سجلت مؤشرات الأسهم الأميركية أعلى مستوياتها على الإطلاق، حيث تجاهل المستثمرون خطة الرسوم الجمركية لدونالد ترمب، مع تراجع المخاطر الجيوسياسية، بعد أن توصلت إسرائيل و"حزب الله" في لبنان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
واصلت الأسهم مكاسبها للجلسة السابعة على التوالي، حيث سجل مؤشر "إس آند بي 500" رقمه القياسي الثاني والخمسين هذا العام.
بعد وقت قصير من تسوية العقود الآجلة للنفط، قالت الولايات المتحدة إن إسرائيل والجماعة المسلحة اللبنانية توصلتا إلى اتفاق. وبعد إغلاق السوق، أعلنت شركة "ديل تكنولوجيز" (Dell Technologies Inc) عن مبيعات أسوأ من المتوقع، في حين قدمت شركتا "إتش بي" (HP Inc)، و"كراود سترايك هولدينغز" توقعات أعمال باهتة.
تجاهلت وول ستريت خطة ترمب لفرض رسوم جمركية إضافية على كبار الشركاء التجاريين للولايات المتحدة. ودفعت أسهم "مايكروسوفت" شركات البرمجيات إلى الارتفاع، وسط انخفاض تعرض المجموعة لمخاطر الرسوم الجمركية. وفي حين تضررت شركات صناعة السيارات مثل "جنرال موتورز" و"فورد موتور" بسبب تعرضها للمكسيك والصين، أظهر تراجع حدة تقلبات الأسهم، أن الهدوء ساد.
تصعيد كلامي
وقال أندرو برينر من "نات ألاينس للأوراق المالية" (NatAlliance Securities): "ما زلنا نرى الرسوم الجمركية على أنها خطوة استراتيجية، ونعتقد أن التصعيد الكلامي سيكون أسوأ من الفعل".
ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.6%، ومؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.6%، في حين أضاف مؤشر "داو جونز" الصناعي 0.3%. ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بنقطتي أساس إلى 4.30%، كما ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.2%. وانخفض البيزو المكسيكي والدولار الكندي.
بالنسبة لدينيس ديبوشير من "22 في ريسرتش" (22V Research)، فإن ربط ترمب للرسوم الجمركية بالمخدرات والهجرة، بدلاً من سياسة التجارة والاقتصاد، وجه رسالة للمستثمرين تفيد بأنه تكتيك تفاوضي، وليس أداة سياسية.
وقال كيني بولكاري من "سلايت ستون ويلث" (SlateStone Wealth) إن ترمب كان "ينفذ وعود حملته الانتخابية، لا أكثر ولا أقل، وإحساسي يفيد بأن المستثمرين رحبوا بهذه الخطوة".
استجابة معتدلة لسوق السندات
وبينما ارتفعت الأسهم، كانت استجابة سوق السندات معتدلة بعد ثاني أكبر تقدم لها هذا العام.
في "بي أم أو كابيتال ماركيتس" (BMO Capital Markets)، يقول إيان لينجين إن الاستجابة الخافتة في سندات الخزانة قد تكون بسبب أن السوق سبق وسعرت التركيز المتجدد على "الرسوم الجمركية كسياسة تجارية"، كما أنها اعتراف بأن الزيادات في الرسوم لها تأثير لمرة واحدة على التضخم.
استأنفت الأسهم مسارها الصعودي بعد الانتخابات الأسبوع الماضي، وسجل مؤشر "إس آند بي 500" منذ ذلك الحين مكاسب معتدلة. ومع ذلك، كان حجم التداول بشكل عام ضعيفاً نسبياً، سواء في التداول النقدي أو في العقود الآجلة، قبل عطلة عيد الشكر يوم الخميس.
ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بأكثر من 25% في عام 2024، وفي طريقه إلى عام ثانٍ من العائدات فوق 20%، وهو الارتفاع الذي حدث أربع مرات فقط في القرن الماضي.
يقول بانكيم تشادا من "دويتشه بنك" إن المؤشر القياسي سيصل إلى 7000 نقطة بحلول نهاية العام المقبل، مما يجعله الأكثر تفاؤلاً بين استراتيجيي وول ستريت الذين يتوقعون المزيد من المكاسب للأسهم الأميركية.
كتب تشادا وفريقه في مذكرة مؤرخة يوم الإثنين: "نرى زخماً قوياً ثابتاً يستمر حتى عام 2025، مع نمو الأرباح لكل سهم برقم منخفض في خانة العشرات".
عام آخر من المكاسب
وفي الوقت نفسه، تعوّل سافيتا سوبرامانيان من "بنك أوف أميركا" على عام آخر من المكاسب المكونة من خانتين لمؤشر "إس آند بي 500" في عام 2025، لكنها تقول إن هناك فرصاً أفضل موجودة في الأسهم الفردية خارج المؤشر القياسي.
تراهن سوبرامانيان في نهاية عام 2025 على وصول المؤشر إلى 6666 نقطة، وتوصي بشركات تتمتع بآفاق عائد نقدي صحية ومرتبطة بالاقتصاد الأميركي. وتميل الاستراتيجية إلى الاستثمار في الأسهم المالية، والسلع الاستهلاكية التقديرية، والمواد، والعقارات، والمرافق.
في مجموعة "غولدمان ساكس"، ينصح الاستراتيجيون المستثمرين بالاحتفاظ بأموالهم في الأسهم الأميركية، مع تعديل حيازاتهم للتخفيف من حقيقة أن ما يقرب من نصف ارتفاع مؤشر "إس آند بي 500" في عام 2024 كان بسبب ما يسمى بأسهم "العظماء السبعة" (ميتا، تسلا، مايكروسوفت، أمازون، ألفابت، إنفيديا، أبل).
يقول بيتر أوبنهايمر من "غولدمان"، إن تنفيذ التنويع عبر الاستراتيجيات والمناطق يأتي بسبب التركيز والتقييم العاليين لسوق الأسهم الأميركية، ويضيف أن زيادة الوزن في الأسهم الأميركية لا تزال منطقية، مع الأخذ في الاعتبار التوقعات الاقتصادية القوية، وتوقعات الأرباح لعام 2025.