هل كانت شركات التجارة والمدفوعات الرقمية بحاجة إلى تدخُّل الرقابة في الصين؟

آنت غروب الصينية - المصدر: بلومبرغ
آنت غروب الصينية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

- مقال رأي

الاتجاه يسير نحو مزيد من التشديد وفرض للوائح تنظيمية صارمة من السلطات الصينية على النظام المالي، إذ طالت تلك التدابير عمالقة شركات التجارة الإلكترونية والرقمية مثل "علي بابا" و"تينسنت" إلى جانب "D.com". وأدت هذه التدابير إلى خسارة مليارات من قيم أسهم هذه الشركات في الخارج. وقد تبدو الحاجة ماسَّة إلى هذا النوع من الإجراءات لضبط أداء ومراقبة أنشطة الشركات العاملة في سوق هائلة الحجم للمدفوعات الرقمية كالصين.

ويمكن النظر إلى حجم تلك الشركات إذا ما عرفنا أن المجموعات التقنية المالية عالجت معاملات بقيمة 210 تريليونات يوان من المدفوعات في الأشهر التسعة الأولى من عام 2020، بما يمثل ضعف المبلغ المحقَّق لعام 2016. ويضاف إليها الطفرة غير المسبوقة في التمويل والخدمات المصرفية التي تغطّي مجموعة واسعة من الخدمات المالية المتاحة عبر الإنترنت مثل تحويل الأموال والإقراض من نظير إلى نظير والتمويل الجماعي، وهو ما نتج عنه فوضى في مجال الإقراض.

وزادت الاتهامات والشكاوى المقدمة للمراقبين ضد الشركات التي أساءت استخدام بيانات المستهلكين، وهو أمر ألحق بالمنصات القوية أضراراً أثّرت فيها. وفي حين تصاعد ارتفاع الدين الداخلي الصيني إلى 335% من الناتج الإجمالي بنهاية عام 2020 وفقاً لمعهد التمويل الدولي، أثار ذلك بالفعل قلق صندوق النقد الدولي. أما عن توقيت مثل هذه الإجراءات التي يشار فيها دائماً إلى دور محتمَل للحزب الشيوعي الحاكم لكونه يمسك بقبضة من حديد على مفاصل الحياة الاقتصادية كافةً في الصين.

انتقادات جاك ما للنظام في الصين

لا بد من الإشارة إلى التصريح الشهير لجاك ما، المؤسس المشارك لشركة "علي بابا"، في أكتوبر من العام الماضي وانتقاده المنظمين الصينيين علناً لتحذيراتهم المتزايدة بشأن الذراع المالية لشركته "آنت غروب" (Ant Group). وهذه المنصة منتشرة في كل مكان في الصين وتُستخدَم لشراء كل شيء، من الوجبات الغذائية إلى سيارات الأجرة ومحلات البقالة وتذاكر السفر. فعلى ما يبدو أن جاك ما، كان يستشعر قدوم مثل هذه الحزمة من التدابير، وأن الهدف الواضح منها هو منع الاحتكار، وكونها تتصادم مع طموحات شركات السيد جاك ما إلى التوسع أكثر في السوق. ورغم أن الحكومة الصينية كانت قد سبق لها أن أدخلت قانون مكافحة ممارسات الاحتكار في أغسطس من عام 2008، فإنها كانت مترددة في تطبيق القواعد ضد شركات التكنولوجيا في ذروة ازدهارها من خلال خدمات الإنترنت في الصين. ولكن في عام 2020 بدأ التركيز على نظام مكافحة الاحتكار الخاص بشركات التكنولوجيا الكبيرة في الصين يزداد، إذ شهد قطاع التكنولوجيا المالية ظهور أشكال جديدة من السلوك الاحتكاري، حيث تتمتع الشركات الكبيرة غالباً بمزايا البيانات التي تسيء استخدامها، إذ تمكّنها من إعاقة سياسة المنافسة العادلة، وبالتالي الاستحواذ على حصة الأسد في السوق.

ومن الضروري هنا الإشارة إلى أن الحكومة الصينية أكدت بوضوح أنه على الشركات التي تعتزم المشاركة في صناعة التمويل عبر الإنترنت في الصين تقييم الفوائد والمخاطر بعناية ومراقبة مزيد من التطورات التنظيمية في هذا القطاع. وأكدت الصين تصنيف بيانات العملاء كعامل إنتاج مهمّ جداً لنجاح هذه الشركات والمنصات. فمن الواجب الحفاظ على سرية وخصوصية بيانات الأفراد لدى تلك الشركات، وتحسين إجراءات تداول تلك البيانات وتسعيرها العادل، وهو إجراء من الإجراءات الهادفة إلى كسر احتكار وهيمنة اللاعبين الكبار في السوق الصينية، وبالتالي إحكام القبضة على هذه المنصات.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات
الآراء الأكثر قراءة