أنهت بورصة المغرب أسبوعاً قياسياً ببلوغ مؤشرها الرئيسي "مازي" أعلى مستوى له على الإطلاق، ويُرجح أن يتزايد الزخم مع فورة المشاريع التي تنفذها المملكة استعداداً لاستضافة كأس العالم 2030 مع إسبانيا والبرتغال، وفي ظل حماس المستثمرين الأفراد للانخراط في السوق.
سجل المؤشر الرئيسي لبورصة الدار البيضاء في آخر جلسة تداول يوم الجمعة 14886 نقطة، بارتفاع 23% مقارنة مع مستواه في بداية العام، لكن تحطيم الرقم القياسي كان يوم الخميس حين تم تجاوز حاجز 15000 نقطة لأول مرة.
بفضل هذا الأداء، ارتفعت القيمة السوقية للبورصة 24% على أساس سنوي لتتجاوز لأول مرة 76 مليار دولار، تمثل أسهم 77 شركة مُدرَجة في السوق.
هل نحن أمام فقاعة؟
كان محللو وحدة الأبحاث "التجاري غلوبال ريسرتش"، التابعة لبنك "التجاري وفا" أكبر مصرف في البلاد، حذروا في أكتوبر من "وضع غير صحي" من شأنه أن يجعل سوق الأسهم في المغرب عرضة لتصحيح مفاجئ، وتساءلوا عن قدرة "السوق على دعم مثل هذه المستويات المرتفعة من التقييم.
أثار هذا التحذير تساؤلات حول ما إذا كانت البورصة تشهد فقاعة؟ وهو ما ينفيه فريد مزوار، المدير التنفيذي لمكتب التحليل المالي والبورصة "إف إل ماركتس" (FLMarkets)، حيث قال في حديث لـ"الشرق": "لا أعتقد أن السوق تعيش فقاعة. تحطيم المؤشر الرئيسي لرقم قياسي هو أمر مرتبط بالعوامل الأساسية الجيدة وتدفق الأخبار الإيجابية".
رغم شح الطروحات الأولية في بورصة الدار البيضاء، إلا أن الطلب على شراء الأسهم يُظهر شهية كبيرة للمستثمرين وخصوصاً الأفراد.
كان طرح أسهم بنك "سي إف جي" (CFG) آخر اكتتاب شهدته البورصة في ديسمبر من العام الماضي، حيث جذب طلبات اكتتاب بلغت 21 مليار درهم (مليارا دولار) على طرحه العام البالغ حجمه 600 مليون درهم، بمعدل تغطية 35 مرة، وهو ما كان متوقعاً بالنظر لشهية المستثمرين لإدراجات قطاع البنوك في المغرب، الذي يتفوق على الأداء العام للبورصة بفضل نمو أرباحه وتوزيعاته.
ينطبق هذا الزخم على عمليات زيادة رأس المال أو بيع الأسهم من طرف الشركات المُدرَجة، وأحدث مثال على ذلك شركة "أكديطال"، أكبر مشغل للمستشفيات الخاصة في البلاد، التي قامت في يوليو الماضي بزيادة رأسمالها مليار درهم وهي العملية التي تمت تغطيتها بواقع 29 مرة.
إقبال المستثمرين الأفراد على ضخ أموالهم في أسهم الشركات المدرجة تجلى بشكل واضح أيضاً في الإقبال على عملية بيع حصة في أسهم بنك "مصرف المغرب" بمقدار مليار درهم، والتي تمت تغطيتها 18 مرة. بحسب مزوار، فهذه المشاركة الكبيرة تظهر حماس المستثمرين الأفراد الذين زادت مشاركتهم 5 أضعاف خلال الربع الثاني في عمليات سوق الأسهم.
كأس العالم أكبر محفز
تُقدر قيمة المشاريع الاستثمارية التي تخطط المملكة لتنفيذها بنحو 100 مليار دولار بحلول نهاية العقد الجاري، بحسب تقرير سابق لوحدة الأبحاث "التجاري غلوبال ريسرتش".
تأتي على رأس هذه المشاريع الاستثمارات اللازمة لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2030 بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال، إضافة إلى مشاريع تطوير منشآت تحلية مياه البحر والطاقات المتجددة إثر مواجهة البلاد لأزمة مائية بسبب توالي سنوات الجفاف، ومشاريع إعادة إعمار مناطق زلزال الحوز، وتطوير مشاريع الطرق السريعة والسكك الحديدية.
يُنوّه مزوار بأن مشاركة المملكة في استضافة أكبر تظاهرة رياضية في العالم هو أكبر حافز لسوق الأسهم. مضيفاً: "يجب أن تبدأ مختلف المشاريع الآن مثل خط القطار فائق السرعة وبناء الملاعب حتى تكون جاهزة في عام 2029 وتشغيلها في الموعد، ولذلك نرى التأثير منذ إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في أكتوبر الماضي عن قبول الترشيح الثلاثي، وسيستمر خلال السنوات المقبلة".
توقعات إيجابية
تبقى التوقعات المستقبلية إيجابية في ظل فورة المشاريع التي تشمل عدة قطاعات وهي بذلك تهم مختلف الشركات المدرجة، ولذلك من المتوقع أن يستمر مؤشر البورصة في تحقيق مستويات أعلى، بحسب الرئيس التنفيذي لشركة التحليل المالي والبورصة.
يأتي الأداء الاستثنائي للمؤشر الرئيسي للبورصة تزامناً مع إعلان شركة "سي إم جي بي غروب" (CMGP GROUP)، العاملة بالقطاع الزراعي في البلاد، عن اعتزامها طرح أسهمها في البورصة في أول عملية اكتتاب أولي هذا العام لجمع 110 ملايين دولار.
بنظر فريد مزوار فإن "الطروحات العامة الأولية تبقى دائماً أمراً جيداً للبورصة، لأنها تضيف ديناميكية إلى السوق، وقد تليها طروحات أخرى"، وهو ما من شأنه أن يزيد من حجم السوق لتحقيق هدف الوصول إلى أكثر من 300 شركة مدرجة بحلول 2035.