جاءت الإحاطة التي طال انتظارها لوزارة المالية في الصين يوم السبت أقل من المستوى الذي كان يأمله مستثمرو الأسهم، مما يشير إلى أن التقلبات التي اجتاحت السوق بعد انتعاش غير مسبوق على مستوى العالم من المحتمل أن تستمر.
رغم أن وزير المالية لان فوان وعد بمزيد من الدعم لقطاع العقارات المتعثر، وألمح إلى زيادة الاقتراض الحكومي لتعزيز الاقتصاد، إلا أن الإحاطة لم تقدم رقماً رئيسياً لحزمة تحفيز مالي جديدة كما كانت الأسواق تطمح. كما أن غياب حوافز جديدة لتعزيز الاستهلاك، الذي كان يشكل نقطة ضعف في الاقتصاد، يعد سبباً آخر قد يجعل المتداولين يشعرون بخيبة أمل.
قالت شين منغ، مديرة في بنك الاستثمار "شانسون آند كو" (Chanson & Co) ومقره في بكين: "بذلت الوزارة أقصى جهدها، ولكن هناك فجوة كبيرة بين ما أُعلن عنه وما كانت الأسواق تتوقعه. لذا فإن الشعور العام لدى المستثمرين سلبي".
نفد صبر المستثمرين الذين طالبوا بكين بالإعلان عن تدابير مالية ضخمة للمساعدة في الحفاظ على الانتعاش الذي أشعلته موجة التحفيز التي أطلقتها السلطات في أواخر سبتمبر. أغلق "سي إس آي 300"، وهو مؤشر الأسهم المحلية، على أكبر خسارة أسبوعية له منذ أواخر يوليو يوم الجمعة، مع ارتفاع التقلبات قبل المؤتمر الصحفي لوزارة المالية.
تراجع إضافي يهدد أسهم الصين
التراجع الإضافي في الانتعاش ينذر بتأجيج المخاوف من أن الأسهم تتجه نحو صحوة مزيفة أخرى، مما قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط البيعية. عانت السوق من دورات متكررة من المكاسب والخسائر في السابق بسبب النهج المجزأ الذي تتبعه بكين في التحفيز، والذي أسفر فقط عن انتعاشات قصيرة الأجل.
قال لان ونوابه يوم السبت إن الحكومات المحلية سوف يُسمح لها بإصدار سندات خاصة لشراء المنازل غير المباعة، وتحويلها إلى مساكن مدعومة، دون أن يحددوا قيمة أي تحفيز مالي إضافي. كما ألمح لان إلى إمكانية إصدار المزيد من السندات السيادية، وزيادة الإنفاق الحكومي، وهي خطوات قد تُعلن في وقت لاحق من الشهر الجاري، أو في أوائل نوفمبر.
قبل عطلة نهاية الأسبوع، توقع المستثمرون والمحللون الذين شملهم استطلاع "بلومبرغ" أن تقدم الصين ما يصل إلى تريليوني يوان (283 مليار دولار) في شكل تحفيز مالي جديد يوم السبت، بما في ذلك إعانات محتملة وقسائم استهلاك ودعم مالي للأسر التي لديها أطفال.
قالت بريتني لام، رئيسة استراتيجيات بيع وشراء الأسهم في شركة "ماجلان إنفستمنتس هولدينغز" (.Magellan Investments Holdings Ltd): "ما زال هناك مجال لمزيد من التحفيز المالي على الطاولة". أضافت: "في الوقت الحالي، من المرجح أن تشهد الأسواق المزيد من جني الأرباح".
يتوقع أن تزيد بيانات التضخم التي صدرت يوم الأحد قلق المستثمرين. فقد أظهرت البيانات أن أسعار المستهلكين في الصين ارتفعت بأقل مما كان متوقعاً في سبتمبر، بينما انخفضت أسعار التصنيع للشهر الرابع والعشرين على التوالي، مما يبرز الحاجة إلى مزيد من دعم السياسة المالية لمساعدة الاقتصاد على الخروج من الانكماش.
تراجع مؤشر "سي إس آي 300" بنسبة 3.3% في الأسبوع الماضي، لكنه لا يزال مرتفعاً بنسبة 21% عن إغلاقه في 23 سبتمبر، وهو اليوم نفسه الذي أعلن فيه البنك المركزي الصيني عن حزمة شاملة من الإجراءات التي شملت خفض سعر الفائدة ودعم السيولة للسوق. في هونغ كونغ، فقد مؤشر "هانغ سنغ تشاينا إنتربرايزس" 6.6% من قيمته في الأسبوع الماضي بعد أن ارتفع بأكثر من 30% في الأسابيع الثلاثة السابقة.
في حين أن الانتعاش الكبير في الأسهم الصينية دفع كلاً من "غولدمان ساكس" و"بلاك روك" إلى ترقية درجة السوق، فقد أثار أيضاً شكوكاً حول شركات أخرى مثل "إنفيسكو" و"مورغان ستانلي" التي ترى أن الأسهم قد ارتفعت بشكل مفرط وسريع جداً.
ماذا بعد ذلك؟
سيتحول اهتمام المستثمرين قريباً إلى المؤتمر الرئيسي القادم خلال الأسابيع المقبلة، حيث ستصدر هيئة البرلمان المسيطر عليها من الحزب الشيوعي، والتي تشرف على الميزانية، تفاصيل عن المزيد من التحفيزات. وفي اجتماعها في أكتوبر من العام الماضي، وافقت اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب على إصدار ديون سيادية إضافية ورفعت نسبة عجز الميزانية.
سيترقب المتداولون المزيد من التفاصيل بعد أن استخدمت وزارة المالية يوم السبت عبارات مثل "مبلغ كبير نسبياً" أو "مجال كبير نسبياً" لوصف الإجراءات، حسب ما قالته فرانسيس تشيونغ، محللة استراتيجية في "أوفرسيز تشاينيز بانكينغ" (Oversea-Chinese Banking Corp).
رداً على سؤال بشأن تفاعل الأسهم يوم الاثنين، قالت: "بشكل عام، من غير المرجح أن تتحمس السوق".
لم تتغير السندات السيادية الصينية كثيراً في ظل الإجراءات التي أُعلن عنها يوم السبت. بحلول منتصف النهار، محا العائد على السندات لأجل 10 سنوات انخفاضاً سابقاً بلغ نقطتي أساس، وفقاً للمتداولين الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مسموح لهم بالتعليق علناً على سوق الأسعار.
يرجح أن تؤدي الحملة المالية المعززة إلى الضغط على السندات الصينية، حيث إن ذلك يشجع المتداولين على تحويل الأموال إلى استثمارات أكثر خطورة توفر عوائد أفضل. كما أن زيادة المعروض من الديون قد تستنزف السيولة في النظام المالي، مما يجعل من الصعب على السوق استيعاب الكمية بأكملها.
كما يرجح أن ينخفض منحنى العائد؛ نظراً لأن إصدار الديون هذا العام قد يأتي دون توقعات السوق، حسبما قال شياوبنغ شينغ، محلل استراتيجي بارز في "أستراليا ونيوزيلندا بانكينغ غروب" (Australia & New Zealand Banking Group). أضاف: "نتوقع الإعلان عن إصدار سندات سيادية طويلة الأجل بقيمة تريليون يوان، وسندات محلية بتريليون يوان أخرى".