توقفت مسيرة الارتفاع التي سجلها مؤشر "إس آند بي 500" عقب الانتخابات وذلك نتيجة تعرض أسهم التكنولوجيا لضغوط، رغم أن معظم الأسهم الأميركية سجلت مكاسب. ارتفع سعر بتكوين متجاوزاً مستوى 87 ألف دولار، فيما كان الدولار في طريقه لتحقيق أعلى مستوى له في عام.
حققت الأسهم الحساسة للتطورات الاقتصادية أداءً أفضل، إذ صعد مؤشر "راسل 2000" للشركات الصغيرة بنسبة 1.5% ليصل إلى أعلى مستوياته منذ 2021، وسجل مؤشر البنوك ارتفاعاً بنسبة 2.3%. وتراجعت معظم شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث انخفض سهم "إنفيديا" 2%، فيما واصلت "تسلا" ارتفاعها القوي. تفوق إصدار متساوي الوزن لمؤشر "إس آند بي 500"، الذي يضم أسهماً مثل "أبل" بالوزن نفسه مع أسهم مثل "دولار تري"، على المؤشر الأساسي بأميركا، مما يعطي إشارات بأن الارتفاع قد يتسع ليشمل قطاعات أكثر.
تقلبات أقل تبشر بصفقات ضخمة
قالت سافيتا سوبرامانيان من "بنك أوف أميركا": "عدم حدوث تقلبات كبيرة قبل الانتخابات يعني صفقات ضخمة بعدها". وأضافت: "السنوات التي تشهد انتخابات، وخصوصاً ذات التغييرات الكبيرة، تميل إلى حدوث تغييرات ملحوظة في المحافظ الاستثمارية النشطة. حتى الآن، حافظ العملاء على مراكز استثمارية مستقرة، ما يترك مجالاً لمزيد من التناوب حتى نهاية العام من التكنولوجيا إلى البنوك والقطاعات الدورية، ومن الاستثمار في السلع الخضراء إلى السلع البنية".
مع انتهاء الانتخابات، وخفض جديد في أسعار الفائدة، قال كريس لاركن من "إي*تريد" التابعة لـ"مورغان ستانلي" إن السؤال الآن هو ما إذا كان المضاربون يمكنهم دفع السوق نحو ارتفاعات جديدة. أشار إلى أن بيانات التضخم هذا الأسبوع قد تحدد ما إذا كانت السوق ستواصل مكاسبها.
يُتوقع أن يكون التضخم الأميركي قد تحرك ببطء في أكتوبر، ما يبرز التباين في مسار تراجع الضغوط السعرية مع اقتراب تحقيق هدف "الاحتياطي الفيدرالي". من المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستثني الغذاء والطاقة، بنفس وتيرة في الشهر الماضي.
استقر مؤشر "إس آند بي 500" بالقرب من مستوى 6000 نقطة، وإذا أغلق على ارتفاع فسيكون ذلك رقمه القياسي الـ51 هذا العام. تراجع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.3%، بينما صعد مؤشر "داو جونز" الصناعي بـ0.7%.
انخفضت عقود الخزانة الآجلة بشكل طفيف مع إغلاق السوق النقدية بسبب عطلة أميركية، وارتفع مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري بنسبة 0.6%. استمرت أسعار النفط في التراجع مع استمرار النظرة الضعيفة للطلب في الصين مما يؤثر سلباً على السوق.
توقعات بارتفاع أقوى للأسهم الأميركية
توقع مكتب تداول تابع لبنك "جيه بي مورغان" أن تسجل السوق الأميركية ارتفاعاً أقوى قرب نهاية العام بعد فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية مقارنة بعام 2016. كتب أندرو تايلر، رئيس استخبارات السوق الأميركية في البنك، في مذكرة للعملاء أن "عائدات عام 2024 ستتفوق على عائدات 2016". قال إن الضعف في الاقتصادات العالمية خارج الولايات المتحدة يمثل ميزة إضافية لمؤشر "إس آند بي 500"، حيث تعاني كل من الصين والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك من تباطؤ النمو مقارنة بالفترة السابقة.
وفقاً لإد يارديني، وهو استراتيجي مخضرم، فإن السياسات الاقتصادية التي ينتهجها ترمب ستدفع مؤشر "إس آند بي 500" إلى مستوى 10000 نقطة بنهاية العقد. رفع يارديني توقعاته لنهاية الأعوام إلى 6100 نقطة لعام 2024، و7000 لعام 2025، و8000 لعام 2026، مما يعكس التفاؤل المتزايد في "وول ستريت" بشأن الأسواق المالية بعد الانتخابات.
وكتب في مذكرة يوم الإثنين: "مستثمرو الأسهم يشعرون بحماسة أيضاً تجاه التغيير في النظام إلى إدارة أكثر دعماً للأعمال، وتروج لخفض الضرائب وتخفف القيود التنظيمية".
قالت لوري كالفاسينا من "آر بي سي كابيتال ماركتس" إن الأسهم الأميركية تبدو مرتفعة نسبياً من حيث التقييمات والوضع الاستثماري والمعنويات. وذكرت أن التقييمات لم تصل بعد إلى ذروتها في مؤشري "إس آند بي 500" و"راسل 2000"، لكنها أشارت إلى أن هناك مجالاً محدوداً للتوسع في المستقبل.
أشار استراتيجيون من "جيه بي مورغان" بقيادة ميسلاف ماتيكا إلى أن استمرارية ارتفاع السوق بعد الفوز في الانتخابات ستعتمد على مسار سوق السندات، محذرين من أن العوائد التي تقترب من 5% قد تشكل تحدياً للأصول عالية المخاطر.
من المتوقع أن تصبح أرباح الشركات أحد أهم المحركات للأسهم الأميركية مع عودة تركيز المستثمرين على النمو الاقتصادي بعد الانتخابات. مع اقتراب موسم الإعلان عن نتائج الربع الثالث من نهايته، أظهرت الشركات المدرجة ضمن "إس آند بي 500" ارتفاعاً في الأرباح بنسبة 8.4%، وهو ضعف الزيادة المتوقعة، وفقاً لبيانات "بلومبرغ إنتليجنس". تبدو "وول ستريت" أكثر تفاؤلاً بشأن العام المقبل، إذ يتوقع المحللون أن تقفز الأرباح بنسبة 13%، وهي أكبر زيادة منذ عام 2021، بحسب "بلومبرغ إنتليجنس".