"إنهم يشترون الوقت".. لماذا تبدو شركات السيارات غير ملتزمة بالوعود البيئية؟

سيارات كهربائية - المصدر: بلومبرغ
سيارات كهربائية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

أصبح بعض الشركات التي تعتبر من أكبر باعثي الكربون في العالم، من أشد المدافعين عن تغير المناخ، وغالباً ما تنطق بكلمات طنَّانة مصاحبة مثل "الانبعاثات الصفرية"، وإزالة الكربون، والحياد. تمتلئ الآن معظم مكالمات الأرباح وتقارير استدامة الشركات المختلفة بهذه المصطلحات. تبدو الخطط سامية، لكن الواقع بالنسبة للمساهمين غامض في أحسن الأحوال.

في الشهور الأخيرة، أعلن صانعو السيارات العالميون عن طموحاتهم بأن يكونوا محايدين للكربون، فهم يريدون فقط إضافة نفس الكمية من الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي عند إزالتها، والوصول إلى صافي صفر من الانبعاثات.

تخطط شركة "جاغوار لاندروفر"، المملوكة لشركة "تاتا موتورز" الهندية، للوصول إلى الهدف بحلول عام 2039، فيما تريد شركة "جنرال موتورز" تحقيق ذلك بحلول عام 2040. وتتوقع شركة "تويوتا موتور"، واحدة من كبريات تصنيع السيارات في العالم، أن تكون خالية من الكربون بحلول عام 2050. ومؤخرا أصدرت الشركة اليابانية بياناً يقول إن 70% من مبيعات سيارات "تويوتا" و"لكزس"، وتشمل المركبات الهجينة أيضاً، ستصبح كهربائية بحلول عام 2030. وقدم آخرون وعوداً جريئة مماثلة أيضاً.

حوافز ضئيلة

لا يمكنك لوم صناعة السيارات على المحاولة، حيث لا تقتصر الأهداف فقط على أن نكون مواطنين صالحين، وأن نساعد في تأمين مستقبل أكثر خضرة. يضع المنظمون معايير صارمة للانبعاثات، ويطارد المستثمرون أي شيء يأخذ في الحسبان الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، لكن يتعين على المساهمين البدء في الانتباه إلى ما تعنيه كل هذه الوعود.

لدى مصنّعي السيارات حافز ضئيل ليكونوا أصدقاء للبيئة، لأن بصمتهم الكربونية تتشابه إلى حد كبير مع المتاهة المترامية الأطراف، ولأنها تتجاوز انبعاثات العادم. هناك غازات دفيئة غير مباشرة تتولد في عملية تصنيع المركبات واستخدامها ثم إعادة تدويرها.

يبدو أن المستثمرين يصدقون مبدأ الصناعة القائل بأن الكهرباء هي الطريق إلى صافي الصفر. لكن المركبات الصديقة للبيئة لن تحقق نتائج سريعة، لأن تكلفة الملكية، وتكنولوجيا البطاريات، والبنية التحتية للشحن، تستمر في إعاقة وتيرة تبني ذلك، ومن الواضح أن ذلك ليس كافياً.

ترتفع تكاليف أهداف الصناعة، ويتعين على الشركات إما استثمار مبالغ كبيرة من المال لتحقيقها أو دفع غرامات مقابل المتطلبات المفقودة، كما وضعت النفقات الضخمة ضغوطاً على الهوامش والتدفقات النقدية، وإذا لم تفِ شركات صناعة السيارات بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، فسترتفع تكلفة رأس مالها عاجلاً أم آجلاً.

يبدو أن حل السيارة الكهربائية يتجاهل أيضاً حقيقة أن المواد اللازمة لصنع هذه المركبات، سواء كانت ألومنيوم أو بلاستيك أو عناصر أرضية نادرة مثل الليثيوم والكوبالت المستخدمة في البطاريات، تولِّد كميات كبيرة من انبعاثات الكربون. ويمكن أن تمثّل تلك المواد بحلول عام 2040، حصة أكبر من إجمالي تلك الموجودة في أنابيب العادم. قلة من شركات صناعة السيارات تتحدث عن هذا الجزء.

دور المساهمين

تنظر الصناعة بعيداً عن سلسلة التوريد وخط التصنيع بحثاً عن طرق لتكون واعية للمناخ. فعلى سبيل المثال، تسمح تعويضات الكربون للشركات بتخفيض مستوى انبعاثها الإجمالي عن طريق زراعة الأشجار والحصول على ائتمانات.

ويبدو أن الأمر لدى مصنّعي السيارات يتعلق بكسب الوقت أكثر من خفض الغازات المسببة للاحتباس الحراري، فيمكن لشركات صناعة السيارات شراء الائتمان، لكن سعر الكربون في أماكن مثل أوروبا، بدأ في الارتفاع فعلياً، مما يجعل هذا أمراً مكلفاً أيضاً.

من الصعب معرفة مقدار التقدم الذي تم إحرازه بالفعل، لأن صانعي السيارات لا يقدمون للمساهمين الكثير من المعلومات الدقيقة حول الانبعاثات. حتى مع كل الحديث عن الاستثمارات الكبيرة والصديقة للبيئة، فإن التفاصيل حول مكان إنفاق الأموال شحيحة، ولا يحصل المستثمرون على الكثير حول الجانب المالي لاحتساب الكربون أيضاً.

تجعل الأهداف المستندة إلى العلم، الصناعة المليئة في جوهرها بالملوثات، تبدو وكأنها سليمة وصديقة للبيئة. على الأقل، كما تجعل اللغة المستخدمة الأمر يبدو وكأن صانعي السيارات يفكرون في المشكلة، فيما يعطي هذا الخطاب للمستثمرين الأمل في أن الشركات قد تصل في يوم من الأيام إلى أهدافها.

يمكن للمساهمين الشعور بالفضيلة، ولكن كيف سيحاسبون صانعي السيارات خلال 10 أو 20 أو 30 عاماً؟ من الذي سيقيس انبعاثاتها على المدى الطويل؟

مع القليل من الإفصاح من صناعة السيارات، يعمل المستثمرون بشكل فعّال في الظلام. يحتاج المساهمون إلى الضغط للحصول على مزيد من المعلومات، ولا يمكنهم الجلوس في انتظار إعطائهم التفاصيل من شركات صناعة السيارات. عليهم أن يضعوا وقتهم وأفعالهم وضمائرهم حيث توجد أموالهم، إذا كانوا يؤمنون بالأمر حقاً.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة