حققت شركة "جيه بي إس إس أيه" (JBS SA)، أكبر منتج للحوم في العالم، "تقدماً كبيراً " لإنهاء أزمة الهجوم الإلكتروني الذي أصاب عملياتها العالمية، وستعمل الغالبية العظمى من مصانعها بداية اليوم الأربعاء.
قال "أندريه نوغيرا" الرئيس التنفيذي لشركة "جيه بي إس الولايات المتحدة" (JBS USA) في بيان صدر في وقت متأخر من يوم الثلاثاء: "عادت أنظمتنا للعمل مرة أخرى، ونحن لا ندخر أي موارد للتصدي لهذا التهديد". جاء في منشور لاتحاد عمالي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن فترة الدوام في مصنع "جريلي" في ولاية كولورادو يوم الأربعاء من المقرر أن تكون كما هو معتاد في يوم إنتاج عادي.
أجبر الهجوم الإلكتروني شركة "جيه بي إس" على إغلاق جميع مصانع لحوم الأبقار الأمريكية التابعة لها، والتي تمثل ما يقرب من ربع الإمدادات الأمريكية، وفقاً لمسؤول في الاتحاد الدولي لعمال الأغذية والتجارة، الذي يمثل العمال في مصانع الشركة في الولايات المتحدة. كما ذكر مسؤول، أن منشآت تعبئة اللحوم فى البلاد تعرضت لمستويات من تعطيل العمل بها.
أدى هجوم نهاية الأسبوع على شبكات الكمبيوتر التابعة للشركة إلى إغلاق عمليات الذبح في جميع أنحاء أستراليا وتوقف أحد أكبر مصانع لحوم البقر في كندا. ليس من الواضح بالضبط عدد المصانع التي تأثرت على مستوى العالم لأن شركة "جيه بي إس" لم تنشر تفاصيل بعد.
أدت عمليات الإغلاق إلى تقلبات في الأسواق الزراعية وأثارت مخاوف بشأن الأمن الغذائي، حيث يستهدف القراصنة على نحو متزايد البنية التحتية الحيوية. وتراجعت العقود الآجلة للماشية، بينما ارتفعت أسعار لحم الخنزير.
مجموعة روسية في قفص الاتهام
تقف مجموعة قرصنة سيئة السمعة مرتبطة بروسيا وراء الهجوم على شركة "جيه بي إس"، وفقاً لأربعة مصادر مطلعة على الحملة، ولم يُسمح لهم بالتحدث علناً عن هذا الأمر. يطلق على العصابة السيبرانية اسم "أر إيفل"(REvil) أو "سودينوكيبي" (Sodinokibi).
على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان جميع قراصنة مجموعة "إر إيفل" يعملون في روسيا، إلا أن الوجه العام للمجموعة، وهو مستخدم في منتدى "إكس إس إس" (XSS) للجرائم الإلكترونية عبر الإنترنت المظلم، والذي يحمل اسم "المجهول"، ينشر باللغة الروسية حصرياً. يستخدم قراصنة "أر إيفل" عادة مدونة الإنترنت المظلم يطلق عليها "هابي بلوغ" (Happy Blog) لتسمية الضحايا وفضحهم، عندما يرفضون الانخراط في محادثات لدفع فدية.
لم تنشر مجموعة "أر إيفل" للقرصنة بعد تدوينة في المدونة خاصة بشركة "جيه بي إس". وذكرت وكالة "إنترفاكس" نقلاً عن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن موسكو وواشنطن على اتصال مباشر بشأن عملية القرصنة.
يأتي الهجوم على شركة "جيه بي إس" بعد ثلاثة أسابيع من استهداف شركة "كولونيال بايبلاين"، المشغل لأكبر خط أنابيب بنزين في الولايات المتحدة، بهجوم فدية نُسب إلى مجموعة قرصنة تُدعى "دارك سايد" ( DarkSide).
قال الخبراء، إن هناك بعض الأدلة التي تربط المجموعة بروسيا. جاء ذلك في أعقاب سلسلة من عمليات القرصنة المدمرة ضد الوكالات الحكومية والشركات والمنشآت الصحية الأمريكية، والتي غالباً ما تُلقى باللوم على روسيا، أو قراصنة في روسيا في وقت يشهد توتر في العلاقات بين الدولتين.
وفي الوقت نفسه، فإن هجوم "جيه بي إس" دفع أيضاً بالنظام الأمريكي الخاص بإعادة إنتاج اللحوم الرخيصة إلى دائرة الضوء.
السيطرة على إنتاج اللحوم
يهيمن على القطاع حفنة من عمالقة الإنتاج الأمريكيين من بينهم شركة "تايسون فودز إنك" وشركة "جيه بي إس" وشركة "كارغيل إنك" الذين يسيطرون على ثلثي قطاع لحوم البقر في الولايات المتحدة.
يمكن أن يؤدي تعثر عدد من تلك المصانع إلى تعطيل الإمدادات تماما، كما رأينا العام الماضي، عندما أسفر تفشى مرض كوفيد- 19 عن تعطيل المصانع ما تسبب في نقص المعروض من اللحوم في جميع أنحاء البلاد.
يعتبر القطاع مركز للغاية لدرجة أن توقف مصانع شركة "جيه بي إس" يعنى امتناع الحكومة الأمريكية يوم الثلاثاء عن إصدار بعض بيانات تسعير اللحوم الرئيسية التي تعتمد عليها الأسواق الزراعية يومياً.
قال السناتور الأمريكي، جون ثون، النائب عن ولاية ساوث داكوتا، وثاني أقوى عضو جمهوري في مجلس الشيوخ: "إن هجمات مثل هذه تسلط الضوء على نقاط الضعف في أمن سلسلة الإمداد الغذائي في بلادنا، وتؤكد أهمية تنويع قدرة تصنيع اللحوم في البلاد".
من جهته، أوضح ألان ليسكا، كبير مهندسي الأمن في شركة تحليلات الأمن السيبراني، "ريكورديد فيوتشر" (Recorded Future)، إنه جرى الإبلاغ عن أكثر من 40 هجوماً من برامج الفدية ضد شركات الأغذية منذ شهر مايو 2020.
حتى الآن ، ليس من الواضح تأثير هذا الهجوم الأخير على أسعار اللحوم. لا يحب تجار التجزئة دائما ارتفاع الأسعار على المستهلكين، وقد يحاولون مقاومة ذلك، وفقاً لـ"مايكل نيبفو"، الخبير الاقتصادي في مكتب الاتحاد الفيدرالي للمزارع الأمريكي، حيث قال في مقابلة عبر الهاتف: "ستؤثر المدة التي ستستغرقها تعطل الإنتاج على المستوى الذي يبدأ فيه المستهلكون في رؤية شيء ما في متاجر البقالة ".
يمكن لمنتجي الثروة الحيوانية أن يشهدوا بعض التأثير المباشر، حيث تراجعت العقود الآجلة للماشية في بورصة شيكاغو بنسبة 3.4 % يوم الثلاثاء، قبل تقليص الخسائر. كما يؤدي إغلاق المسالخ إلى تفاقم تخمة المعروض من الحيوانات الحية.
الصين معرضة للخطر
في آسيا، تعد الدولة الأكثر عرضة لخطر الإغلاق المطول هي الصين، أكبر مستورد للحوم البقر في العالم، تقترب أسعار لحوم البقر بالفعل من مستوى قياسي، وأي انقطاع طويل في الإمدادات قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بطريقة أكبر ويؤجج مخاوف تضخم الغذاء.
يأتي حوالي 30% من عائدات صادرات شركة "جيه بي إس" من الصين الكبرى.
تمتلك شركة "جيه بي إس" أيضا شركة "بلغرمز برايد كورب" (Pilgrim’s Pride Corp)، ثاني أكبر منتج للدجاج في الولايات المتحدة. وبحسب "وليام كاليكوت"، رئيس مجلس مؤسسة وسط الأطلسي لفحص الأغذية المحلية (AFGE)، إن اثنين على الأقل من مصانع لحوم دواجن شركة "بلغرمز برايد" في مدينة "تشاتانوغا"، بولاية تينيسي الأمريكية، جرى إغلاقهما بسبب الهجوم السيبراني.
تمتلك شركة "جيه بي إس" منشآت في 20 دولة.
أعلنت الشركة أن منشأة لحوم البقر في كندا قد استأنفت الإنتاج. كانت المصانع في مدينة "كاكتوس" بولاية تكساس ومدينة "غراند آيلاند" في ولاية "نبراسكا" تخطط لإعادة تشغيل بعض خطوط التصنيع على الأقل، وفقاً لمنشورات على موقع "فيسبوك".
قال متحدث باسم نقابة موظفي صناعة اللحوم الأسترالية في ولاية تسمانيا، في أستراليا، إنه جرى إبلاغ العمال في مصنع تصنيع لحوم البقر التابع لشركة "جيه بي إس" بأن العمليات ستُستأنف يوم الجمعة.