تسبب نقص أشباه الموصلات في انخفاض إنتاج السيارات، لدرجة دفعت شركات تأجير المركبات إلى شراء السيارات المستعملة من المزادات، لعدم قدرتها على الحصول على العربات الجديدة التي تحتاجها.
وتعد هذه منطقة مجهولة بالنسبة لشركات مثل "هيرتز غلوبال هولدينغز"، و"انتربرايز هولدينغز"، التي تحقق أرباحاً من خلال شراء سيارات جديدة بكميات كبيرة، بسعر رخيص، ثم تؤجرها لمدة تصل إلى عام، وتبيعها في مزاد علني.
في الماضي، لجأت هذه الشركات لشراء بعض السيارات المستعملة لمقابلة الطلب المفاجئ غير المتوقع، ولكن نادراً ما كانت السيارات المستعملة الدعامات الأساسية لأساطيلها.
ظرف استثنائي
وقال ماريان كيلر، مستشار مستقل كان عضوا في مجلس إدارة "دولار ثريفتي أوتوموتيف غروب"، التي تعد حالياً جزءاً من "هيرتز": "لا تذهب تلك الشركات أبداً إلى المزادات لشراء سيارات تقليدية سواء سيدان أو ذات دفع رباعي، وإنما الظروف الراهنة استثنائية.. وهناك نقص في السيارات".
يتسبب الطلب في ارتفاع أسعار السيارات المستعملة، ويظهر مؤشر "مانهايم" الذي يتتبع الأسعار في مزادات الجملة، أنها ارتفعت بنسبة 52% عما كانت عليه منذ عام.
وقال جوناثان سموك، كبير الاقتصاديين في "كوكس أوتوموتيف"، التي تمتلك "مانهايم"، أكبر مزاد للسيارات المستعملة في البلاد: "نتوقع أن نرى أرقاماً قياسية في مؤشر مانهايم حتى يونيو، قبل أن ينخفض الطلب بدرجة كافية تتماشى مع اتجاهات العرض.. ونتوقع أن تستمر أسعار التجزئة في الارتفاع حتى الصيف إذ تتبع اتجاهات البيع بالتجزئة البيع بالجملة بفارق ستة أسابيع".
تراجع إنتاج السيارات
هبط إنتاج المركبات بنسبة 4.6% في الربع الأول مقارنة بـالفترة المقابلة من 2020 عندما كانت المصانع بالفعل قد خسرت أسابيع من العمل عندما تسبب وباء فيروس كورونا في الإغلاقات، وفقا لـ"إل إم سي أوتوموتيف".
على الرغم من تكاليف الشراء، فإن أزمة السيارات بمثابة نعمة لشركات التأجير التي ستتمتع على الأرجح بأرباح قوية لأنها ستؤجر كل سيارة تمتلكها بأسعار أعلى بكثير من تلك التي فرضتها قبل الوباء.
ويرى "كيلر" أن المستهلكين سيدفعون كثيراً إذا أرادوا استئجار سيارة للذهاب في عطلة.
من جهتها، قالت "لورين لاستر"، المتحدثة باسم "هيرتز"، إن الشركة تضيف سيارات بقدر ما تستطيع إلى أسطولها بما في ذلك السيارات المستعملة لدعم التعافي في السفر.
أوضحت "لاستر" أن النقص العالمي في الرقائق الإلكترونية الدقيقة أثر على قدرة قطاع تأجير السيارات بأكمله على استلام طلبيات مركبات جديدة بالسرعة التي قد يرغبون بها.
وأضافت أن "هيرتز" تكمل أسطولها من خلال شراء المركبات المستعملة منخفضة الأميال، من قنوات متنوعة مثل المزادات والمزادات عبر الإنترنت، والوكلاء والسيارات الخارجة من برامج تأجير.
مخزون السيارات منخفض
ينطبق الشيء نفسه على شركة "انتربرايز"، المملوكة ملكية خاصة وأكبر شركة تأجير في البلاد. ولم تستجب شركة "أفيس بادجيت غروب" على الفور لطلب للتعليق.
وقالت المتحدثة باسم "انتربرايز"، ليزا مارتيني، عبر البريد الإلكتروني: "يعمل فريق الاستحواذ لدينا جاهداً لتأمين المركبات الإضافية سواء الجديدة أو المستعملة منخفضة الأميال عبر جميع القنوات لمقابلة الزيادة الحالية في الطلب".
وأضافت أنه بشكل عام لا يزال مخزون السيارات سواء الجديدة أو المستعملة منخفضاً، موضحة أن فرق الشركة ستواصل القيام بكل ما يلزم لتلبية حاجات التنقل للعملاء.
الأولوية لعملاء التجزئة
تراجعت مبيعات شركة "هيونداي موتور" لمشتري الأساطيل بنسبة 27% في أبريل، إذ تكرس الشركة الإنتاج لإرضاء وكلاء البيع بالتجزئة، حسبما قال خوسيه مونوز، رئيس العمليات.
وأوضح مونوز في مقابلة: "وضعنا استراتيجية عندما انضممت للشركة وهي إعطاء الأولوية للتجزئة على الأساطيل، ونحن نقدر أعمال الأساطيل، وهناك أعمال أساطيل جيدة حالياً ونحاول دعمها بقدر الإمكان، ولكن نعم، نحن نعطي التسليمات للمستهلك النهائي الأولوية".
تأثير أزمة نقص الرقائق
بدأت المشكلة قبل عام عندما دمر الوباء قطاع السفر، وقال نيل أبرامز، رئيس مجموعة الاستشارات "أبرامز"، التي تعمل في قطاع التأجير، إن شركات التأجير باعت مئات الآلاف من السيارات، ثم تعافى السفر تماماً في الوقت الذي تضرر فيه إنتاج السيارات من نقص أشباه الموصلات.
هبط إنتاج شركة "فورد موتور" بنسبة 17% في الربع الأول وقد ينهار بمقدار 50% في الربع الثاني، حسبما قالت الشركة في مكالمة إعلان نتائجها المالية في 29 أبريل، وأرسلت الشركات الأخرى رسائل تحذيرية مشابهة.
وقال أبرامز: "تعد الأحداث الحالية واحدة من الأحداث النادرة التي أرى فيها عملاء كثر ولكن سيارات غير كافية".
تراجع المعروض
وقال جوناثان سموك، كبير الاقتصاديين في "كوكس أوتوموتيف"، التي تمتلك "مانهايم" عبر البريد الإلكتروني إن المعروض يزداد تراجعاً، مضيفاً أن "مانهايم" بدأت العام الجاري بمعروضٍ منخفض قياسي، لكن الزيادات في الطلب أدت إلى خفض المعروض أكثر.
ارتفعت أسعار السيارات بالجملة على مدار 13 أسبوعاً على التوالي حتى الآن، وتسارعت الأسعار إلى أعلى مستوياتها الأسبوعية في الأسابيع الماضية.
اضطرت شركات التأجير إلى الاحتفاظ بالسيارات لوقتٍ أطول، وذكر تقرير منتصف الشهر لـ"مانهايم" في أبريل أن سيارات التأجير تأتي إلى المزاد بمتوسط أميال يبلغ 79 ألف بارتفاع 54% عن العام الماضي و18% على أساس شهري.
في الأوقات الطبيعية، كانت شركات التأجير تفضل بيع السيارات قبل أن تصل إلى 40 ألف ميل، حسبما قال كيلر.
ارتفاع أسعار تأجير السيارات
من جهته، قال جوناثان وينبرغ، المدير التنفيذي لـ"أوتوسلاش"، التي تساعد المستهلكين على إيجاد أقل أسعار التأجير، إن المستهلكين يدفعون الكثير إذا تمكنوا من إيجاد سيارات.
وأضاف: "نرى أرقاماً مذهلة، ويبلغ متوسط الأسعار في فلوريدا 100 دولار في اليوم، و200 دولار في هواي، و600 دولار في بورتو ريكو.. ونعتقد أن الأمر سيزداد سوءاً في الأسابيع القليلة المقبلة مع انتعاش السفر بالسيارات وانخفاض المعروض".
وقال حمزة مازاري، المحلل في "ديفريز آند كو"، إن "أفيس" توقعت أن ترتفع الأسعار بنسبة 3% في الربع الرابع إلى 59.43 دولار في اليوم. وأضاف: "أعتقد أنها قد تعلن عن ارتفاع الإيرادات بنسبة 4% على الأقل على أساس يومي في الربع الرابع إلى ما يصل إلى 60 دولاراً".
لفت مازاري إلى أن المستهلكين قد يكرهون ارتفاع الأسعار، ولكن بعد عام من دخول "هيرتز" في حالة إفلاس وخسارة "أفيس" 569 مليون دولار، ستتمتع شركات التأجير ببعض هوامش الأرباح الضخمة. وأضاف مازاري: "لم نر أسعار مثل تلك منذ وقت طويل، وستحقق الشركات أرباحاً جيدة للغاية".