ترتفع أسعار الصلب من آسيا إلى أمريكا الشمالية، ويتسارع صعود أسعار خام الحديد بكل قوة نحو تحقيق رقم قياسي، إذ تغذي الرهانات على التعافي الاقتصادي عالمياً الطلب المحموم.
وبدأ العالم بخلاف الصين أخيراً في اللحاق بالأسواق القوية بالفعل لعملاق الصلب الآسيوي، حيث يقود الانتعاش العالمي موجة قوية من الشراء لا يمكن أن يقابلها الإنتاج.
وتتزايد وتيرة قطاعات مثل التصنيع والبناء، وتعهدت الحكومات بالإنفاق على البنية التحتية أثناء رسم مسارها بعد الوباء للعودة إلى النمو.
وتتراكم الطلبات لدى المصانع إذ يتطلع المشترون إلى حيازة الصلب، بعد عام من القيود على الإنتاج وتباطؤ المصانع.
علاوة على ذلك، أعاقت المشكلات التشغيلية كبرى شركات العالم لإنتاج خام الحديد، مما أدى إلى تشديد السوق (نقص المعروض) التي لم تتعافَ تماماً من صدمة العرض منذ أكثر من عامين.
وفيما يلي 4 ملامح لأسواق الحديد حالياً.
قوة التسعير
ارتفعت أسعار لفائف الصلب المدرفلة علي الساخن -منتج صلب قياسي- بمقدار ثلاثة أضعاف في أمريكا الشمالية من أدنى مستوياتها خلال فترة الوباء، كما ارتفعت أيضاً في أوروبا.
وفي الصين، التي تمتعت بالفعل بسنة من الطلب القوي، تسجل أسعار الصلب أعلى مستوى منذ عام 2008.
ويمثل ارتفاع الأسعار نعمة لشركات صناعة الصلب، التي أصبحت تتمتع فجأة بهوامش أرباح مرتفعة، وتفاؤل - بعد عام بائس.
وسجلت شركة "بوسكو" لصناعة الصلب في كوريا الجنوبية، واحدة من أكبر الموردين خارج الصين، أفضل أرباح فصلية منذ عام 2011، وتتوقع أن يستمر التعافي في النصف الثاني من 2021، مدفوعاً بحزم التحفيز المالي وتوزيع لقاحات فيروس كورونا.
ارتفاع عالمي
من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على الصلب بنسبة 5.8% في 2021، ليتجاوز مستويات ما قبل الوباء، وفقاً للرابطة العالمية للصلب. وسوف يستمر استهلاك الصين، حوالي نصف الإجمالي العالمي، في النمو من مستويات قياسية، في حين أن الاستهلاك ينتعش بقوة في بقية دول العالم.
وقال توماس جوتيريز، المحلل في مؤسسة "كالانيش كوموديتيز" في اتصال عبر الهاتف: "أوقات التسليم (الفترة بين الطلب والاستلام) طويلة حقاً، وتقول بعض المصانع، إنها تبيع (إنتاجها) للربع الثالث أو حتى الرابع".
وأضاف: "هناك تفاؤل بشأن الطلب خلال 2021، مع التعافي من كوفيد، وإقرار الكثير من حزم التحفيز. الطلب خارج الصين في أبريل أعلى مما رأيناه منذ سنوات عديدة".
طلب شبه قياسي
ويشهد الطلب على خام الحديد انتعاشاً مفاجئاً إلى مستويات شبه قياسية - فالأسعار الفورية أقل بمقدار من دولار عن ذروتها البالغة 194 دولاراً للطن – إذ تحافظ الشركات المُصنعة للصلب في الصين على معدلات الإنتاج عند أكثر من مليار طن سنوياً، لتلبية الاستهلاك المتزايد وسط اقتصاد يحقق معدلات نمو مرتفعة.
وفي حين أن بكين حددت هدفاً لخفض إنتاج الصلب خلال 2021، فقد يكون ذلك صعباً في ضوء قوة الاستهلاك.
وعززت أسعار خام الحديد القوية أرباح كبرى شركات التعدين في العالم، حتى في الوقت الذي تكافح فيه لتوفير ما يكفي من المواد الخام.
وأنتجت شركة "فالي" (Vale SA) البرازيلية أقل من المتوقع في الربع الماضي بعد انخفاض الإنتاجية في منجم واحد، واشتعال النيران في رافعة تحميل سفينة، مما أدى إلى إبطاء تعافيها من كارثة انهيار سد في أوائل عام 2019.
وقالت "بي إتش بي غروب" و"ريو تنتو غروب" إن إنتاجها الفصلي انخفض بسبب اضطرابات الظروف المناخية في أستراليا.
وكتب محللون بينهم دانيال هاينز بـ "أستراليا ونيوزيلندا بانكنغ غروب ليمتد" في مذكرة: "هناك احتمال كبير بأن شركات صناعة الصلب الصينية ستعمل على الاستفادة من الاتجاه الصعودي وتسريع وتيرة الإنتاج، على الأقل خلال 2021".
ولم تتحقق الموجة التي طال انتظارها من إمدادات خام الحديد الإضافية، خاصة من المنتج الرئيسي البرازيل، كما توقع الدببة، وهم المستثمرون الذين يتوقعون هبوط الأسواق.
كسب المال
وفي الوقت نفسه، أدى ارتفاع أسعار الصلب وجهود الصين لتنظيف صناعتها العملاقة والمسببة للتلوث بشدة، في ظل قيود الإنتاج المستهدفة، إلى دفع الربحية في المصانع إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عقد، وفقاً لمقياس "بلومبرغ إنتلجينس".
وكتب المحلل فيفيك دار، المحلل في مصرف "كومنولث بنك أوف أستراليا"، أكبر البنوك العاملة في أستراليا، في مذكرة، أن هوامش أرباح صناعة الصلب في الصين "تستمر، في الإشارة إلى أن أسعار خام الحديد الحالية مستدامة على المدى القريب".