كانت بداية عام 2020 هادئة فيما يتعلق بعمليات الاندماج والاستحواذ، لكن الأمر تغير تماماً في النصف الأول من عام 2021، حيث سجلت الصفقات مستويات قياسية مع انتعاش الثقة الاقتصادية واستثمار الشركات للأموال بعد توقف دام على مدى فترة تفشي الوباء.
أعلن المشترون المتعطشون للاستحواذ عن صفقات بقيمة 2.5 تريليون دولار منذ بداية عام 2021. وهو ما يؤهله لأن يكون العام الأكثر نشاطاً على الإطلاق.
فقد بدأت شركات الأسهم الخاصة أخيراً في إنفاق كميات كبيرة من رأس المال، وأبرمت صفقات بأكثر من 550 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري لتكون الأكثر ازدحاماً على الإطلاق.
ربما تكون هناك سحابة قاتمة تلوح في الأفق. حيث تعمل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على إعداد خطة على نطاق الحكومة لتشجيع المنافسة في الأسواق في مختلف قطاعات الاقتصاد، حسبما أفادت "بلومبرغ نيوز" الأسبوع الماضي. وهو الأمر الذي يعزز حملة واسعة النطاق من أجل إنفاذ أقوى لتدابير مكافحة الاحتكار في واشنطن.
ورغم أن التغييرات المستهدفة في ضريبة الأرباح الرأسمالية قد تدفع الشركات الخاصة إلى تسريع الصفقات في الوقت الراهن، إلا أنها قد تؤدي أيضاً إلى تراجع النشاط في العام المقبل.
كما أن المخاوف المتعلقة بالتضخم تدفع البعض إلى التساؤل عن مقدار الوقت المتبقي قبل انتهاء عصر أسعار الفائدة المتدنية للغاية، لأن ارتفاع معدلات الاقتراض من شأنه زيادة مستوى صعوبة تمويل الصفقات.
ومع ذلك، فإن مستشاري عمليات الاندماج والاستحواذ يبقون مشغولين حالياً، ويتوقعون استمرار ازدهار إبرام الصفقات قدر المستطاع. كما أنهم يسافرون مرة أخرى لرؤية العملاء، ما يعزز مشاعر التفاؤل.
لقد سألنا أكثر من ستة أشخاص من كبار صُناع الصفقات عن آرائهم في هذا العام حتى الآن، وما الذي يجري، وماذا بعد، وما الذي تغير في ممارسات الشركات أثناء الوباء وسيستمر إلى الأبد.
إريك سويدنبورغ
الشريك والرئيس لعمليات الاندماج والاستحواذ لدى مكتب المحاماة "سيمبسون ثاشر آند بارتليت" (Simpson Thacher & Bartlett)
يقول: "لقد حصلت نوعاً ما على هذه اللحظة الأساسية حالياً، حيث يوجد عدد كبير من البائعين والمشترين على حد سواء دون وجود تباين كبير في القيمة. لا يحدث هذا النوع من البيئة المطابقة المثالية كثيراً، لكنه أصبح لدينا الآن".
وأضاف: "إنها نشطة حسبما أتذكرها. السوق يشهد موجة اندماج واستحواذ نشطة في كل قطاع تقريباً. أعتقد أن موجة الصفقات ستكون نشطة بقية العام الحالي، إن لم تكن أكثر نشاطاً".
وأفاد: "بما أن البيئة التنظيمية تثبط الأمور قليلاً، أعتقد أنها ستؤثر على بعض جيوب السوق فقط، ولا أعتقد أنها ستظهر نفسها حقاً هذا العام".
آنو أيينجار
الرئيسة المشاركة لعمليات الاندماج والاستحواذ العالمية لدى "جيه بي مورغان تشيس"
تقول: "الجهات الراعية ستواصل نشاطها الشديد لأنهم يقدمون مساراً سريعاً لتحقيق الدخل، وليس هناك إقرار يتعين انتظاره لمكافحة الاحتكار".
وأوضحت أن "الضرائب هي الدافع الكبير الآخر. ويبدو أن السوق يعتقد أن هذه الأشياء لم تكن ذات أثر رجعي في الماضي، لذلك لا تزال هناك مساحة يمكنك من خلالها الإعلان عن صفقة وإغلاقها".
وأضافت: "لا أعتقد أن هناك كثيرا من الشكوك حول النصف الثاني من هذا العام، لكن أعتقد أن العام المقبل سيكون أكثر غموضاً، خاصة إذا تم إجراء أمور كثيرة هذا العام".
ستيفان فيلدجواز
الرئيس المشارك بعمليات الاندماج والاستحواذ العالمية لدى "جولدمان ساكس"
يقول: "كوفيد تسبب في إدراك الكثيرين في جانبي الشراء والبيع على حد سواء أنه عندما تكون لديك مساحة لفعل شيء ما، فمن المنطقي التحرك لأنك لا تدرك ما يمكن أن يحدث بعد ذلك. كوفيد علمنا أيضاً أن الأشياء التي لم يتوقعها أحد قد تحدث".
كيفن برونر
الرئيس المشارك لعمليات الاندماج والاستحواذ العالمية في "بنك أوف أمريكا"
يقول: "تركيز مجالس إدارة الشركات على تسريع التحول الاستراتيجي المطلوب في عالم ما بعد الجائحة يستمر في دفع عمليات الاندماج والاستحواذ، خاصة في قطاعات التكنولوجيا والإعلام والرعاية الصحية".
وأوضح أن "عدد صفقات الاندماج والاستحواذ العابرة للحدود ارتفع بشكل كبير في عام 2021 مدفوعاً بإعادة الانفتاح العالمي وكذلك انخفاض المخاوف الاقتصادية والجيوسياسية".
إريك روتكوسكي
رئيس عمليات الاندماج والاستحواذ لدى شركة "غوغنهايم للأوراق المالية" (Guggenheim Securities)
يقول: "ثمة تركيز حقيقي على الحاجة إلى اكتساب القدرات التكنولوجية، وهذا اتجاه علماني يقود كثيرا من الزيادة. الشركات التي تطور قدراتها الداخلية أو تستهدف تلك القدرات عبر عمليات الاندماج والاستحواذ تسرع بالفعل تلك الخطط".
وأضاف: "إنها واحدة من أكثر الأوقات ازدحاماً التي مرت علينا. فقد ساهم إتمام كافة الأمور افتراضياً في زيادة الإنتاجية وتسريع المناقشات، وبالتالي إذا كنت تعيش في عالم تسافر فيه لحضور اجتماعين يومياً، فأنت الآن تعقد ثمانية اجتماعات يومياً".
غاري بوسترناك
وهو الرئيس العالمي لعمليات الاندماج والاستحواذ في مصرف "باركليز"
يعتقد بوسترناك أن "ما يلفت النظر في هذه الطفرة ليس المستوى القياسي لأحجام الصفقات فحسب، بل أيضاً عدد الصفقات الجارية، خاصة في النطاق المتوسط الحجم الذي يتراوح بين مليار دولار و10 مليارات دولار، فاتساع نطاق السوق غير مسبوق".
وأضاف: "لا نرى أي شيء في الأفق من المحتمل أن يغير الديناميكية بطريقة مادية، بل نتوقع بقاء النشاط عند هذه المستويات أو حولها. نعتقد أن الشركات كثيرة التفكير ومتأنية في المعاملات التي تتابعها".
ريتشارد غريفيث
رئيس عمليات الاندماج والاستحواذ لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ بمجموعة "بي إن بي باريبا" المصرفية، ومقره هونغ كونغ
يقول: "لقد شهدنا تدفقاً ثابتاً جداً لنشاط الصفقات في آسيا حتى الآن هذا العام، مدفوعاً في الغالب بشركات الأسهم الخاصة. لدى صناديق الاستثمار كميات كبيرة من رأس المال لنشرها، كما أن تمويل الديون الجذاب عملية متاحة".
وأعرب عن توقعاته، قائلاً: "نتوقع أن يكون النصف الثاني من العام فترة نشطة لعقد الصفقات في آسيا. حيث ستواصل الشركات الكبرى متعددة الجنسيات استعراض وجودها بالمنطقة، ما قد يؤدي لمزيد من الاندماج والاستحواذ".
وأضاف: "نشهد أيضاً زيادة في الاهتمام بعمليات الدمج والاستحواذ الخارجية، وهو أمر مشجع للغاية بعد المستويات الأكثر انخفاضاً في الأعوام القليلة الماضية".
إيمون برابازون
الرئيس المشارك لعمليات الاندماج والاستحواذ لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى "بنك أوف أمريكا"
يتوقع برابازون أن "يتسارع تدفق الصفقات الأوروبية في النصف الثاني، مع مزيد من الصفقات التحويلية، فهذا النصف يمكن أن يشهد نشاطاً أكبر من النصف الأول".
وأوضح: "أحدث موجة من كوفيد وتباطؤ وتيرة طرح اللقاح وضعا أوروبا خلف الولايات المتحدة بمقدار ربع إلى ربعين من حيث نشاط الاندماج والاستحواذ. لكن أوروبا تلحق بالركب بشكل كبير الآن، ونحن نشهد انفجاراً حقيقياً في النشاط مع بدء النصف الثاني من العام".
فيليب نوبليت
رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية بالمملكة المتحدة لدى مجموعة جيفريز المالية
يقول: "طفرة الاندماج والاستحواذ في المملكة المتحدة كانت مدفوعة بصناديق الأسهم الخاصة وصناديق البنية التحتية ذات القوى النارية الهائلة، وأسعار الفائدة المنخفضة تاريخياً بجانب أسواق التمويل النشطة والجريئة للغاية في أوروبا والولايات المتحدة".
وأضاف: "هناك أيضاً أوجه تباين مستمرة في التقييم بين الشركات العامة بالمملكة المتحدة ونظرائها في الولايات المتحدة على وجه الخصوص، بالإضافة إلى أن أوروبا توفر مجموعة فرص في مواجهة الوباء الذي لم نشهده منذ 2004-2008 لصالح الصفقات العامة إلى الخاصة بالمملكة المتحدة".