قرَّر بنك "اتش اس بي سي"(HSBC) التخارج من الأعمال المصرفية للأفراد في السوق المحلية الأمريكية، ووافق على بيع 90 فرعاً، فيما يتطلَّع أكبر مقرض في أوروبا إلى التركيز على العملاء الأثرياء، وتوجيه مليارات الدولارات من رؤوس الأموال نحو آسيا.
ويعتزم البنك، الذي يقع مقرّه بلندن، الاحتفاظ بشبكة من 20 إلى 25 فرعاً، وتحويلها إلى مراكز إدارة ثروة عالمية، وإغلاق 35 إلى 40 فرعاً آخر. ويتوقَّع أن تبلغ تكلفة الصفقة قبل الضرائب 100 مليون دولار، وفقاً لبيان رسمي.
وتعدُّ الخطوة جزءاً من خطة أكبر من قبل البنك للاستثمار أكثر في آسيا، إذ سيركِّز على تقديم الخدمات المصرفية للأثرياء في المنطقة. كما يدرس التخارج من الأعمال في أوروبا، وأعلن أنَّه سيخفِّض حوالي 35 ألف وظيفة عالمياً لتعزيز الربحية بعد سنوات من المعاناة من أسعار الفائدة شديدة الانخفاض.
وقال المدير التنفيذي، نويل كوين، في البيان: "الأعمال الأمريكية أعمال جيدة، ولكن ينقصنا النطاق اللازم للمنافسة.. واستمرار وجودنا في الولايات المتحدة أمر حيوي لشبكتنا الدولية، ومساهم مهم في خططنا للنمو".
ولم تشهد الأسهم أي تغيُّرات تقريبية في التعاملات الصباحية اليوم بسوق لندن.
التركيز على الأثرياء
يمتلك "اتش إس بي سي" واحداً من أكبر الأعمال الأمريكية مقارنة بأيِّ بنك آخر غير أمريكي، ويرجع ذلك جزئياً إلى استحواذه "المشؤوم" على "هوس هولد انترناشونال" (Household International) في 2003، وهو بنك قروض عقارية عالية المخاطر، وقد كلَّف الشركة مليارات الدولارات في عمليات شطب الأصول.
وبموجب الصفقة سيخرج "إتش إس بي سي" من أعمال التجزئة المصرفية في الولايات المتحدة، ويركِّز على تقديم خدمات إدارة الثروات إلى قاعدة من العملاء الدوليين تتضمَّن حوالي 300 ألف عميل ثري.
وقال غريغ هينغستون، المدير الإقليمي لخدمات الصيرفة الشخصية، وإدارة الثروات في منطقة آسيا والمحيط الهادي: "تسمح لنا استراتيجيتنا الجديدة في الولايات المتحدة بخدمة حاجات العملاء الدوليين الأثرياء بشكل أفضل".
خروج "HSBC" المعقد من أعمال التجزئة في السوق الأمريكية عبر بيع الفروع (90 فرعاً)، وإعادة توظيف فروع أخرى، والتصفية خطوة استراتيجية مرحب بها ومنتظرة منذ وقت طويل. إنَّ التأثير المالي البسيط قد يحبط بعض الذين كانوا يأملون في تحقيق مكاسب من بيع الفروع، ولكن بالنظر إلى التعقيدات، من الأهمية تطبيق نهج مجزأ أثناء عملية تعديل الأعمال في الولايات المتحدة. جوناثان تايس، المحلل المصرفي، بلومبرغ إنتليجنس
تحويل الأعمال
ينخرط "HSBC" في عملية تقليص طموحاته العالمية، وتحويل رأس المال من أوروبا والولايات المتحدة لتمويل توسع أعماله الآسيوية، كما أنَّه بصدد بيع وحدة التجزئة الفرنسية. وتعدُّ عملية البيع التي بدأ البنك التحضير لها في عام 2019، في المرحلة النهائية، وأصبحت شركة "سيربيروس" (Cerberus) هي آخر مرشح متبقٍ للاستحواذ على الأصول.
ووافق المُقرض على بيع 80 فرعاً لمجموعة "سيتيزن فاينانشال"، وهي شركة إقراض إقليمية مقرّها "بروفيدنس" في رود آيلاند، وستسيطر المجموعة، كجزء من الصفقة، على ودائع بحوالي 9 مليارات دولار، وملياري دولار في صورة قروض، لكن لم يتمْ الكشف عن السعر.
كما وافق "كاثاي بنك" على شراء أعمال التجزئة المحلية في الساحل الغربي لـ"HSBC"، بما في ذلك حوالي 10 فروع، وحوالي 50 ألف عميل. ومن المتوقَّع إتمام عملية البيع في الربع الأول من 2022 بعد الحصول على الموافقة التنظيمية.
وقال محللو "جيفريز" في مذكرة يوم الخميس: "برغم صغر حجم هذه المعاملات نسبة لحجم "HSBC"، فإنَّ من شأنها أن تسهم في تبسيط أعمال المجموعة.. ومن المرجح أن تسلِّط مقاومة المستثمرين لهذه الخطوة الضوء على حقيقة عدم تخارج "HSBC" بالكامل من تجارة التجزئة في الولايات المتحدة، بالرغم من هذه الصفقات".