ارتفعت أسعار أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى في التعاملات المتأخرة بعد الإغلاق مع بدء "تسلا" موسم أرباح "العظماء السبعة" بنتائج أعمال أفضل من المتوقع. ارتفعت عوائد سندات الخزانة وسط الرهانات على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يتخذ نهجاً مدروساً أكثر بشأن تخفيضات أسعار الفائدة.
بعد عمليات البيع في سوق الأسهم، أشارت وول ستريت إلى انتعاش بقيادة مجموعتها الأكثر نفوذاً. ارتفع صندوق "QQQ" المتداول في البورصة البالغة قيمته 300 مليار دولار والذي يتتبع مؤشر "ناسداك 100" الشهير بأسهم للتكنولوجيا بعد الإغلاق الرسمي للتعاملات. وقفز سعر سهم "تسلا" 9% بعد أن أعلنت الشركة عن أرباح معدلة قدرها 72 سنتاً للسهم خلال الربع، وهو أعلى من متوسط تقديرات المحللين. وقالت الشركة أيضاً إنها تتوقع تحقيق نمو طفيف في تسليم السيارات للعام بأكمله.
"نشهد بداية ساخنة لموسم نتائج الأعمال" وفق ديفيد لاوت من "أباوند فاينانشال" (Abound Financial)، مضيفاً: "نعتقد أن هناك استمراراً في الاتجاه الصعودي للأسهم، خاصة الآن بعد أن دخلنا فترة موسمية قوية من العام للأسواق".
وفي أخبار الشركات الأخرى، تراجعت أسهم "آي بي إم" بعد أن أعلنت الشركة عن إيرادات مخيبة للآمال في الربع الثالث، متأثرة بتباطؤ الطلب على الاستشارات. أعلنت شركة "تي موبايل يو إس" (T-Mobile US) عن زيادة شهرية في عدد المشتركين في الهاتف المحمول وخدمات النطاق العريض، متوافقة مع توقعات المحللين، لترفع توقعاتها للعملاء الجدد والأرباح هذا العام.
انخفض مؤشر "إس آند بي 500" إلى ما دون 5800 نقطة. وتراجع مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 1.6%. وهبط مؤشر داو جونز الصناعي 1%. ارتفعت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات ثلاث نقاط أساس إلى 4.23%. وارتفع سعر صرف الدولار مقابل جميع أقرانه في مجموعة العشرة. وسجل الين أدنى مستوياته في نحو ثلاثة أشهر مما جدد المخاوف من احتمال تدخل بنك اليابان. وانخفضت قيمة الدولار الكندي بعد أن عزز بنك كندا وتيرة التيسير.
يواجه المستثمرون عدداً من المخاطر التي قد تجعلهم أقل استعداداً لدخول السوق. ستسلط الأسابيع الثلاثة المقبلة الضوء على أرباح شركات التكنولوجيا الكبرى، وتقرير الوظائف لشهر أكتوبر، والانتخابات الأميركية، يليها اجتماع الاحتياطي الفيدرالي. في علامة أخرى على تقلب وول ستريت، وصلت "علاوة الأجل" على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات -تعبيراً عن العائد الإضافي الذي يطلبه المستثمرون لامتلاك الديون بدلاً من تجديد الأوراق المالية قصيرة الأجل- إلى أعلى مستوياتها منذ نوفمبر.
إعادة تسعير
ألمح جوناثان كرينسكي من "بي تي آي جي" (BTIG)، إلى أن الأسهم باتت تتابع مؤخراً التحركات في السندات والدولار. وأشار إلى أن هذا يعتبر بمثابة تناقض صارخ مع سلوك الأسبوعين الماضيين، حيث كانت الآراء المتفائلة تشير إلى أن السندات تتم إعادة تسعيرها إلى معدلات تتوافق مع الاقتصاد الأقوى من المتوقع.
وأشار كرينسكي: "على الرغم من أن ذلك قد يكون عادلاً بشكل عام، إلا أن الأسواق تهتم دائماً بسرعة الحركة بدلاً من مستواها، وحقيقة أن الأسهم لم تتراجع في مواجهة تلك التحركات تشير إلى تقبلها الأمر"، و"سواء كانت هذه هي بداية التوترات التي تسبق الانتخابات أم لا، فإننا لا نزال نرى مخاطر هبوطية للأسهم على نطاق واسع خلال الأسابيع المقبلة، مع احتمال جيد لتراجع مؤشر "إس آند بي 500" إلى منطقة 5500-5650 نقطة".
ارتفع سعر عقود الخيارات التي تحمي من استمرار انخفاض أسعار سندات الخزانة إلى أعلى مستوى هذا العام وسط مخاوف من احتمال تفاقم الخسائر.
وفي الوقت نفسه، تعكس أسعار المقايضة يقيناً بنسبة أقل من 100% بأن البنك المركزي سيخفض أسعار الفائدة في كل اجتماع من اجتماعي السياسة المتبقيين هذا العام. كما تقلص سوق السندات الرهانات على حجم تخفيضات أسعار فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي خلال العام المقبل.
قال أندرو برينر من "نات أليانس سيكيوريتيز" (NatAlliance Securities): "إن أسعار خيارات التحوط ضد انخفاض أسعار سندات الخزانة آخذة في الارتفاع"، و"في الولايات المتحدة، يتعلق الأمر بالانتخابات والاكتساح المحتمل. هذا هو ما انعكس على هيكل الأسعار، وهو ما يعطي الضوء الأخضر لحراس السندات (وهم شريحة من تجار السندات الذين يهددون بالبيع، أو البيع بالفعل، كمية كبيرة من السندات للاحتجاج أو التعبير عن عدم الرضا عن سياسات الجهة المصدرة". وأضاف: "الأوضاع ستتغير، لكن الأمر قد يتطلب رقماً حاداً للتوظيف أو مفاجأة في الانتخابات".
"إشارة مضللة"
قالت تيفاني ويلدينغ من شركة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت": "نود أن نحذر المستثمرين من المبالغة في تقدير الارتفاع الأخير في عوائد السندات"، وأوضحت: "على مدى الدورات الست الرئيسية لخفض الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، فإن التغيير في عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بعد شهر من الخفض الأول لم يقدم إشارة ثابتة حول حجم التخفيضات الإضافية أو ما إذا كان الاقتصاد الأميركي سيقع في الركود".
وأشارت إلى أن العائدات ارتفعت بالفعل في الشهر التالي للخفض الأول في أغلب الأحيان.
قالت ويلدينغ: "كان أداء سوق الأسهم في الشهر الأول بعد بدء الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة مؤشراً سيئاً بالمثل للأداء الاقتصادي المستقبلي (وعوائد السوق). تميل الأسهم، في أغلب الأحيان، إلى الارتفاع في الشهر التالي لبدء دورة خفض الفائدة، رغم التباين الكبير مع مرور الوقت".
وبالنظر إلى نفس الدورات المختلفة بشكل واضح في عامي 1995 و2007، فإن عوائد الأسهم (استناداً إلى مؤشر راسل 2000 للشركات الصغيرة التي تتأثر بأسعار الفائدة) في الشهر الذي تلا التخفيض الأول كانت إيجابية في كلتا الدورتين (عند 4.6% و6.9% على التوالي)، وفق ويلدينغ. ومع ذلك، انخفض أداء سوق الأسهم 4.4% في السنة التي أعقبت عام خفض 2007، في حين ارتفع 21% في العام الذي أعقب تعديل عام 1995.
من جهته، قال نيكولاس كولاس، من شركة "داتاتريك ريسرش" (DataTrek Research): "حتى مع التحرك الأخير في عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، ما زلنا متفائلين بشأن الأسهم الأميركية الكبرى". وأضاف :"يقول التاريخ إنه يجب استبعاد فكرة أن أسعار الفائدة سترتفع بعنف بسبب المخاوف من العجز، على الأقل على المدى القريب. وبدلاً من ذلك، فإننا نرى ارتفاع العائدات كعلامة على أن النمو الاقتصادي لا يزال قوياً ونتوقع استمرار نمو أرباح الشركات خلال الأرباع القادمة".
نمو أرباح الشركات
قال ريان غرابينسكي من شركة "ستراتيجاس" (Strategas): "مع افتراض بقاء باقي العوامل ثابتة، فكلما تم إلغاء المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة المتوقعة للعام المقبل، قلّت القراءة الشاذة للسوق لتحقيق نمو في الأرباح بنسبة 15%. ومع ذلك، فإن التخفيضات الإضافية في أسعار الفائدة لا تغير التحديات التي يواجهها مؤشر ستاندرد آند بورز في تحقيق معدل النمو هذا".
ولفت غرابينسكي إلى أن نمو المبيعات لا يزال يظهر علامات التباطؤ، وإذا كان المحللون يقترحون أن تخفيضات أسعار الفائدة من شأنها أن تقلل من مصروفات الفائدة، فإن هذه الحجة بدأت تنحسر.
وأضاف: "هامش الأرباح البالغ 14% لا يزال يبدو أكثر صعوبة في تحقيقه. والسؤال هو متى يتحقق".
أما خوسيه توريس من شركة "إنترأكتف بروكرز" (Interactive Brokers)، فيرى أن سوق الأسهم هشة للغاية بالنظر إلى التحديات التي تلوح في الأفق.
وقال: "توقعات الأرباح مزدهرة للعام المقبل، مما يزيد من أهمية التوجيهات المستقبلية بدلاً من النتائج السابقة"، و"عند الأخذ في الاعتبار أن التقييمات تبلغ حوالي 22 ضعف أرباح العام المقبل، فإن أي خيبة أمل في التوقعات بالنسبة للنتيجة النهائية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على أداء سوق الأسهم".