تتطلع شركتان من شركات مشاركة السيارات تفوقتا على منافسيهما الأكثر رسوخاً، ونجتا من الوباء، تتطلعان إلى تعزيز ميزانيتيهما من خلال الاستفادة من افتتان وول ستريت بالشركات الناشئة في قطاع السيارات.
كما أحدثت شركة "إير بي إن بي" (Airbnb) ثورة في مفهوم أماكن الإقامة الليلية، فإن منصات طلب السيارات من شخص لآخر، تخلق سوقاً لمشاركة السيارات لربط المركبات المتوقفة مع أولئك الذين يحتاجون إلى استئجار سيارة.
هذا المفهوم موجود منذ سنوات: وتم إطلاق شركتين من أكبر الشركات، وهما "غيت أراوند" (Getaround) و"تورو" (Turo)، منذ أكثر من عقد وأصبحتا جزءاً من صناعة التنقل المتنامية.
يوفر هذا بعض الجاذبية لأولئك الذين لديهم سيارات مستعملة غير ذات قيمة، أو غير قادرين على العثور على سيارات للإيجار بسبب نقص السيارات الجديدة.
سوق كبيرة لشركات استعارة السيارات
لا تملك أي من الشركتين الناشئتين أي سيارات. وتعتمدان على مالكي السيارات الذين يشتركون في تطبيقاتهم عبر الإنترنت، بعد تعقيم سياراتهم.
ينقر المستخدمون على هواتفهم الذكية لإلغاء قفل المركبات القريبة التي تناسب ميزانيتهم وأذواقهم للرحلات عبر المدينة أو البلد.
جمعت "غيت أراوند" ما لا يقل عن 839 مليون دولار منذ تأسيسها في عام 2009، وفقاً لـ "بيتشبوك"، بما في ذلك 140 مليون دولار مؤخراً في أكتوبر. وهي تفكر الآن في إدراج عام مع تضاؤل الوباء، للاستفادة من شهية المستثمرين للشركات الناشئة المتعلقة بالسيارات.
تحدث كريم بوستا، كبير المديرين التنفيذيين لشركة "غيت أراوند"، عن إمكانات الشركة في مقابلة معه وقال: "الطرح للاكتتاب العام هو أمر واحد من بين العديد من الأشياء الأخرى".
وكذلك جمعت شركة "تورو" (Turo)، التي تأسست أيضاً في عام 2009، ما لا يقل عن 496 مليون دولار، وفقًا لـ "بيتشبوك".
وقال أندريه حداد، كبير المديرين التنفيذيين لشركة "تورو" في مقابلة معه، إن الشركة تدرس "جميع الخيارات خلال الأشهر القليلة المقبلة".
يأتي البحث عن تمويل جديد في وقت مناسب: فقد جمعت العديد من الشركات المرتبطة بالسيارات مليارات الدولارات بناء على وعد بتطوير تقنياتها.
واستفادت الشركات الناشئة التي تتراوح من إدارة بيانات المركبات إلى صانعي قطع الغيار وشركات تصنيع السيارات الكهربائية الكاملة من طفرة الاستثمار التي غذتها الزيادة خلال العام الماضي في أسهم شركة "تسلا" الرائدة في سوق السيارات الكهربائية.
عمليات الإنقاذ الحكومية
وفي الوقت نفسه، انخفض الطلب على المركبات المستعارة العام الماضي، حيث بقي الناس في منازلهم وتجنبوا وسائل النقل العام لمنع انتشار كوفيد 19.
وتخلت شركات صناعة السيارات مثل شركة "جنرال موتورز" و"بي إم دبليو" و"مرسيدس بنز" التابعة لشركة "دايملر" عن خدمات الاشتراك في السيارات في أوائل عام 2020، وتقدمت شركة "هيرتز غلوبال هولدنغز" العملاقة لتأجير السيارات بطلب إفلاسها في مايو الماضي. وحصلت "غيت أراوند" و"تورو" قروضاً حكومية للبقاء.
وليس من الواضح ما إذا كانت عمليات مشاركة السيارات ستتعافى تماماً حتى مع خروج الأشخاص من عمليات الإغلاق واستئناف إجراءات السفر.
لكن الشركتين الناشئتين تقولان إن الأعمال التجارية تتعافى مع الاقتصاد الأوسع مع عودة الموظفين إلى المكاتب وحجز المزيد من المصطافين للرحلات.
وقال بوستا، وهو موظف سابق في "تسلا" تولى منصب كبير المديرين التنفيذيين في ديسمبر 2020 عندما أصبح المؤسس سام زياد رئيس مجلس الإدارة التنفيذي: "نظراً لأن الجولة الأخيرة من عمليات الإغلاق قد بدأت في التراجع، فقد شهدت "غيت أراوند" بالفعل زيادة بنسبة 40% في الإيرادات الأسبوعية منذ فبراير".
وقال حداد إن "تورو" شهدت "انتعاشاً قوياً" وهو واثق من أن ارتفاع معدلات التلقيح سيؤدي إلى مزيد من النشاط للقطاع.
قال أسد حسين، كبير المحللين في "بيتشبوك"، إن عمليات مشاركة السيارات كانت مرنة بشكل مدهش رغم المخاوف المستمرة بشأن التعرض لكوفيد 19. وقال: "إن الصناعة بخير. كان الوضع مؤلماً بالتأكيد، لكنه ينعكس الآن".
"شارات" التنظيف المحسن
اتخذت الشركتان خطوات صارمة لتقليل مخاوف العدوى. تنازلت "غيت أراوند" عن رسوم الإلغاء، وطُلب من المالكين الاحتفاظ بمطهر اليدين في سياراتهم، واعتمدت بروتوكول الحجر الصحي للسيارات التي استخدمت من الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بكوفيد 19.
وجعلت "تورو" سياسات الإلغاء أكثر مرونة، وطلبت تطهير الأماكن التي يتم لمسها بشكل متكرر وبدأت في الترويج للمركبات التي أكمل أصحابها تدريباً محسّناً على التنظيف باستخدام "شارات" أرجوانية لرمز مطهر اليدين.
ويدير بوب أيلو مضيف "تورو" ومقرها جيرسي سيتي، نيو جيرسي، أسطولاً من 33 سيارة، 19 منها من طرازات "تسلا"، وقد بدأ في تعقيم السيارات بمناديل مطهرة في الفترات الفاصلة بين المستأجرين. قال أيلو: "إذا كان شخص ما قلق حقاً، فسنقوم بتعقيم السيارة بالأيونات".
ووضعت شركات تأجير السيارات إجراءات نظافة مماثلة لجذب العملاء إلى أساطيل سياراتهم المخزنة، لكن العديد منها كان موجوداً حول مواقع ذات طلب مثل المطارات والفنادق التي أصبحت فجأة شاغرة مع انتشار الوباء. إنهم يسعون جاهدين الآن بعد أن بدأ الطلب بالتعافي لإعادة بناء الأساطيل المتضائلة وسط نقص في المركبات الجديدة والمستعملة بسبب تخفيضات إنتاج شركات صناعة السيارات.
قال حسين: "عانت شركات تأجير السيارات فعلاً مع التغييرات في الطلب التي لم تؤثر حقاً على مزودي برمجيات - شركات مشاركة السيارات بين شخص وآخر - بنفس الطريقة. لقد تحدت صناعة مشاركة السيارات من شخص إلى شخص التوقعات عندما تعلق الأمر بتأثيرات فيروس كوفيد 19".
تواجه الشركات الناشئة في سان فرانسيسكو منافسة من مشغلي الإنترنت الآخرين، مثل "سوكار" (Socar) و"زووم كار".
يمثل هذان المنافسان اللذان لديهما أسطول سيارات معاً أكثر من نصف مبلغ 4.4 مليار دولار الذي تم جمعه منذ عام 2014 من قبل شركات مشاركة السيارات من شركات الأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري، وفقًا لبيانات بلومبرغ إن إي إف.
كما أن خدمات النقل التشاركي التي نجت من الوباء من شركة "نيسان موتور" و"بورش" و"فولفو كار"، إضافة إلى شركات النقل مثل "أوبر تكنولوجيز"، تشكل أيضاً تحديات أمام نمو هذه الشركات الناشئة.
داعمون أقوياء
لدى "غيت أراوند" و"تورو" داعمون أقوياء لكل منهما. تلقت "غيت أراوند" تمويلاً من شركة "تويوتا موتور". وتحظى "تورو" بدعم من "غوغل فينتشرز"، ذراع شركة "ألفابت"، وأذرع رأس المال الاستثماري لكل من "بي إم دبليو" و"جنرال موتورز".
إنها توفر طريقة منخفضة المخاطر نسبياً للمراهنة على خدمات التنقل باستخدام التكنولوجيا الحالية في وقت تنفق فيه صناعات السيارات والتكنولوجيا مليارات الدولارات لتطوير برامج الجيل التالي للمركبات ذاتية القيادة بالكامل.
وقدي يؤدي ظهور سيارات الأجرة الروبوتية - وهي مركبات بدون سائق قادرة على نقل الركاب في أي مكان وفي أي وقت - في النهاية إلى القضاء على نموذج الأعمال الحالي لمشاركة السيارات.
تتوقع بلومبرغ إن إي إف أن تبدأ السيارات ذاتية القيادة في التهام سوق المركبات المشتركة بحلول عام 2035.
لكن بعض مراقبي الصناعة يقولون إن البرامج المتطورة بشكل متزايد والمستخدمة في مشاركة السيارات قد توفر لهذه الشركات في الواقع ميزة في السباق لتشغيل أساطيل حقيقية بلا عيوب المركبات بدون سائق - أو عجلات قيادة.
قال حسين من "بيتشبوك": "إن كنت تعتقد أننا ذاهبون إلى مستقبل تصبح فيه السيارات ذاتية القيادة، فإن الشركات التي تنجح ستكون تلك التي تعرف كيفية إدارة أساطيل مشاركة السيارات".