الذهب يواجه السؤال الصعب.. هل تستمر المكاسب بعد "كورونا"؟

سبائك من الذهب - المصدر: بلومبرغ
سبائك من الذهب - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تواجه سوق الذهب الصاعدة، التي حطَّمت مستويات قياسية على مدار الفترة الماضية، سؤالاً وجودياً بعد ابتكار شركات الأدوية الشهر الجاري أمصالاً قد تقي من الإصابة بـ" كوفيد 19"، فماذا سيحدث لموجة الارتفاع بمجرد أن يبدأ توزيع لقاحات "كورونا"؟

وينظر الكثيرون للذهب على أنه الملاذ الآمن المثالي الذي يرتفع حتماً في أوقات الاضطرابات، واستناداً إلى هذا المنطق، فإنَّ بداية نهاية الأزمة، قد تشير إلى نقطة تحول لهذا الصعود، ولكن المعدن النفيس يستخدم كأداة تحوط من التضخم أيضاً .

وفي ظل ضخ كميات هائلة من الأموال في الاقتصاد العالمي العام الجاري، فإنَّ أية علامات على ارتفاع أسعار المستهلك، ستدفع المستثمرين للجوء مجدداً إلى السبائك.

2020 عام جيد لسوق الذهب

وكانت الأوضاع في سوق الذهب أغلب عام 2020، أفضل ما يكون مع تزايد الطلب نتيجة فيضان طبع الأموال، والدولار الضعيف، وعدم اليقين العالمي، وهو ما عزَّز سعره، وأشعل تراجع العائد الحقيقي على سندات الخزانة الأمريكية مكاسب إضافية في يوليو وأغسطس، فأرسل سعر الذهب الفوري إلى مستوى قياسي جديد فوق 2075 دولار للأوقية.

وبالرغم من أن الأسعار تراجعت قليلاً منذ ذلك الحين، واصل المستثمرون الاندفاع نحو صناديق المؤشرات التي جذبت في ذروتها في أكتوبر العام الجاري حوالي 900 طن من المعدن، أي ضعف التدفقات الداخلة في 2019.

كل شيء تغيَّر في غضون أسابيع

وعانى الذهب من ثاني أكبر تراجع في سبع سنوات في اليوم الذي أعلنت فيه "فايزر" عن نتائجها الأولية التي أظهرت أن مصلها فعال بنسبة 90 المئة، كما أن التناحر السياسي في الولايات المتحدة، يثير الشكوك بشأن تطبيق المزيد من المحفزات في المستقبل.

وشهدت صناديق المؤشرات – التي كانت عاملاً حيوياً في موجة صعود العام الجاري – تدفقات خارجة على الأقل لستة أيام على التوالي، في حين كانت الرهانات المتفائلة لصناديق التحوط بشأن السبائك عند أدنى مستوى في 17 شهراً في الأسبوع المنتهي في 17 نوفمبر.

وقال تاي ونج، مدير تداول مشتقات المعادن في "بي إم أو كابيتال ماركتس BMO Capital Markets": "إن بيانات المصل شديدة الإيجابية، وتثير احتمالاً حقيقياً بالعودة إلى الأوضاع الطبيعية، ربما مع حلول الربيع".

وأضاف أن الفائدة المنخفضة، واحتمالات ضخ المزيد من الدعم الحكومي سيعزز المعدن خلال هذا الوقت، ولكنَّ "سرعة ارتفاع الذهب، سوف تتقلص على الأرجح في المدى القصير".

بلومبرغ
بلومبرغ

هل يمكن أن تستمر السوق في الارتفاع؟

سوف تكون مسألة التضخم أساسية لأية توقعات في الوقت الحالي، كما كانت من قبل، وارتفع الذهب إلى مستواه القياسي السابق في 2011 بعد وقت قصير من الأزمة المالية العالمية، عندما بدأت البنوك المركزية برامج تيسير كمي واسعة، مما أثار المخاوف من تضخم فائق على غرار ما حدث بجمهورية فايمار بألمانيا، ومع ذلك، خاب أمل المتفائلين حينها نتيجة كبح التضخم.

وقد يختلف الأمر هذه المرة، وفقاً لأوليفر هارفي، استراتيجي الاقتصاد الكلي في "دويتشيه بنك Deutsche Bank AG"، الذي يقول: "عندما نتخلص من كوفيد 19، سيكون هناك قدر كبير من السيولة، فقد ارتفعت معدلات الادخار لمستوى كبير بسبب مكوث الأشخاص في المنزل، واستمرارهم في جني الأموال، وبالرغم من ذلك؛فإذا ارتفع التضخم إلى 3% أو 3.5% في العالم المتقدم، فسوف يلاحظ الكثير من الناس".

ويشير المتفائلون إلى ضعف الدولار الذي ساعد سبائك الذهب على الصعود كثيراً، فضلاً عن تحركات البنوك المركزية لدعم التعافي الاقتصادي كدعائم محتملة للمعدن.

المخاطر أكثر من عوامل الدعم

وقالت ،سوكي كوبر، محللة المعادن النفيسة في "ستاندرد تشارترد"، إن المخاطر التي تواجه أسعار الذهب لا تضاهي العوامل التي تدعم ارتفاعه، بالنظر إلى التوقعات بالمزيد من السياسة النقدية الفضفاضة في ظل بقاء أسعار الفائدة منخفضة أو سلبية عالمياً.

وترى ،كوبر، أن زيادة حجم الديون الحكومية، تعزِّز توقعات التضخم.

وبما يدعم الذهب أيضاً، بالرغم من تراجع الأسعار بسبب أنباء "فايزر" الأولى، فإن الإعلانات اللاحقة لم تسبب ردة الفعل الحادة نفسها ، وأغلق المعدن على تغير طفيف بعد أنباء "مودرنا إنك Moderna Inc." يوم 16 نوفمبر.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

معسكر المتشائمين

بالرغم من ذلك، يزداد معسكر المتشائمين بلا شك، فقد أعلنت "ماكواري جروب Macquarie Group Ltd" الأسبوع الجاري "نهاية الدورة الصاعدة للذهب"، وقالت "إن الأسعار وصلت إلى ذروتهاعلى الأرجح" .

وعللت المجموعة المصرفية الاستثمارية توقعاتها بازدياد احتمالية تقديم مصل في الأشهر المقبلة بجانب التكهنات بارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات التي وصلت لأعلى مستوى منذ مارس عند الإعلان الأول لـ"فايزر Pfizer".

وبالإضفة إلى ذلك، فإن احتمالية توافر اللقاح، قد تقلَّص فرص المزيد من المحفزات الحكومية المستقبلية خاصة مع عدم وضوح الحزب المسيطر على مجلس الشيوخ حتى الآن.

وقال ،داريوس تاباتابي، مدير التداول في "آريون انفيستمينت ماندجمينت Arion Investment Management.": "إنه من غير المرجح في حالة انقسام الكونجرس أن يستمر المستوى الجاد الحالي نفسه من الإنفاق المالي".

وقد يعاني الذهب أيضاً مع وضع المستثمرين لأموالهم في فئات أصول أخرى، تستفيد من الاقتصاد المتعافي، وقد يخضع الذهب، حتى في سيناريو استمرار ضعف الدولار وارتفاع التضخم، لخطر فقدان عرشه لصالح البيتكوين، لأنها من بين خيارات التحوط للمستثمرين أيضاً .

التحول نحو الأصول الخطرة

ومع السيطرة على الفيروس وعودة الثقة، سوف تتحول أنظار مديري الأموال على الأرجح نحو القيمة والأصول الخطرة، وهو ما يعني "انتهاء السوق الصاعدة للذهب وربما تحركه في الاتجاه المعاكس"، وفق ،روانا أوكونيل، مديرة تحليل الأسواق لمنطقة أوروبا والشرق الآوسط وأفريقيا وآسيا في "ستون اكس جروب StoneX Group Inc".

إذ قالت: "التأرجحات خلال الأسبوعين الماضيين هي انعكاس دقيق لحقيقة أن ما تمَّ التوصل إليه، هو مصل وليس علاجاً، وهناك طريق طويلة قبل أن نخرج من الأزمة".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات