فضائح "غرينسل" و"غوبتا" تتجاوز الخسائر في لندن.. كيف ذلك؟

مبني شركة "غرينسيل" في لندن - المصدر: بلومبرغ
مبني شركة "غرينسيل" في لندن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

انهيار "غرينسل كابيتال" ليس مجرد فضيحة، وإنما يمكن أن تصل التكلفة الإجمالية على دافعي الضرائب البريطانيين إلى مليار جنيه إسترليني (1.4 مليار دولار) بسهولة، ولا سيما بسبب دعم الدولة للشركات التي يملكها أكبر عملاء "غرينسل"، المتمثلة في "جي إف جي ألاينس" (GFG Alliance) المترامية الأطراف العائدة لـ "سانجيف غوبتا".

وتعرض رئيس الوزراء السابق، ديفيد كاميرون، للكثير من النقد السياسي، وهو الذي عمل بعد مغادرته داونينغ ستريت، لدى ليكس غرينسيل، الذي كان يوماً ما مليارديراً.

ولكن هناك أسئلة يجب طرحها شمال الحدود أيضاً: ففي إسكتلندا على المحك ما هو أكثر من السمعة، أو حتى أموال دافعي الضرائب.

توسع أعمال "غوبتا" في إسكتلندا

اعتبر الحزب الوطني الإسكتلندي الحاكم انتخابات 6 مايو علامة فارقة في مسيرة لا هوادة فيها نحو الاستقلال الوطني.

وقالت الوزيرة الأولى، نيكولا ستورجيون، إن إسكتلندا لا تحتاج إلى سخاء لندن للوفاء بالتزامات الإنفاق الضخم للحزب الوطني الإسكتلندي (SNP)، رغم العجز الهائل.

هذا هو السبب في أن تعاملات الحزب الوطني الإسكتلندي (SNP) مع "غوبتا" تتطلب التدقيق.

إنها تتسبب في شكوك حول ما إذا كان مستعداً لتولي زمام دولة ذات سيادة - دولة تريد ثقة أسواق الائتمان على الأقل.

يمكن رؤية سبب ترحيب حكومة الحزب الوطني الإسكتلندي (SNP) بـ "غوبتا" الذي قام بتوسيع أعماله في المعادن والطاقة في إسكتلندا.

مصهر "لوشابر"

وبحلول عام 2016، عندما تم إبرام صفقة مع شركات "جي إف جي ألاينس" لشراء آخر مصهر للألمنيوم في المملكة المتحدة في المرتفعات الغربية، كان "غوبتا" في حملة شعواء لشراء الأصول وتم الترحيب به باعتباره "منقذ صناعة الصلب".

يعود تاريخ مصهر "لوشابر" إلى حوالي قرن من الزمان وهو الدعامة الأساسية للمجتمع المحلي، والذي يقع ضمن دائرة اهتمام الحزب الوطني الإسكتلندي (SNP) الرئيسية.

وأدى شراؤه من جانب "ريو تينتو" (Rio Tinto) إلى الحفاظ على حوالي 170 وظيفة وأنقذ أحد الأصول الصناعية المهمة.

ويعد المصهر في حد ذاته صغيراً جداً، حيث ينتج أقل من عُشر إنتاج مصهر ذي حجم لائق اليوم. لكنه مرتبط بمحطة للطاقة الكهرومائية توفر الكهرباء الرخيصة، وبالتالي يقلل التكاليف وانبعاث الكربون.

كانت هناك أيضاً خطط لإضافة حوالي ألفي وظيفة مباشرة، ووظائف في سلسلة التوريد مع تحديثات، ومنشأة جديدة لإنتاج العجلات المصبوبة، ما يضيف حوالي مليار جنيه إسترليني إلى الاقتصاد المحلي على مدى عقد من الزمان.

الصناعة الخضراء

وأصبح "غوبتا" أحد أكبر ملاك الأراضي في إسكتلندا من خلال عملية الشراء هذه. وتحدث عن الخطط الكبيرة وشغفه بالصناعة الخضراء وحبه الكبير للبلد.

كان محور الصفقة التي بلغت قيمتها 330 مليون جنيه إسترليني ضماناً حكومياً اسكتلندياً لاتفاقية شراء الطاقة لمدة 25 عاماً بين المصهر "ليبرتي ألمنيوم لوشابر"، والتي أصبحت الآن جزءاً من مجموعة "ألفينس ألمنيوم غروب" وشركة الطاقة الكهرومائية "سيمك لوشابرهيدروباور"، وكلتاهما شركتان في "جي إف جي".

وكانت "غرينسل" في منتصف الصفقة. واستحوذت على التزامات السداد غير القابلة للإلغاء التي تضمنها الحكومة (IPUs) لعقد الطاقة بسعر مخفض ثم قامت بطرحها كأوراق مالية، مما أعطى "غوبتا" التمويل الرخيص الذي يحتاجه لإكمال عملية الشراء.

قام "مورغان ستانلي" بتسويق طرح السندات، عند 294.6 مليون جنيه إسترليني، على أنه "فرصة نادرة للاستثمار في أصل إسكتلندي واضح وغير قابل للإلغاء مضمون من قبل الحكومة الإسكتلندية".

لكن هذا لم يكن يعني أن اسكتلندا تلوح بعلم سيادي كبير لأسواق السندات. لم يتم إدراج أوراق القسيمة الصفرية في أي بورصة وتم وضعها لاكتتاب خاص.

أشادت "ستورجيون" بالصفقة باعتبارها فصلاً جديداً في التصنيع الإسكتلندي. والتقطت صوراً مع "غوبتا" وهي تتلقى لوحة لأنها لم تترك شيئاً على حاله.

وليس من غير المألوف أن تقدم الحكومة ضمانات لاستثمارات البنية التحتية لتحفيز السوق.

وضعت حكومة المملكة المتحدة برنامجاً للقيام بذلك في عام 2012 عندما كانت ظروف الائتمان غير مواتية. ولكن يلزم وجود مجموعة واضحة من القواعد وعملية شفافة إلى جانب الإشراف المناسب.

"صفقة غامضة"

كانت صفقة "لوشابر" غير عادية، من حيث تعقيدها وغموضها. وكان الضمان الحكومي، وفقاً لإعلان المستثمر في ذلك الوقت، غير مرتبط بمقاييس الأداء أو التسليم الفعلي للطاقة. يمكن ممارسته عند عدم تمكن "ليبرتي" من الدفع. تمت الموافقة على الصفقة من قبل لجنة مشتركة بين الأحزاب في "هوليرود".

إن دعم الحفاظ على الوظائف والأصول الصناعية قوي في اسكتلندا، رغم أن المرء يتساءل عن مدى دقة الفحص الدقيق لهذه الصفقة المعقدة.

وقامت شركة "إيرنست آند يونغ" بتنقيح إجراءات العناية الواجبة بالكامل تقريباً عند نشرها للعامة. دعت شركة التدقيق الإسكتلندي مراراً وتكراراً حكومتها إلى وضع معايير واضحة لإجراء صفقات القطاع الخاص.

وقال فيرغوس أيوينج، الراعي الوزاري الرئيسي لغوبتا (الذي يواجه أسئلة حول ما إذا كان تناوله للعشاء مع غوبتا وغرينسيل تخالف القواعد)، إن الحكومة تلقت تأميناً "مهماً للغاية" لضمانها. أخبرتني الحكومة أنه لم يتم طلب الضمانات حتى الآن. وقدرت حساباتها قيمة الضمان بين 14 مليون و32 مليون جنيه سنوياً طوال سريان العقد.

ومع ذلك، فإن الآمال الكبيرة المعقودة على "لوشابر" لم تتحقق. وفي العام المالي الماضي، حصلت الحكومة على مخصصات بقيمة 36.7 مليون جنيه تتعلق بالضمان.

وأخبر إيوينج المشرعين أنه تم إنشاء 40 وظيفة جديدة، ما رفع إجمالي الوظائف هناك إلى ما يزيد قليلاً عن 200 وظيفة.

وألغيت خطة مصنع العجلات المعدنية بسبب الظروف السيئة في صناعة السيارات. بدلاً من ذلك، تخطط الشركة لبناء مرافق جديدة لقضبان الحديد والتعليب.

واشتكت رودا غرانت، عضو حزب العمال في البرلمان الإسكتلندي، لإيوينج من أن غوبتا لم يف بالتزامه تجاه المجتمعات المحلية.

تقول "جي إف جي" إن عملياتها للصلب والتعدين في أوروبا تحقق أرباحاً قياسية على خلفية الانتعاش العالمي.

يقول متحدث باسم "ألفانس": "جميع مدفوعات الطاقة بموجب الترتيبات طويلة الأجل التي تكون فيها الحكومة الإسكتلندية شريكاً محدثة تماماً".

ويقول إن استثماراً جديداً بقيمة 94 مليون جنيه سوف يضاعف إنتاج الألمنيوم في المصهر ويقلل من انبعاثات الكربون.

من المؤكد أن محطة الطاقة الكهرومائية هي أحد الأصول القيمة. لكن الجدوى المستقبلية لعمليات "جي إف جي" تعتمد على نجاح "غوبتا" في ترتيب تمويل جديد بعد انهيار "غرينسيل". ويبدو هذا الأمر صعباً بشكل متزايد مع طرح المزيد من الأسئلة حول الفواتير والممارسات الأخرى.

صعوبات في الحصول على التمويل

أفادت بلومبرغ أن أربعة بنوك - بما في ذلك "سبير بنك" و"ماغواير غروب" و"غولدمان ساكس غروب" - توقفت عن العمل مع شركات تجارة السلع العائدة لغوبتا في وقت مبكر من عام 2016 بسبب مخاوف من أن وثائق الشحن الخاصة بها لا تتوافق مع ضمان الإقراض.

ستزيد التقارير التي صدرت خلال عطلة نهاية الأسبوع عن ممارسات التداول الدائرية من شركة "جي إف جي" للصلب في ويلز والأسئلة حول كيفية تدقيق الشركات ستزيد من عدم ارتياح المستثمرين بشأن إقراض "جي إف جي".

دحضت "جي إف جي ألاينس" أي تلميح عن ارتكابها لمخالفات وقالت: "لم يتم ترك أي مؤسسة مالية مفلسة" بعد إقراض شركات السلع. ومع ذلك، فإن انهيار "غرينسل" يعني المزيد من التدقيق على شركات "غوبتا".

لم تكن هناك سندات لتمويل شراء "لوشابر" بدون دعم الحزب الوطني الإسكتلندي (SNP)، وكان الدعم الاسكتلندي لـ "غوبتا" يتمتع بمساندة بريطانية أكبر، كما أشارت "موديز" بصراحة عندما قالت إن تصنيف السندات على مستوى الاستثمار "مرتبط بشكل أساسي بتصنيف حكومة بريطانيا".

بغض النظر عما يحدث مع مجموعة شركات "غوبتا" المترامية الأطراف، فإن صفقة "لوشابر" هي تذكير بأن الحزب الوطني الإسكتلندي (SNP) سيكون أمامه بعض الخيارات المالية الصعبة التي يتعين عليه القيام بها إذا ما حصلت اسكتلندا على الاستقلال.

من الجيد أن تترك "جهداً دون أن تبذله" لإنقاذ الوظائف. لكن بدون قيود من المملكة المتحدة وفي حاجة إلى التمويل، ستجد اسكتلندا أن الأسواق تتطلب سجلاً جيداً ونهجاً دقيقاً في المالية العامة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة