ماذا سيفعل عمالقة الـ"فنتك" بالصين لتنفيذ خطط طرح الأسهم وتوفير السيولة؟

جاك ما - المصدر: بلومبرغ
جاك ما - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

انقلبت رؤية المليادير الصيني الشهير، "جاك ما" لمستقبل التمويل في الصين رأساً على عقب من قبل السلطات التنظيمية، جنباً إلى جنب مع طموحات التحالفات التي تتبع قيادته.

وتجري الشركة التابعة لـ"ما" " آنت جروب Ma’s Ant Group" محادثات مع السلطات التنظيمية حول ضخ رأس المال في وحدات الإقراض متناهي الصغر الخاصة بها، وذلك بعد أسابيع فقط من توقُّف طرحها العام الأولي البالغ 35 مليار دولار في حملة رقابية على مستوى القطاع.

كما أصبحت خطط الطرح لشركة " جيه دي ديجيت تكنولوجي هولدينج JD Digits Technology Holding" لصاحبها "ريتشارد ليو" ملياردير التجارة الإلكترونية في طيِّ النسيان.

واضطرت شركة" لوفاكس هولدينج ليمتد Lufax Holding Ltd" إلى إعادة التفاوض بشأن الشروط مع بعض المساهمين، بعد أن قيَّم الاكتتاب العام الأولي، الذي قام به مؤخراً أكبر بنك إلكتروني، مدرجاً بالبورصات في الصين بأقل من جولة تمويل سابقة.

وجاءت هذه التفاصيل من أشخاص مطَّلعين على المناقشات، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظراً لأنَّهم يتحدثون في أمور سرية.

وكل هذا جزءٌ من المشهد سريع التغيُّر لقادة التكنولوجيا المالية في الصين، التي قدَّمت حتى وقت قريب الدليل الأكثر إقناعاً لعمالقة التكنولوجيا الذين يستخدمون قوتهم – ولمسة خفيفة من الجهات التنظيمية - لإعادة توصيل الخدمات المالية التقليدية. إنَّهم الآن يندفعون لدعم رأس المال ، ويفكِّرون في إصلاحات الأعمال، ويستعدون لمزيد من الاضطرابات، إذ تضع الجهات الرقابية القطاع وأنظاره على مجالات تشمل الإقراض، والشراكات المصرفية، وخصوصية البيانات.

رسالة تنظيمية

قال "شون دينج"، المحلل المقيِّم بالعاصمة الأمريكية واشنطن في شركة" بلينوم Plenum ، وهي شركة أبحاث متخصصة في السياسة والاقتصاد الصيني: "إنَّ الاستقرار المالي، يعدُّ مسألة سياسية في الصين".وتابع: "الهدف الأساسي من إرسال مثل هذه الرسالة القوية، هو أن تكون شركات التكنولوجيا المالية في المستقبل أكثر حذراً ، وأن تفهم أنَّ منتجاتها، يمكن أن تسبب مخاطر مالية."

وتأتي الدعوة لتشديد الرقابة من قمة هرم السلطة، إذ حثَّ الرئيس "شي جين بينج" السلطات التنظيمية المالية على العمل بجرأة، وعلى إتقان دورهم الرقابي، وفقاً لمقال رأي كتبه مسؤول في الهيئة التنظيمية المصرفية، ونشرته صحيفة " بيبولس ديلي People’s Daily" الناطقة بلسان الحزب هذا الشهر.

وكان قطاع الإقراض عبر الإنترنت البالغ قيمته 1.2 تريليون دولار، الهدف الأول في خط التغيير، إذ تحاول العديد من الشركات بالفعل، تلبية متطلبات القواعد الصارمة التي لم يتم الانتهاء من صياغتها بعد.

توقُّعات بتراجع قيمة "اَنت غروب"

كانت شركة "آنت Ant" ، أكبر لاعب في الإقراض عبر الإنترنت ، وهي أكثر الضحايا وضوحاً نظراً للتوقُّف المفاجئ للاكتتاب العام الأولي الذي سجَّل أرقاماً قياسية هذا الشهر. وبصرف النظر عن المناقشات حول استكمال متطلبات رأس المال، فإنَّ شركة "آنت Ant" تعمل أيضاً على إبطاء وتيرة حزم القروض الحالية في الأوراق المالية المدعومة بالأصول لبيعها للمستثمرين، بحسب ما قال شخص مطَّلع على الأمر.

كما تحتفظ الشركة حالياً بحوالي 2% من القروض في ميزانيتها العمومية، والباقي مموَّل من أطراف ثالثة، أو يتمُّ توفيره في صورة أوراق مالية، ثم بيعها للحصول على السيولة النقدية.

وقد كتب المحلل في شركة "برنشتاين Bernstein"، ومقرها في سنغافورة، "كيفين كويك"، في تقرير حديث: "عندما تعود شركة "آنت Ant" إلى السوق، فمن المتوقع أن تكون مشاعر المستثمرين أكثر تحفظاً ". وأضاف أنَّ تقييمها يمكن أن يخفض إلى 28%.

ويقدِّر "فرانسيس تشان"، كبير المحللين في "بلومبيرغ إنتليجنس"، أنَّ شركة "آنت Ant" قد تحتاج إلى ضخ ما يصل إلى 80 مليار يوان في وحدتي إقراض المستهلكين من أجل الامتثال للوائح الجديدة المتعلقة بالتمويل، والرافعة المالية.

وقد رفضت شركة آنت Ant" التعليق على ذلك.

البحث عن بدائل الطرح العام

يعيق التحول نحو العمل بحذر شركة" جيه دي ديجيت JD Digits" ، الشركة المالية التابعة لعملاق التجارة الإلكترونية "جيه دي .كوم إنك JD.com Inc"، التي قدَّمت طلباً للاكتتاب العام في "سوق شنجهاي ستار Shanghai Star Market" في شهر سبتمبر الماضي. وقال أشخاص مطلعون، إنَّ شركة "جيه دي ديجيت JD Digits" تدرس التغييرات في خطط الطَّرح، وتناقش الخيارات مع المساهمين الحاليين. ويبدو هدفها السابق المتمثِّل في الطرح لأول مرة في النصف الأول من عام 2021 الآن صعب المنال، وفقاً لأحد الأشخاص.

وقالت شركة "جيه دي ديجيت JD Digits" في رسالة نصية، إنَّها تعمل مع الجهات التنظيمية، ورفضت إعطاء المزيد من التعليقات.

وتُعدُّ شركة "لوفاكس Lufax" المُدرجة حديثاً مثالاً على مخاطر الطرح العام، عندما يكون نطاق قواعد التنظيم المتزايدة غير واضح.

وحذَّرت وحدة التكنولوجيا المالية التابعة لشركة" بينج آن انشيورنس جروب كو Ping An Insurance Group Co"، أكبر شركة تأمين في الصين من جهة القيمة السوقية ، المستثمرين قبل أن تُدرج بالبورصة، أنها تخطط لزيادة نسبة مخاطر القروض التي تتحملها مع شركاء الإقراض إلى 20 % من 2% بسبب الاتجاهات التنظيمية، بحسب مصادر مطَّلعة.

وكانت قيمة شركة " لوفاكس Lufax " أقل عند إدراجها بالبورصة، مما كانت عليه في جولة تمويل سابقة، كماسمحت للمساهمين الحاليين بمبادلة أسهمهم مع سندات قابلة للتحويل لتعويض الخسائر المحتملة، وفقاً لأشخاص مطَّلعين. وشهدت شركة الإغقراض تأرجح سهمها بعنف منذ طرحه العام مؤخراً فقد أصبح هدفاً لمستثمري البيع على المكشوف.

ورفضت شركة "لوفاكس Lufax " التعليق عبر البريد الإلكتروني.

كبح جماح التمويل الرقمي

أصبح المنظمون الصينيون يتحدثون بصراحة بشأن كبح جماح قطاع التمويل الرقمي المزدهر، مما يشير إلى أن حملة تعقب الشركات، يجب أن تستمر.

قال "ليانج تاو"، نائب رئيس لجنة تنظيم البنوك والتأمين الصينية هذا الشهر، إنَّ شركات التكنولوجيا المالية، لا تغير طبيعة الصناعة المالية، ويجب أن تخضع الشركات للإشراف نفسه، وإدارة المخاطر مثل البنوك. وقال "ليانج"، إنه سيجري، في المناطق التي يمكن فيها رصد احتكار السوق، تكثيف تحقيقات الجهة التنظيمية لضمان المنافسة العادلة والالتزام بالنظام.

وتعرَّضت وحدة " بينج آن Ping An"، بجانب عدد قليل من البنوك، للتوبيخ من قبل هيئة الرقابة المصرفية هذا الشهر لاستغلال عملية تقديم قروض صغيرة، من أجل تجميع عمليات التأمين الخاصة بهم. كما فرضت شركة" بينج آن بوهيو فاينانسينج جرانتيى كو Ping An Puhui Financing Guarantee Co" - وهي جزء من منصة شركة "لوفاكس Lufax" للقروض، رسومَ خدمة عالية، مما أدى إلى ارتفاع التكاليف وفقاً لبيان الهيئة.

وقال مصدر مطَّلع، إنَّ شركة "لوفاكس Lufax"، بدأت بالفعل في تقديم خيارات ضمان الائتمان من شركاء تأمين متعددين، إذ تقدِّم للعملاء المزيد من الخيارات. كما خفَّضت الرسوم بشكل كبير في شهر سبتمبر، مما قلل من تكاليف العملاء. وقال المصدر الذي رفض نشر اسمه، "لأنَّ الإجراءات لم يتم الإعلان عنها بطريقة علنية".

كما قال "كين بينج"، رئيس إستراتيجية الاستثمار في آسيا في ذراع الخدمات المصرفية الخاصة لشركة " سيتي جروب إنك Citigroup Inc"، إنَّه على المدى القصير، من المرجَّح أن يشعر المستثمرون بعدم اليقين بشأن شفافية التنظيم المالي في الصين. وأشار إلى أنَّ صانعي السياسات حذرون بشأن التكنولوجيا المالية، وهو قطاع جديد، ويستغرق وقتاً للتكيُّف مع القواعد التنظيمية".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات