديد في التحقيقات القائمة" وتحقيقات في مجالات جديدة.
طوفان البيانات
يمكن أن تؤثر سيطرة بكين على جمع البيانات على مجموعة من الخدمات بداية من توصيل الطعام، والنقل التشاركي، والترفيه عبر الإنترنت إلى أسواق التكنولوجيا المالية والإنترنت.
أصبحت منصات التسويق المباشر "شائعة جدا" ويمكن أن تصبح مجالا آخر لتركيز الجهات التنظيمية، وفقاً لما قالته جيان شي كورتيزي، مديرة الصناديق في " جي إيه إم" (GAM) بزيورخ.
انخفضت أسهم شركة " كويشو تكنولوجي" (Kuaishou Technology) المشغلة لواحدة من أكثر منصات البث المباشر شعبية في الصين - بنسبة 17% خلال الأسبوع، وهو الانخفاض الأسوأ منذ فبراير.
في الوقت نفسه، من المحتمل أيضاً أن تكون الشركات المصنعة للسيارات البارعة في مجال التكنولوجيا مثل "نيو" (Nio Inc) و"إكس بنغ" (XPeng Inc) في حالة تأهب، نظراً لأن جمع وتحليلات بيانات تشغيل المركبات - التي من المحتمل أن تكون مصدراً كبيراً للأرباح – قد تخضع لإشراف حكومي أكثر صرامة، وفقاً لـ "بلومبرغ إنتلجينس".
قال جوشوا كراب، مدير محفظة بـ"روبيكو" (Robeco) في هونغ كونغ:" حال اعتبار البيانات منفعة عامة، فسيكون هذا أسوأ بكثير مما يتم خصمه حالياً من أسعار الأسهم وقد يكون التأثير على الأرباح كبيراً... الخصم من عدم اليقين سيكون أعلى".
الأسوأ في الولايات المتحدة
تتعرض الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة لمزيد من الضغط، لأسباب ليس أقلها التهديد المستمر بشطبها من التداول. وقد تدرس بكين أيضاً الحاجة إلى نيل الموافقات لإجراء طرح أسهم إضافية في السوق الخارجية، وقال تقرير "داو جونز" إن هيئة الرقابة على الأمن السيبراني في الصين تخطط لتنظيم الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة.
قال هانز ألبريشت، مدير محفظة في "هوريزون إي تي إف مانجمنت (كندا)، "ربما كانت الشركات المدرجة في الولايات المتحدة لديها انطباع بأنها كانت مسؤولة عن هذه المشكلة، لكنها ليست كذلك، فالمسؤولية تقع لدى المنظمين الصينيين".
وأضاف "لقد وجدت الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة نفسها بين المطرقة والسندان بين المنظمين الصينيين والأمريكيين".
فرصة نادرة
رغم ذلك، يشير بعض المستثمرين إلى تقييمات جذابة وفرصة شراء محتملة، في حالة استمرار عمليات البيع. وقد يكون تحرك البنك المركزي الصيني يوم الجمعة الماضي لخفض كمية السيولة التي يجب أن تحتفظ بها معظم البنوك كاحتياطي من أجل تعزيز الإقراض ودعم النمو الاقتصادي أمرا إيجابياً للأصول الخطرة.
قالت "كورتيزي" من " جي إيه إم" الأربعاء الماضي إن "بعض أسهم شركات الإنترنت الصينية تبدو جذابة بالفعل حيث يتم تداولها بأقل من تقييماتها التاريخية أو بسعر مخفض لنظرائها الدوليين".
وأضافت أن انخفاضاً إضافياً بنسبة 20% في مؤشر هانغ سينغ للتكنولوجيا من المستوى الحالي "قد يكون فرصة نادرة لشراء بعض أسهم شركات الإنترنت الصينية سريعة النمو بأسعار مغرية للغاية".
وانخفض المؤشر، الذي يضم العشرات من أسماء شركات التكنولوجيا الصينية المدرجة في هونغ كونغ، بنسبة 32 % عن ذروته في منتصف فبراير، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع مؤشر "ناسداك 100"، الذي يحلق بالقرب من مستويات قياسية.
قال بيتر غارنري، الخبير الاستراتيجي في "ساكسو بنك" ، المقيم في الدنمارك، "يتعين على المستثمرين أن يدركوا أنه في حين أن التنظيم ينطوي على مخاطر سلبية، إلا أن مخاطر الاتجاه الصعودي لا تزال جذابة، حيث يُتوقع أن ينمو أحد أكبر الأسواق في العالم بمعدل جيد"، وأضاف " عند نقطة معينة، سيعود المستثمرون إلى أسهم شركات التكنولوجيا الصينية حيث تصبح نسبة المخاطرة إلى العائد جذابة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها".