تسببت التراجعات في أسهم شركات تصنيع الرقائق في انخفاض مؤشرات الأسهم الأميركية، في وقت دقق المتداولون أيضاً بنتائج الشركات والبيانات الاقتصادية. وفي الساعات الأخيرة من التداول، انخفضت أسهم "ميتا" في حين ارتفعت أسهم "مايكروسوفت" بعد الإعلان عن نتائجهما.
امتدت خسائر صندوق "كيو كيو كيو" (QQQ) المتداول في البورصة بقيمة 300 مليار دولار يتتبع مؤشر "ناسداك 100" بعد إغلاق التداول العادي، حيث فشلت إرشادات الإنفاق الخاصة بـ"ميتا" في تحفيز المستثمرين، على الرغم من أن المبيعات تجاوزت التوقعات.
ارتفعت أسهم "مايكروسوفت" حيث غذت أعمال الحوسبة السحابية وبرامج "أوفيس" الإيرادات، لتسجل نمواً ربع سنوي أقوى من المتوقع. انخفضت أسهم شركة "إي باي" بعد توقعها لمبيعات في موسم العطلات، أدنى من توقعات المحللين.
هبوط مؤشر أشباه الموصلات
كافحت الأسهم لاكتساب الزخم يوم الأربعاء، مع هبوط مؤشر شركات أشباه الموصلات الذي يتم مراقبته عن كثب. وكان الدافع وراء الانهيار هو هبوط أسهم شركة "إنفيديا كورب"، والنتائج المخيبة للآمال لشركة "أدفانسد مايكرو ديفايسز إنك" (AMD). وانخفضت أسهم شركة "سوبر مايكرو كومبيوتر إنك" التي تصنع الخوادم بنسبة 33%، بعد استقالة "إرنست آند يونغ" من منصب مدقق حساباتها، في حين قفزت أسهم شركة "ألفابت" بفضل مبيعات أفضل من المتوقع.
قلص المتداولون رهاناتهم على تخفيف السياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي، بعد أن أظهرت البيانات أن الاقتصاد الأميركي توسع بوتيرة قوية في الربع الثالث، مع تسارع مشتريات الأسر قبل الانتخابات، وتكثيف الحكومة الفيدرالية للإنفاق الدفاعي. ارتفع مقياس التضخم الأساسي بنسبة 2.2%، بما يتماشى تقريباً مع هدف الاحتياطي الفيدرالي.
قال بريت كينويل من "إي تورو" (eToro) إن "النمو القوي ولكن غير المبهر يتناسب بشكل جيد مع الخلفية الاقتصادية الحالية"، مضيفاً أن "البيانات القوية للغاية قد تدفع بالمستثمرين إلى التشكيك في قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر، في حين أن البيانات الضعيفة قد تعيد إشعال المخاوف بشأن تدهور الاقتصاد".
يقول كينويل إن المستثمرين يجب أن يسعدوا بالبيانات الاقتصادية القوية، حتى لو كان ذلك يعني تخفيضات في أسعار الفائدة بوتيرة أبطأ من المتوقع. وتابع: "من الأفضل بكثير أن يكون لدينا اقتصاد قوي وأرباح تدفع الأسهم إلى الارتفاع، بدلاً من الآمال في تخفيف السياسة النقدية من بنك الاحتياطي الفيدرالي".
انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.3%، ومؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.8%، كما خسر مؤشر "داو جونز" الصناعي 0.2%.
ارتفعت أسهم شركات بناء المساكن حيث شهدت مبيعات المساكن المعلقة في الولايات المتحدة أكبر مكاسب لها منذ عام 2020. وارتفعت أسهم "فيزا إنك" بفعل نتائج قوية. وتضررت شركة "إيلي ليلي آند كو" بعد خفض توقعاتها، وسط مبيعات باهتة لعقار إنقاص الوزن.
صعدت عائدات سندات الخزانة لأجل عامين، والتي تُعد أكثر حساسية لتحركات بنك الاحتياطي الفيدرالي الوشيكة، بمقدار سبع نقاط أساس إلى 4.16%. وانخفضت السندات البريطانية مع رفض المستثمرين لخطة الحكومة الجديدة لإصدار ديون مرتفعة تاريخياً، للمساعدة في تمويل الاستثمار وتحفيز الاقتصاد، وهو ما قد يعني ارتفاع أسعار الفائدة لفترة أطول. كما انتعشت أسعار النفط.
دفعة منتظرة للأسهم
تتحول التدفقات الأساسية لسوق الأسهم الأميركية بشكل متزايد إلى صعودية، ما من شأنه أن يعطي الأسهم دفعة جديدة بمجرد انتهاء الانتخابات.
وباتت العناصر الداعمة للصعود تتراكم، إذ تدخل الأسهم موسماً قوياً تاريخياً، وتبدأ الشركات في إعادة شراء الأسهم. قد يكون المستثمرون مفرطين في التحوط لسلسلة الأرباح والانتخابات الأميركية ومخاطر البنك المركزي التي تلوح في الأفق حتى أوائل نوفمبر. ومع تراجع تقلبات السوق من أعلى مستوياتها في أوائل أغسطس، فقد يضطر المستثمرون المنهجيون ومكاتب الخيارات، إلى شراء الأسهم.
إن البيع من قبل صناديق الاستثمار المشترك -وهي عادةً أكبر متخلص من الأسهم- يتلاشى في نهاية الشهر. ومن المقرر أن ينعكس ذلك، حيث يشهد شهر نوفمبر عادةً تدفقات إلى الأسهم، وفي الوقت نفسه، يتم إعادة فتح نافذة إعادة شراء الشركات، وسط توقعات بأن تصل قيمتها اليومية خلال هذا الشهر نحو 6 مليارات دولار، وفق سكوت روبنر، المدير الإداري للأسواق العالمية والمتخصص التكتيكي في "غولدمان ساكس".
وضع الانتظار والترقب
كتب استراتيجيون من "بنك باركليز" بقيادة إيمانويل كاو في مذكرة، أن "روح المغامرة" قد تعود إلى الأسواق في أعقاب الانتخابات الأميركية، حيث يبدو أن المستثمرين في وضع "الانتظار والترقب" قبل التصويت.
كانت تدفقات الأسهم مستقرة في أكتوبر مع وجود بعض الحذر في الخلفية، وانخفاض في الأحجام. يقول الاستراتيجيون إن صناديق التحوط والاستراتيجيات المنهجية أضافت إلى مراكز الأسهم الخاصة بها في أكتوبر، بعد أن كانت على الهامش إلى حد كبير في سبتمبر.
في حين أن الأسهم الأميركية قد ترتفع قبل فوز محتمل لدونالد ترمب في الانتخابات الأميركية الأسبوع المقبل، يقول الاستراتيجيون في "سيتي غروب"، إن الفوز الشامل للحزب الجمهوري سيكون إشارة للبيع.
يُنظر إلى فوز ترمب عموماً على أنه خبر جيد للأسهم، لأن مقترحاته لخفض الضرائب على الشركات من المرجح أن تفيد أرباح الشركات. ومع ذلك، يزعم استراتيجيو "سيتي" أن "المشاعر تشبه النشوة" التي تدفع مؤشر "إس آند بي 500" نحو الشهر السادس على التوالي من المكاسب، ما يجعله معرضاً للتراجع.
وفي الوقت نفسه، قال استراتيجيو "جي بي مورغان تشيس" إن تخفيضات الأرباح تهيمن على جميع أنحاء العالم، وهي الخلفية التي نادراً ما تدعم أسعار الأسهم.
وأشار الاستراتيجيون بقيادة كورام تشودري إلى أنه في حين تستمر مؤشرات الأسهم العالمية في التداول بالقرب من أعلى مستوياتها على الإطلاق، يبدو أن معنويات الأسهم قد بلغت ذروتها، وهي الآن تعود إلى المتوسط، مع احتمال كبير أن تتضاءل المشاعر الإيجابية مع زيادة تخفيضات الأرباح العالمية المتفق عليها.
انخفاض في معنويات الأرباح
هناك انخفاض واضح في معنويات الأرباح، مما يُظهر أن نسبة الأسهم الأميركية التي تم تعديل أرباحها بشكل إيجابي، قد تراجعت عن أعلى مستوى لها في أبريل، وفق تيم هايز من "نيد دافيس ريسرتش" (Ned Davis Research).
وقال هايز: "تجاوزت الأرباح زخم المعدلات وبلغت ذروتها وهي سلبية الآن. لقد ضعف نطاق تعديلات الأرباح الإيجابية. وانخفضت المراجعات الأميركية، مع آثار سلبية على الأرباح المستقبلية".
وأضاف أنه إذا استمرت اتجاهات معنويات الأرباح، فإنها ستحذر من تجاهل مؤشرات التدهور الكبير، خاصة أن مؤشرات المشاعر الأخرى، ترى على أن ذروة التفاؤل قد انتهت.
وقال دان وانتروبسكي من "جاني مونغومري سكوت" (Janney Montgomery Scott) إنه "في ما يتعلق بالأسهم الأميركية قبل الانتخابات الأسبوع المقبل، ما زلنا نراقب منطقة 5750-5800 نقطة لمؤشر إس آند بي 500. لا يزال قياس الآثار المترتبة على الأنماط الصعودية الأخيرة يعني نطاقاً مستهدفاً يبلغ 6200 نقطة. ومع ذلك، لا نزال قلقين بشأن ظروف ذروة الشراء/التمديد العنيدة على الرسوم البيانية الأطول أمداً".
ويقول إن المؤشر لا يزال عرضة لـ"تصحيح أكبر مع اقتراب نهاية العام أو (على الأرجح) في الربع الأول من عام 2025".
الاكتتاب العام
يبدو أن الشركات التي تتطلع إلى طرح أسهمها للاكتتاب العام في الولايات المتحدة هذا العام تخلت عن النافذة التقليدية بعد عطلة عيد العمال في سبتمبر، مما أدى إلى إحباط الآمال في حدوث موجة من الصفقات قبل الانتخابات الرئاسية.
أظهرت البيانات التي جمعتها "بلومبرغ" أن العائدات من مبيعات الأسهم في أول جلساتها في الأسواق العامة جلبت 7.7 مليار دولار منذ 2 سبتمبر. وهذا يمثل حوالي خمس الحجم الإجمالي حتى الآن، وأقل بكثير من هذا الوقت من العام الماضي، عندما جمعت شركة "أرم هولدينغز" وغيرها 9.6 مليار دولار.
في غضون ذلك، كان الانهيار الذي شهدته سندات الخزانة هذا الشهر سبباً في إلحاق الضرر بالمستثمرين الكميين الذين كانوا يتتبعون الاتجاهات، والذين بنوا مراكز صعودية في السندات، وهي أحدث انتكاسة لاستراتيجية فشلت بشكل فادح في بعض الأحيان هذا العام، وسط تشنجات السوق.
ويسعى الخبراء الكميون، المعروفون باسم مستشاري تداول السلع الأساسية، إلى الاستفادة من الزخم في الأصول مثل السندات والأسهم والعملات. ومؤخراً، راهنوا على أن ديون الحكومة الأميركية ستستمر في الارتفاع مع بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، فجمعوا أكبر مراكز طويلة الأجل في ثلاث سنوات حتى أواخر سبتمبر، وفقاً للبيانات التي جمعها "دويتشه بنك إيه جي".
وارتفع سعر التحوط ضد تقلبات الدولار الأميركي إلى أعلى مستوى له في ما يقرب من عامين، مع استعداد المتداولين لخطر تحركات السوق الكبيرة بعد الانتخابات الرئاسية الأسبوع المقبل.
ارتفع مقياس التقلبات الضمنية لمدة أسبوع واحد على مؤشر "بلومبرغ" للدولار الفوري يوم الأربعاء، إلى أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2022، عندما انتشرت مخاوف الركود لفترة وجيزة في الأسواق المالية.
يشير هذا إلى أن المتداولين يستعدون لتقلبات كبيرة في العملة مقابل العملات الرئيسية الأخرى مثل اليورو والين واليوان الصيني والبيزو المكسيكي، مما يدفع تكلفة الخيارات، التي تحمي من مثل هذه التحركات، إلى الارتفاع.