"عملة البنك المركزي".. متى لا يكون الدولار دولاراً؟

صعود كبير في أسعار العملات المشفرة ينذر بمجوة تصحيح في الأسعار خاصة مع تراجع حصة بتكوين في السوق - المصدر: بلومبرغ
صعود كبير في أسعار العملات المشفرة ينذر بمجوة تصحيح في الأسعار خاصة مع تراجع حصة بتكوين في السوق - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

ستُحدث العملة الرقمية الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي، ثورة في عالم الصناعة المالية الأمريكية. وفي حين أن الرقمنة الاقتصادية والمالية، بالغة الأهمية بحسب رئيس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم بأول"، إلا أنها لا يمكن أن تكون شاملةً أيضاً؛ والنتيجة هي أن الاقتصادات الكبرى ستنتهي بنوعين مختلفين على الأقل من المال.

وفي الحقيقة، فإن الشاغل الأكثر شيوعاً، هو احتمال أن تؤدي عملة البنك المركزي الرقمية (CBDC) إلى الحد من استخدام الوسطاء، حيث يضع الأفراد أو تجار الجملة أموالهم في نظام عملة البنك المركزي الرقمية بدلاً من البنوك التجارية. وستكون النتيجة قروض أقل ونشاط اقتصادي أقل للقطاع الخاص.

"ضوابط رأس المال"

عادةً ما يرى أنصار عملة البنك المركزي الرقمية أن التنظيم يمكن أن يحل هذه المشكلة؛ فهم يفضلون مزيجاً من حدود الإصدار على وحدات عملة البنك المركزي الرقمية، أو وصولها لتجار الجملة واللاعبين الرئيسيين فقط، أو أسعار الفائدة أو الرسوم على حيازات عملة البنك المركزي الرقمية.

ومع ذلك، فإن كل هذه الأفكار تخلق حواجز - قد تسمونها "ضوابط رأس المال" - بين الدولارات العادية ودولارات عملة البنك المركزي الرقمية. وإذا كانت هناك حدود أو عوائق تحول دون تحويل الدولار إلى عملة البنك المركزي الرقمية، فلن يتم بيع الدولار ووحدات عملة البنك المركزي الرقمية بنفس السعر. لما ذلك؟ لأنهما تؤديان وظائف مختلفة لعملاء مختلفين.

وبالطبع في حال سمح الاحتياطي الفيدرالي بتحويلات غير مقيدة، فسيتم فرض سعر واحد لواحد عن طريق المراجحة؛ إلا أن مثل هذه الامتيازات المفتوحة وغير المقيدة هي بالضبط ما يسعى دعاة السياسة إلى الحد منه.

اليوان الصيني

وفي الواقع، ستكون النتيجة مشابهة إلى حد ما للنظام الصيني؛ حيث طالما كان لليوان قيمة داخل الصين وأخرى في الأسواق العالمية، مع فرض ضوابط على رأس المال. ومع اقتراب ظهور عملة رقمية صينية، قد يكون لدى الصين قريباً ثلاثة أسعار عملات مختلفة (على الأقل).

وفي هذا العالم الجديد، سيتساءل الناس عما إذا كانت وحدة الحساب بالدولار الأمريكي تشير إلى "دولارات عادية" أو إلى دولارات عملة البنك المركزي الرقمية؛ كما قد تكون هناك وحدتان متنافستان من "وحدات الحساب بالدولار" - أو بشكل أكثر معقولية، سيستمر تقويم أسعار التجزئة بالدولار العادي، في حين سيكون لعملة البنك المركزي الرقمية سعر صرف عائم بالنسبة لـ "دولارات التجزئة".

ماذا عن سعر الدولار الرقمي؟

ونظراً لتطور وتعقيد الأعمال في الولايات المتحدة والتوزيع الواسع للهواتف الذكية، والتي يمكن أن تتيح الحساب الجاهز، لا أجد هذا السيناريو مثيراً للقلق. ومع ذلك ستحصل ثورة من نوع ما؛ وعلى وجه الخصوص، سيصبح سعر دولار عملة البنك المركزي الرقمية متغيراً رئيسياً للسياسة ومؤشراً رئيسياً لوجهة سياسة البنك المركزي.

وهنا يأتي السؤال: إلى أي مدى يرغب "الاحتياطي الفيدرالي" في السماح للمعاملات والوساطة والموارد بالتدفق إلى القطاع المرتبط بعملة البنك المركزي الرقمية؟ ستصبح المناقشات الحالية حول عمليات السوق المفتوحة أو الفائدة على الاحتياطيات غامضة وعفا عليها الزمن، كما ستصبح اللوائح التي تفصل قطاع عملة البنك المركزي الرقمية عن قطاع التجزئة بالدولار مهمة حقاً، وستعطي "الاحتياطي الفيدرالي" (والأطراف التنظيمية الأخرى) تأثيراً أكبر بكثير على التخصيص القطاعي.

بمرور الوقت، سيصبح القطاع المالي لعملة البنك المركزي الرقمية أكبر من ذلك بكثير في ظل رقمنة الاقتصاد والمطالبة بنظام الدفع والتسوية الفائق الحداثة لعملة البنك المركزي الرقمية. وهذا يعني أن العملة الأمريكية المهيمنة - دولار عملة البنك المركزي الرقمية - ستكون منفصلة تماماً عن وحدة المحاسبة السائدة، أي دولار التجزئة.

عملة الاحتياطي العالمية

وتبقى مسألة ما إذا كانت بعض العملات الأخرى ستحل محل الدولار الأمريكي كعملة احتياطية في العالم محور نقاش دائم؛ وربما يكون البديل الحقيقي للدولار هو ... دولار عملة البنك المركزي الرقمية.

سؤال آخر مطروح، هو ما إذا كانت العملات الرقمية الموردة من القطاع الخاص، قادرة على أن تتعايش مع عملة البنك المركزي الرقمية الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي.

والجواب المحتمل هو نعم، حيث إن إصدار الاحتياطي الفيدرالي لعملة البنك المركزي الرقمية، بغض النظر عن مدى حسن إدارتها، لن يخدم جميع الأغراض، فقد يرغب المشاركون في السوق أيضاً في عملات رقمية تتمتع بقدر أكبر من الخصوصية وإخفاء الهوية، أو العملات الرقمية الخاضعة للوائح مختلفة، أو العملات الرقمية المصممة للتعامل مع الأجانب، بما في ذلك البلدان ذات العملات غير السائلة وغير القابلة للتحويل؛ فبعد كل شيء، من غير المرجح أن يسمح الاحتياطي الفيدرالي لجميع الأجانب بالمشاركة في نظام عملة البنك المركزي الرقمية الجديد، جزئياً بسبب المتطلبات التنظيمية، وكذلك بسبب الخوف من التدفقات العالمية؛ وقد تكون هناك أيضاً "سلة" من عملات البنوك المركزية الرقمية على المستوى العالمي.

علاوةً على ذلك، قد يُسمح فقط "لتجار الجملة" بالمشاركة في عملة البنك المركزي الرقمية، في حين تُصدر البنوك عملات مستقرة لمنح المودعين وصولاً غير مباشر إلى نظام الاحتياطي الفيدرالي الأساسي لعملة البنك المركزي الرقمية.

كما قد تحاول البنوك ربط هذه العملات المستقرة بسعر واحد لواحد إما بدولارات التجزئة أو دولارات عملة البنك المركزي الرقمية، تماماً كما تربط صناديق أسواق المال حصصها. وفي كلتا الحالتين، سيكون هناك المزيد من الأموال والأسعار العائمة الإضافية.

وبالطبع، هناك أيضاً احتمال ألا يتخذ الاحتياطي الفيدرالي أي إجراء تجاه عملة البنك المركزي الرقمية؛ وفي هذه الحالة، سوف تفعل البنوك المركزية الأخرى ذلك. وبغض النظر عن نهاية مطاف السياسة، فقد حان الوقت لربط أحزمة الأمان.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة