تظل توقعات التقلبات المتعلقة بسندات الخزانة الأمريكية - على الأقل وفقاً لمقياس واحد - عند مستويات متدنية مثلما كانت منذ أشهر، ما يعني أن لا أحد يعرف خطوة العائدات المقبلة في أكبر سوق في العالم للسندات.
وشهدت ديون الحكومة الأمريكية انتعاشاً متواضعاً الربع الجاري، بعد انهيارها في الثلاثة أشهر الأولى من العام وتسجيلها أسوأ خسارة منذ 1980، والآن تتداول بعائد في نطاق محدد في ظل قلق المتداولين من بعض التساؤلات الرئيسية التي تلوح في الأفق الاقتصادي، مثل إذا ما كان التعافي من الوباء سيكون مستداماً أم لا، وإذا ما كانت الضغوط التضخمية المتزايدة مؤقتة مثلما يتوقع الفيدرالي أم لا.
وتقول سوبادرا راجابا، من "سوسيته جنرال"، وغريغوري فارانيلو من "أميريفت سيكيورتيز"، إن الفصل التالي في تفسير الواقع الحالي، لن يأتي قبل أوائل يونيو، عندما تصدرت بيانات الوظائف الشهرية التي أصبحت ذات أهمية متزايدة بالنظر إلى تركيز الفيدرالي على سوق العمالة، وبعدما كان التقرير السابق أضعف من المتوقع.
يترك ذلك المتداولين في حيرة، حيث يقترب مؤشر "ICE BofA MOVE"، الذي يتتبع تقلبات عائدات سندات الخزانة، من أدنى مستوى منذ فبراير، وكان عائد السندات لأجل 10 سنوات يتداول في نطاق يقل عن 9 نقاط أساس الأسبوع الماضي، وهو أضيق نطاق منذ يناير، وتراجع العائد الشهر الجاري إلى 1.46% نتيجة بيانات الوظائف الضعيفة على نحو غير متوقع، ثم وصل إلى ذروته عند 1.7% في أعقاب الارتفاع في أسعار المستهلكين.
قالت راجابا، مديرة استراتيجية الفائدة الأمريكية في "سوسيتيه جنرال": "هذا النوع من التداول ضمن نطاق ضيق سيستمر حتى تزداد الثقة بشأن مسار الاقتصاد، وفيما يتعلق بالتضخم، يتوقع أغلب العملاء بالفعل استمرار معدلات التضخم العالية لبقية العام".
يشير الطلب الضعيف في مزاد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات المحمية من التضخم الأسبوع الجاري إلى الثقة في توقعات الفيدرالي بأن التسارع في أسعار المستهلكين من غير المرجح أن يستمر.
هدف الوظائف
ستكون بيانات الوظائف هامة من الآن فصاعداً، بسبب إشارة البنك المركزي إلى أنه سيركز على اختبار الحدود القصوى للعمالة الكاملة، ووصف الأمر بالهدف الواسع الشامل، كما سيسمح الفيدرالي للتضخم بتجاوز المستوى المستهدف عند 2%، وبالتالي فإن متابعة التقدم المحرز على جبهة استعادة الوظائف المفقودة نتيجة الوباء ستكون بمثابة مؤشر للمتداولين، الذين يحاولون توقع توقيت تخلي المسؤولين عن موقفهم بشأن سياسة التيسير وأسعار الفائدة.
يراهن المتداولون على أن الاقتصاد سيكون قوياً بما يكفي لحمل الفيدرالي على رفع تكاليف الاقتراض في بداية 2023، وفي نفس الوقت، يتوقع صناع السياسة أن الفائدة ستظل قرب الصفر حتى نهاية ذلك العام على الأقل.
وقال الاحتياطي الفيدرالي، إن عملية التخلي عن المحفزات ستبدأ بتقليص برنامج شراء السندات، وأدت احتمالية مثل هذا التخلي إلى ارتفاع مؤقت في العائدات يوم الأربعاء الماضي، بعد أن أظهر محضر اجتماع السياسة لشهر أبريل، أن بعض المسؤولين منفتحون لمناقشة الخفض التدريجي في "الاجتماعات القادمة".
فيما ترى، راجابا وفارانيلو، أن العام الجاري سينتهي بعائد فوق المستوى الحالي بحوالي 1.6% للسندات أجل 10 سنوات، وتتوقع عائدا بنسبة 2% في نهاية العام، بينما يرى فارانيلو النطاق أعلى قليلاً، لكن يتوقع أن يحد المشترون من صعود العائد.
أما ضغوط العائدات العالمية الأعلى قد تأتي من أوروبا بعد أن رفع التحسن في توزيع الأمصال والرهانات على التعافي الاقتصادي عائدات السندات الألمانية لأجل 10 سنوات إلى مستوى يجعل بعض المستثمرين يراهنون على أن العائد سيصعد فوق الصفر للمرة الأولى منذ أكثر من عامين.
بيانات التضخم
يجلب الأسبوع المقبل بعض البيانات الاقتصادية الجديرة بالملاحظة، ومن المتوقع أن يقفز مؤشر لأسعار المستهلكين يعرف بمؤشر أسعار النفقات الاستهلاكية الشخصية، والذي يستهدفه الفيدرالي رسمياً، بنسبة 3.5% في أبريل، فيما سيكون أعلى ارتفاع له في أكثر من عشر سنوات.
كذلك نراقب عن كثب توقعات التضخم على مدار 5 إلى 10 سنوات والقائمة على مسح تجريه جامعة ميتشيغان، بعدما ارتفعت القراءة الأولية لأعلى مستوى منذ 2011.
وقال فارانيلو: "لا أحد يعرف إذا كانت تلك الضغوط التضخمية مؤقتة أم لا.. لكن يريد الفيدرالي أن يعود الناس للعمل، وهو تحدٍ كبير بالنظر إلى العقبات بين إعادة فتح الوظائف وبين عدم عودة الناس للعمل نتيجة مجموعة هائلة من الأسباب المختلفة، وبالتالي تحتاج السوق المزيد من الوضوح بشأن صورة الوظائف".