تجاوزت موجة كوفيد-19 الوحشية التي تجتاح الهند، وتسجيل الأرقام القياسية اليومية القاتمة، شدة تفشي المرض في عام 2020.
ظاهرياً، تبدو التوقعات على المدى القريب قاتمة بالنسبة لمصافي النفط، لكن نظرة فاحصة تكشف عن اختلافات ملحوظة بين الوضع في 2021 و2020.
على الرغم من ظهور مجموعة أصوات تتوقع هبوط الطلب على النفط خلال مايو بعد انخفاض استهلاك الوقود في أبريل، هناك بعض الأسباب التي تجعل مصافي النفط وموزعي الوقود في الهند أفضل حالاً في 2021، على الرغم من انتشار الفيروس في واحدة من أكثر دول العالم كثافة بالسكان.
1- الإغلاق الكبير
أدى الإغلاق المفاجئ على مستوى البلاد في أوائل 2020، للحد من انتشار الموجة الأولى للوباء إلى شل الاقتصاد، مما أدى إلى انخفاض الطلب على النفط لأدنى مستوياته خلال أكثر من 10 سنوات، وإرهاق مصافي التكرير بتخمة فائضة من الوقود.
قاوم رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، هذه المرة، الدعوات إلى إغلاق واسع آخر للبلاد، وأسند الأمر للولايات لفرض إطار متفاوت من القيود.
سمح ذلك ببعض الحركة والنشاط الاقتصادي، مما ساعد المصافي على تجنب التخفيضات الكبيرة والمكلفة في معالجة الخام.
يرى آرون كومار سينغ، مدير التسويق والتكرير في "بهارات بتروليوم كورب"، ثاني أكبر شركة لبيع الوقود بالتجزئة في البلاد، أن "المصافي الهندية في وضع أفضل مقارنة بوضعها في العام الماضي، لكنها لم تتخلص من الصعوبات حتى الآن".
لكن نيودلهي مددت إغلاقها مرة أخرى واعتمدت قيوداً أكثر صرامة. وقالت شركة "ماروتي سوزوكي إنديا" أكبر شركة لصناعة السيارات في الهند، الأسبوع الماضي، إنها ستمدد إغلاق مصانعها لمدة أسبوع آخر بسبب تفشي الوباء.
2- وفرة المخزون
اضطرت المصافي إلى خفض معالجة الخام في عام 2020، بعد أن أدى الإغلاق إلى انخفاض الطلب على الوقود.
تضخم حجم النفط الخام والوقود في المخازن بسرعة، ما دفع الشركات إلى التدافع بحثاً عن كل الخيارات المتاحة لتخزين الإمدادات الفائضة بما في ذلك المستودعات الداخلية والخزانات في الموانئ والسفن في البحر.
اضطرت بعض الشركات مثل "مانجالور ريفانيري آند بتروكيميال" إلى خفض المعدلات خلال الموجة الحالية، ولكن هذه المرة هناك سعة تخزين وفيرة بعد تقليص المخزونات.
ارتفعت صادرات الوقود إلى أعلى مستوى لها في 11 شهراً خلال مارس، إذ تسارعت وتيرة انتعاش الطلب العالمي خلال الربع الأول، مما ساعد على استنزاف المخزونات المحلية المتضخمة.
3. أسواق تصدير محتملة
أتاحت إعادة فتح أجزاء من أوروبا، وهي سوق تصدير رئيسي للوقود الهندي، منفذاً محتملاً للإمدادات الزائدة. ومن المتوقع أن تصل شحنات المنتجات بما في ذلك البنزين والديزل إلى مليون برميل يومياً خلال الأسبوع الأول من مايو، على قدم المساواة مع المستويات المسجلة في يناير وفبراير.
لكن منصة "فورتكسا" لتحليلات النفط والغاز تتوقع زيادة "قد تكون وشيكة" إذا انخفض الطلب المحلي أكثر.
بلغت مبيعات وقود السيارات في بريطانيا لفترة 7 أيام حتى الأول من مايو أعلى مستوى لها منذ بدء الوباء، وفقا لبيانات حكومية.
تعود شعبية السيارات في جميع أنحاء العالم مع تفادي الأفراد استخدام القطارات والحافلات، مما أدى إلى زيادة الطلب على النفط والمعادن في البلدان التي يمكن أن تتحمل تكلفة ملكية سيارة.
في الولايات المتحدة، ارتفعت أسعار البنزين لأعلى مستوى لها في ثلاث سنوات في التعاملات اليومية يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، بعد هجوم إلكتروني أدى إلى تدمير أكبر مشغل لخطوط الأنابيب في البلاد. وحتى قبل إيقاف تشغيل نظام "كولونيال بايبلاين"، انتعش وقود السيارات بقوة منذ بداية 2021.
4- الأسواق تصعد
أجبر الوضع الرهيب الذي يجتاح الهند على التغيير من جانب الآخرين خارج البلاد، إذ خفضت المملكة العربية السعودية أسعار البيع الرسمية لخامها إلى العملاء الآسيويين لشهر يونيو بسبب تفشي المرض.
لم تكد أسواق النفط الأوسع نطاقاً تتراجع، مدعومة بالانتعاش في مناطق مثل الولايات المتحدة والصين.
يجري تداول خام برنت القياسي العالمي عند نحو 70 دولاراً للبرميل، بينما قال بنك الاستثمار الأمريكي "غولدمان ساكس" في أواخر الشهر الماضي، إن أسواق السلع تجاهلت الارتفاع الحاد في حالات الإصابة بكوفيد-19 في الهند.
مع ذلك، لا يزال الإغلاق الكامل يمثل البديل المتوقع. أصاب الفيروس سريع الانتشار ما يقرب من 23 مليون شخص حتى 11 مايو، ويمكن أن يحفز المزيد من الدعوات الحماسية للإغلاق الكامل، الأمر الذي من شأنه أن يزعزع بشكل كبير توقعات استهلاك الطاقة ويؤثر بشكل كبير على التعافي الناشئ.