يستعدُّ بنكان مركزيان متشددان بالجانب الشرقي من الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات محددة، في ظلِّ الجدل الدائر حول مدى خطورة الارتفاع في التضخم العالمي.
خلال الأسبوع المقبل، سيحثُّ صانعو السياسات في كلٍّ من المجر والتشيك على رفع تكاليف الاقتراض، لأجل منع القفزة في أسعار السلع الأساسية، والاختناقات في سلسلة التوريد، والعوامل العالمية أخرى، من التحوُّل إلى ضغوط تضخمية تشمل المطالبة برفع الأجور، في اقتصاداتهم المحلية.
وقد تختلف وتيرة تنفيذ الزيادات بين البلدين، فقد ألغتا قيود التباعد الاجتماعي لأجل إعادة فتح المتاجر والمطاعم، بعد التغلُّب على بعض الموجات الأكثر فتكاً من وباء كورونا في العالم.
فيما يتعلَّق بالمجر، قال غيولا بليشينغير، عضو المجلس النقدي، إنَّ بلاده تحاول كبح جماح أسرع نمو في الأسعار بالاتحاد الأوروبي من خلال زيادات ربع سنوية في أسعار الفائدة، لكي تتأكَّد من أنَّ الحملة المشدَّدة لا تقوِّض انتعاش الاقتصاد.
من المرجَّح أيضاً، وفقاً لـ"بليشينغير" في مقابلة، أن تتزامن الزيادات مع توقُّعات التضخم الصادرة عن البنك المركزي، التي يتمُّ نشرها مرة كل ثلاثة شهور، على أن يكون موعد الدفعة التالية في 22 يونيو.
وقال بليشينغير: "قد يتعرَّض السوق إلى عواقب سلبية خطيرة إذا تحرَّكنا ببطء شديد. ولكن إذا تحرَّكنا بسرعة كبيرة، فسيُمكِّننا ذلك من تقويض النمو الاقتصادي الهش حالياً. نحن بحاجة إلى تحقيق التوازن."
بعد تلك التعليقات، انخفضت عملة "الفورنت" المجرية بما يصل إلى 0.6% مقابل اليورو، لتصل إلى أضعف مستوى لها في أكثر من أسبوعين، بسبب تقليص المستثمرين لرهاناتهم على رفع أسعار الفائدة. وتعزَّزت العملة بنسبة 1.3% مقابل اليورو خلال الشهر الماضي.
أما البنك المركزي، فقد كانت قيادته صريحة فيما يتعلَّق بالحاجة إلى رفع أسعار الفائدة خلال اجتماع الأسبوع المقبل، خصوصاً بعد ارتفاع الأسعار فوق نطاق السماح المحدد بنسبة 2 - 4%، إلى نسبة 5.1% سنوياً للشهر الثاني في مايو.
وينقسم الاقتصاديون والمستثمرون في سوق المال حول الوتيرة التي يجب بها تحقيق ذلك؛ إذ توقَّعت المجموعة الأولى في استطلاع أجرته "بلومبرغ" زيادتين بمقدار 15 نقطة أساس خلال هذا العام، في حين توقَّعت المجموعة الثانية زيادةً إلى الضعف وفقاً لاتفاقيات السعر الآجل.
لماذا التأجيل؟
في جمهورية التشيك، أصبح توماس هولوب أوَّل صانع سياسات يُفضِّل رفع أسعار الفائدة في اجتماع البنك المركزي بتاريخ 23 يونيو بدلاً من انتظار اجتماع شهر أغسطس، مشيراً إلى أنَّ الخطوة السابقة التي تمَّ اتخاذها أظهرت أنَّ البنك لن يسمح للعوامل الدافعة إلى التضخم العالمي بإخراج الأسعار الاستهلاكية عن السيطرة.
يتوقَّع هولوب، الذي أدار يوماً فريق التوقُّعات بالبنك المركزي، أن تتمَّ مراجعة توقُّعات النمو لعام 2021 بزيادة نسبتها "2.5% أو أكثر تقريباً"، بسبب الأداء الاقتصادي الأفضل من المتوقَّع في الربع الأول، وتسارع وتيرة تخفيف قيود الإغلاق.
وبرغم اندفاع الارتفاع الحالي للأسعار بظواهر مؤقتة، بحسب قوله، إلا أنَّ هناك "خطراً متزايداً بشأن اتساع توقُّعات التضخم" الذي يحتاج البنك المركزي إلى معالجته.
ويؤدي النقص المحلي في الأيدي العاملة إلى نمو الأجور، وإبقاء التضخم الاستهلاكي في نطاق السماح المحدد بنسبة 1-3%.
وقال هولوب: "هذه هي اللحظة التي يجب أن نقول فيها لا. لن تسمح السياسة النقدية باستمرار التضخم المرتفع لفترة طويلة، وقد بدأنا في العودة إلى طبيعتنا. يقودني الاستنتاج إلى أنَّ اللحظة قد حانت الآن، فلماذا التأجيل حتى شهر أغسطس؟"
وتشير اتفاقيات أسعار الفائدة الآجلة إلى وجود فرصة نسبتها 50% على الأقل لحدوث زيادة في شهر يونيو بجمهورية التشيك، في حين يراهن المستثمرون على زيادتين بربع نقطة في كلٍّ منها خلال الشهور الستة المقبلة. يؤشر ذلك أيضاً إلى أنَّ المجر بدورها، قد تقود طريق التشديد من ناحيتي التوقيت والحجم.
وكتب المحللان بيتر كرباتا وبيتر فيروفاكس من شركة "آي إن جي غروب إن في"، في تقريرهما إلى العملاء: "نتوقَّع أن يقدِّم البنك الوطني المجري ارتفاعاً مجدياً في اجتماع شهر يونيو، على رفع المعدل المرجعي إلى 1.25%، والالتزام ببذل المزيد من الجهد".